الثلاثاء - 16 نيسان 2024

إعلان

"نيويورك نيويورك" لشارل إيلي كوتور في ضيافة صاحب "المقبرة البحرية"

المصدر: "النهار"
سيت (جنوب فرنسا)- أوراس زيباوي
"نيويورك نيويورك" لشارل إيلي كوتور في ضيافة صاحب "المقبرة البحرية"
"نيويورك نيويورك" لشارل إيلي كوتور في ضيافة صاحب "المقبرة البحرية"
A+ A-

يحتضن متحف الشاعر بول فاليري في مدينة سيت في الجنوب الفرنسي معرضاً جديداً للفنان التشكيلي الفرنسي شارل إيلي كوتور، المعروف أيضا بصفته مغنياً وشاعراً، هو محصلة تجربة عاشها الفنان أثناء إقامته في مدينة نيويورك التي ذهب إليها في العام 2003 وبقي فيها أكثر من عقد من الزمن.

تتجلى في هذه الأعمال نظرة الفنان الى المدينة وهندسة عمارتها وصخب شوارعها، وهي مجسدة من خلال خطوط وألوان نزقة ومتفجرة تحاكي إيقاع المدينة المتسارع، بل وتعكس أيضاً الحال النفسية التي كان يعيشها الفنان. بعض الأعمال ينطلق من صور فوتوغرافية تعاد صياغتها بالريشة التي تأخذها الى ألوان ومساحات وفضاءات أخرى. هناك أعمال تقترب من رسوم الغرافيتي التي كانت تطالعه في الشوارع والساحات أو داخل أنفاق المترو، وتتألف من خطوط وألوان ومن بعض الكلمات والأحرف. الجامع بين كل هذه الأعمال هو الحضور الإنساني فيها من خلال الوجوه خصوصاً التي تشكل أحياناً واجهة اللوحة، وتمثّل نيويورك خلفية لها. في بعض الأعمال القليلة، تغيب المدينة وراء وجه مبهم لتصبح جزءاً من ملامحه وقسماته، فتطالعنا إشارات المرور والخطوط البيضاء على اسفلت الشوارع بدلاً من العينين والفم. هكذا يتماهى الوجه مع المدينة ويتحد بها فلا يعود ثمة فاصل بينهما. وتصبح اللوحة نقطة عبور نحو الداخل، تتجمع فيها أسئلة الفنان كلها حول الموقع الذي يحتله الانسان في المدينة وفي العالم.

تجربة شارل إيلي كوتور لا تنفصل عن علاقته بالكتابة والموسيقى. ويأتي المعرض مواكباً لأفكار الفنان الذي التقينا به على هامش معرضه فتحدث عن معنى الفن بالنسبة إليه وكيف أنه "لحظة انتقال بين المرئي واللامرئي ونفحة هواء منعشة في الممر الذي يجمع بين الواقع الخارجي والعالم الداخلي. كيف أن الفن هو باب للنجاة حين يكون واحدنا في لحظة هلع، ليس الهلع الآتي من الخارج وتناقضاته وظروفه بل أيضاً ذاك الذي يفد من داخل الانسان نفسه، حين تثور فجأة كبركان".

يختم شارل إيلي كوتور أنه لا ينكبّ على عمله الفني دفعة واحدة، بل "اجيء إليه وأتركه مرارا مثل مجرم قلق أعود الى المكان الذي اقترفت فيه عملي". هذه التأملات والأفكار تلازم الفنان حين يرسم أو يكتب أو يؤلف الموسيقى وهي بالنسبة إليه جزء لا يتجزأ من نتاجه.

ليس غريبا أن يخصص متحف بول فاليري معرضاً لهذا الفنان المتعدد الذي يجوب عدداً من الفنون معاً في رحلة من تساؤلات لا تنتهي. فمتحف بول فاليري لطالما عرض أعمالاً لفنانين يأتون من هذا المجال المتعدد ولا بد أن نذكر أخيراً أن المتحف وهو أحد المتاحف النشطة في الجنوب الفرنسي ويضمّ، بالإضافة الى مجموعاته الفنية وصالة مخصصة لصاحب قصيدة "المقبرة البحرية" الشهيرة، صالة تحمل اسم الشاعر اللبناني باللغة الفرنسية صلاح ستيتية، تحتضن جزءاً من مجموعته الفنية الخاصة ومن مخطوطاته.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم