الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

أرشيف "النهار" - السادات يحاول استمالة وايزمان بمشروع جر مياه النيل الى النقب

المصدر: أرشيف "النهار"
Bookmark
أرشيف "النهار" - السادات يحاول استمالة وايزمان بمشروع جر مياه النيل الى النقب
أرشيف "النهار" - السادات يحاول استمالة وايزمان بمشروع جر مياه النيل الى النقب
A+ A-
15 محمد ابرهيم كامل "لا يمكن ان احلف اليمين امام بيغن مهما حدث". (وزير الخارجية المصري لرئيس الجمهورية) كانت واشنطن تتابع زيارة القدس في حالة من النشوة لم تخل من هواجس حول نهاية هذا المشهد الدرامي الهائل الذي جرى في القدس. وكتب بيغن الى كارتر يخطره بما حدث، وكذلك فعل الرئيس السادات، وفي حين كان بيغن متحفظاً، فان الرئيس السادات كان مندفعاً يريد ان يحتفظ بالمبادأة في يده، ويريد ان يحافظ على ايقاع الحركة. وقد قال كارتر انه يفكر في ثلاث خطوات متلاحقة: 1- الترتيب لاجتماع ثان بين التهامي وديان تحت رعاية ملك المغرب لاستيضاح اسرائيل النقاط الغامضة في لقائهما السابق، وبالذات ما فهمه التهامي من ديان من ان الانسحاب من الاراضي المصرية ليس مشكلة. 2- وهو بعد ذلك يريد ان يرتب لمؤتمر في القاهرة يدعو اليه كل القوى المعنية مباشرة بالصراع في الشرق الاوسط، وبينها سوريا وفلسطين، لكي يقوم بالبناء على الاساس الذي وضعه في القدس(!). 3- وهو - ثالثاً - يريد دعوة بيغن الى لقاء معه في الاسماعيلية لتزداد معرفة كل منهما بالآخر وليرسما خطاً للعمل المشترك نحو السلام. كان كارتر يرى استحالة تخلف الولايات المتحدة عن الموكبين السياسي والاعلامي الهائلين اللذين بدآ في القدس، وكانت اغراضه انتخابية في الغالب. واما فانس فقد كان مع رئيسه في ان الولايات المتحدة لا تستطيع ان تتخلف. لكنها مطالبة اكثر من غيرها بأن تدفع الامور برقة الى طريق متوازن، والا فان السلام لن يجيء الى الشرق الاوسط وسوف تشهد المنطقة صراعاً عربياً - عربياً يتقاطع مع صراع عربي - اسرائيلي، ولن تصل المنطقة الى سلام وان عقدت مصر واسرائيل صلحاً منفرداً. واعد فانس مذكرة للرئيس كارتر (طبقاً لأوراق البيت الابيض) لخص فيها عناصر الموقف كما يراها على النحو الاتي: 1- ان دور الولايات المتحدة كوسيط لم يعد الآن مهماً ولا مركزياً. 2- ان انعقاد مؤتمر جنيف في هذه الظروف لم يعد امراً محتملاً. 3- ان كلاً من مصر واسرائيل تعتقد بضرورة تجنب كل من سوريا والسوفيات. 4- ان الدعم السعودي لموقف السادات مهم (اقتصادياً على الاقل)، ولو ان السادات لا يريد من الولايات المتحدة ان تكون رسولاً بينه وبين السعوديين. 5- ان القطيعة بين الرئيس الاسد والرئيس السادات كاملة الآن. ولكن على الولايات المتحدة ان تحاول بكل الوسائل اقناع سوريا بالا تنضم الى جبهة الرافضين للسلام. 6- ان الاردن في وضع صعب، وهو يخشى عواقب اتفاق مصري - اسرائيلي منفصل. وقرر كارتر ان يبعث بفانس مرة اخرى الى الشرق الاوسط للبحث في ما يمكن عمله لاستعادة زمام الموقف. وكان كارتر يرى اكثر من السادات حقائق الموقف الاسرائيلي، ويعرف في قرارة نفسه ان اسرائيل لن تقدم الى السادات رداً على مبادرته يرتفع الى مستواها. وكان فانس نفسه حائراً في شأن ما يريد الرئيس السادات تحقيقه، وقال لكارتر: "ان الرجل يتبع سياسة تقوم على اساس seeing is believing اي ان ما تراه العين هو الحقيقة وان يكن نوعاً من خداع البصر". وكان في واشنطن احساس عام بالخوف من حدوث نكسة اذا ما افاق الرئيس السادات الى ان مبادرته لم تغير شيئاً في الموقف الاسرائيلي. ان الرئيس السادات كانت لديه الفرصة ليتحقق من ذلك فعلاً. ففي اجتماع حسن التهامي مع ديان في الرباط مرة ثانية لم تؤد الاسئلة عن اجتماعهما السابق الى شيء، ورأى الملك الحسن ان المستقبل اولى بالاهتمام. وبدأ ديان حديث المستقبل، وكان لديه سؤال واحد محدد راح يدور حوله ويعود اليه باستمرار، وهو هل مصر مستعدة الآن لتوقيع اتفاق صلح منفرد مع اسرائيل يوضع اساسه في المؤتمر الذي دعا اليه الرئيس السادات في القاهرة؟ ولم يكن حسن التهامي يعرف عن اجتماع القاهرة ما يتعدى فكرته العامة كما سمعها من الرئيس السادات. وانتقل المسرح الى القاهرة حيث انعقد فيها ذلك المؤتمر الذي اطلق عليه "مؤتمر مينا هاوس"، ولم يحضره احد من الاطراف العرب المدعوة اليه. ولم يكن العرب فقط هم الذين يرفضون الحضور، وانما كان الاسرائيليون ايضاً يملون شروطهم حتى على ترتيبات الاجتماع. ومن ذلك ان الياهو بن اليسار مدير مكتب بيغن ورئيس الوفد الاسرائيلي الى مؤتمر القاهرة، لمح علماً فلسطينياً مرفوعاً على سارية ضمن الاعلام الاخرى المرفوعة رمزاً الى الاطراف المدعوين الى اجتماع مينا هاوس. وذهب الياهو بن اليسار الى رئيس الوفد المصري قائلاً له انه لمح في ساحة الفندق علماً غريباً لا يعرفه، وهو يطلب رفعه او رفع العلم الاسرائيلي، وفي هذه الحالة فانه لن يخطو الى قاعة الاجتماعات. وفي اللقاء الذي رتبه الرئيس السادات في الاسماعيلية "ليزداد معرفة بمناحم بيغن" وليشتركا معاً في رسم خط التسوية، فان الرئيس السادات لم يكن أمامه غير ان ينظر الى الحقيقة في وجهها، ومع ذلك فقد اختار ان يشيح بوجهه عنها على رغم انها كانت ملء الصورة، والصورة بعرض الافق! كان اجتماع الاسماعيلية نموذجاً لاجتماعات اخرى تلته، سواء على مستوى الرؤساء او على مستوى اقل من مستوى الرؤساء. وجاء مناحم بيغن اليه يحمل رده على مبادرة الرئيس السادات، متمثلاً في مشروع معتدل لحل عرضه على الرئيس كارتر، وجاء الدور الآن لعرضه على الرئيس السادات. ان الشاهد الرئيسي على مؤتمر الاسماعيلية هو وزير الخارجية الذي اختاره السادات قبل المؤتمر مباشرة، واستدعاه الى الاسماعيلية ليكون اجتماعه مع بيغن هناك بداية لمهامه الرسمية واشتراكه في عملية صنع السلام. ويروي محمد ابرهيم كامل في مذكراته انه كان قبل اعلان تعيينه وزيراً للخارجية سفيراً في بون. وقد جاء الى القاهرة يوم 24 ديسمبر (كانون الاول) 1977 ليعد لزيارة ينتظر ان يقوم بها المستشار الالماني هيلموت شميت لمدة يومين للقاهرة. ثم فوجئ باعلان في الاذاعة والتلفزيون يقول انه عين وزيراً للخارجية خلفاً للسيد اسماعيل فهمي. وبعد مقابلة بينه وبين السيد ممدوح سالم رئيس الوزراء الذي ابلغه تعيينه رسمياً، اتصل به نائب رئيس الجمهورية حسني مبارك ليبلغه ان الرئيس السادات يريده غداً للمشاركة كوزير للخارجية في محادثات الاسماعيلية المقرر عقدها في الساعة الحادية عشرة من صباح الغد بين الوفد المصري برئاسة انور السادات والوفد الاسرائيلي برئاسة مناحم بيغن. وفي صفحة 40 وتحت عنوان "لقاء الاسماعيلية" كتب محمد ابرهيم كامل بالنص: "توجهنا الى مطار ألماظة الحربي حيث قابلت السيد حسني مبارك وركبنا طائرة هليكوبتر حربية توجهت بنا الى الاسماعيلية حيث وصلنا الساعة التاسعة والنصف. وفي استراحة الاسماعيلية التي اختيرت مكاناً للمحادثات، قابلت عدداً من الاصدقاء والزملاء اعضاء الوفد المصري وهم الدكتور عصمت عبد المجيد مندوب مصر لدى الأمم المتحدة، وحسن كامل رئيس الديوان الجمهوري، والدكتور بطرس غالي وزير الدولة للشؤون الخارجية، والدكتور اسامة الباز الذي عين مديراً لمكتب نائب رئيس الجمهورية بعد استقالة اسماعيل فهمي مع احتفاظه بعمله في وزارة الخارجية. سألت الدكتور عصمت عبد المجيد ان يلخص لي ما دار في مؤتمر القاهرة التحضيري للسلام الذي دعا اليه الرئيس السادات والذي عقد في فندق مينا هاوس في مواجهة الاهرام ولم يحضره غير الجانب المصري والاسرائيلي والاميركي حيث رفضت كل من سوريا والاردن ومنظمة التحرير الفلسطينية حضوره. وما كاد يشرع في الحديث حتى استدعيت لمقابلة الرئيس السادات الذي كان ينتظرني في حديقة الاستراحة جالساً يستمتع بدفء الشمس الساطعة. وقد رحب بي بحرارة وذكر انه لم يكن يعلم بوجودي، وكان يظن اني ما زلت في بون. ......... ......... ثم انساب في حديث طويل عن المتناقضات القائمة بين الدول العربية، وبخاصة الرئيس السوري حافظ الاسد الذي ضاق به ذرعاً، وموقف الاتحاد السوفياتي الذي يسعى الى اسقاطه شخصياً ويعمل على تخريب اي جهد للخروج من الحلقة المفرغة التي يدور فيها النزاع العربي - الاسرائيلي، وانه لا يستطيع ان يستمر في ربط مصر بعجلة القافلة العربية التي تشتعل فيها نيران الغيرة والغدر والمنافسات على الزعامة والمزايدات. ثم حضر حسن كامل ليبلغ الرئيس وصول طائرة اعضاء الوفد الاسرائيلي الى الاسماعيلية، فتركني السادات ليتأهب لاستقبالهم. وبعد وصول اعضاء الوفد صحبه الرئيس السادات الى غرفة الاستقبال بالاستراحة حيث قدمت اليهم بعض المرطبات، ولم يلبث ان حضر حسن كامل ليبلغني ان الرئيس يطلبني لحلف اليمين كوزير للخارجية. واضاف ان السادات يعتزم ان يشارك مناحم بيغن واعضاء الوفد الاسرائيلي في مراسم حلف اليمين كتعبير عن روح الود والسلام. وصدمت من الذهول. وطلبت منه ان يبلغ الرئيس السادات ان مثل هذا لم يقع في العالم من قبل، واني لن اقوم بحلف اليمين امام الاسرائيليين مهما حدث. وعاد حسن كامل ضاحكاً وابلغني ان الرئيس وافق على رأيي، وذهبت معه الى غرفة الاستقبال حيث كان يجلس السادات مع مناحم بيغن وبعض معاونيه، فاستأذن منهم وتوجه الى ركن الغرفة، ووقف الى يمينه السيد حسني مبارك والى يساره السيد ممدوح سالم، وقمت بحلف اليمين. ولم أكد انتهي حتى جاء مناحم بيغن واعوانه وصافحوني مهنئين. ثم اتجه السادات ومعه بيغن الى اجتماع مغلق بينهما"... ............. .............". ويمضي محمد ابرهيم كامل في روايته، فيقول تحت عنوان "الاحساس بالغيظ" (صفحة 43): "ان اعضاء الوفدين المصري والاسرائيلي جلسوا ينتظرون الاجتماع المغلق بين السادات وبيغن. ثم فتح الباب ودخل السادات وبيغن، وفوجئت بمناحم بيغن ويده مشتبكة في يد السادات الذي قال انه اتفق مع بيغن على تأليف لجنتين: الاولى سياسية برئاسة وزير الخارجية المصري ووزير الخارجية الاسرائيلي وتعقد جلساتها في القدس، والثانية عسكرية برئاسة وزيري دفاع البلدين وتعقد جلساتها في القاهرة. وشعرت ان السادات وبيغن قد وضعا العربة قبل الحصان، اذ كان مفروضاً ان يأتي مثل هذا الاتفاق كنتيجة للمحادثات بين البلدين وليس قبلها. واحسست بالغيظ من السادات. لماذا وافق على لجنتين؟ ألم يكن المنطق يقضي بالبدء بالاتفاق بين الطرفين على الأسس التي يمكن ان يقوم عليها السلام، وهذا موضوع سياسي بحت؟ فاذا تم الاتفاق على ذلك يمكن عندئذ تأليف اي عدد من اللجان يتطلبها وضع بنود هذا الاتفاق السياسي موضع التنفيذ. ........... ........... وبدأ بيغن حديثه في الجلسة الرسمية فقال انه والرئيس السادات عقدا اجتماعاً ثنائياً مفيداً للغاية. وهو يريد في هذا الاجتماع الرسمي بحضور الوفود ان يضع موقفه على المائدة. ثم استطرد: "ان الرئيس السادات شخصية عظيمة وهو يملك ثقة الشعب المصري كاملة. ومن سوء حظي ان هذا الامتياز لا يتوافر لي. فانا مقيد ببرنامج حزبي الذي خضنا الانتخابات على أساسه، كما انني مقيد ايضاً بالبرنامج الموحد لجبهة الليكود وبرنامج الحزب يضع امامي ثلاثة خطوط لا استطيع تجاوزها: اولاً - ان حق الشعب اليهودي في ارض اسرائيل غير قابل للطعن. ولا يمكن لأحد ان يفرض علينا مشروعاً يسفر عن تقسيم ارض اسرائيل المحررة. انني ذكرت ذلك وقد وافقني الرئيس السادات عندما كنا...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم