الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

إلى أنسي الحاج: سأعلّمكَ من الآن فصاعداً أن تحبّ الشتاء

عقل العويط
عقل العويط
Bookmark
إلى أنسي الحاج: سأعلّمكَ من الآن فصاعداً أن تحبّ الشتاء
إلى أنسي الحاج: سأعلّمكَ من الآن فصاعداً أن تحبّ الشتاء
A+ A-
في 18 شباط 2014، أي قبل خمسة أعوام، معدودةً بالجوارح، بالدقائق والساعات والأيام والأحوال، توفي أنسي الحاج (1937-2014)، تاركاً الأرض لأهل الأرض، والأوجاع لأهل الأوجاع. هو، حالياً، حيث يجب أن يكون، صحبتُهُ الينابيع، والقصائد التي لم يكتبها، وهي من النوع الذي يظلّ يتدفّق في أنهار الأبد، من دون أن يعتري شِعرها نشافٌ أو نضوب.لم يكن من الضروري أن أمتحن أمزجتكَ الشقيّة مجدّداً لأعرف أنكَ لا تحتاج إليَّ في 18 شباط من كلّ عام. ولا في 18 شباط هذا، وفي هذه السنة بالذات. لكنْ، كان ينبغي لي، على رغم ذلك، أن أظلّ أتفقّدكَ باستمرار، لطبعٍ مقيمٍ فيَّ، أو لعهدٍ، وليس لأيّ سببٍ آخر. اعرَفْ جيّداً، أني أفعل ذلك، لا على سبيل الذكرى، ولا لأمسح وحشة الكتب والكلمات بحنان الأيدي. وصدِّقني، لا لأغطّيها بالجمر الساهر الأكيد، وإنّما لأفتح النوافذ، وأشرّع وجهكَ الطريّ على جنون الحبق وفتنة الناعس الهواء، وعلى نعمة الحرية.كنتَ تُحبّ الضوء. ولا تزال. ولطالما كانت تؤلمكَ العتمة والطفولة والذكريات. وكنتَ، في كلّ حال، لا تستسيغ العواطف التي يولمها لكَ الأصدقاء، وخصوصاً منها تلك التي تنضح بلا مُقابلٍ أو حساب. كنتَ، في هذا الشأن، فظّاً إلى حدٍّ لا يوصف، ولم يكن ثمّة تفسيرٌ منطقيٌّ لمثل هذا التصرّف، سوى أن الحبّ المُهدى إليكَ، كما تُهدى شمسٌ لعينين ضئيلتين، كان يفضح صلابتكَ الهشّة. ولَكَم كان مثل هذا الحبّ يعرّيكَ، ويجعلكَ أعزل أمام فداحة النور وجنون العاصفة. للألم مكانٌ بيننا. لكنّه مكانٌ أمين. فلا غشّ. ولا طعن. ولا ذئاب. هنا الحياة مخشّبة. الأوقات مخشّبة. والأعمار كذلك. لن تعوزني السبل لكي أجد شيئاً كثيفاً يعزّيكَ، أو لكي أصرف انتباهكَ عن الارتطام بالقعر. لن...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم