الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

المطبخ اللبناني ورواية "الأخوة كارامازوف"!

هنادي الديري
هنادي الديري https://twitter.com/Hanadieldiri
Bookmark
المطبخ اللبناني ورواية "الأخوة كارامازوف"!
المطبخ اللبناني ورواية "الأخوة كارامازوف"!
A+ A-
ها هي "ستّي إم الياس" بحجابها الرماديّ التي لم أشاهدها يوماً من دونه، وتجاعيدها "المُتغضنة" التي تربّصت خلفها عشرات الحكايات (التي ستكون الروح ناقصة نقصاناً هائلاً من دون صداها)، والمواقف المصيريّة التي تجسدّت برشّة صغيرة من الفلفل الأسود و الكميّة الصحيحة من الكمّون والكزبرة وجوزة الطيب في الأطباق المُتقنة التي أرادتها تُحفاً فنيّة رفضت رفضاً قاطعاً أن تكون مكوّناتها مفرومة بطريقة عشوائيّة أو أن تكون "تتبيلتها" أقل من "قوّة سحريّة" تغوي البطن والنظر. "ستّي إم الياس" التي عبّرت من خلال الساعات الطويلة التي أمضتها يومياً "هيّي وغاطسة" في صنع الفتّوش وتحضير الفلافل وصحن المجدرة لأولادها ال8 وجدّي "أبو الياس يالّلي ما بيعجبو عجب"، عن هذا الحُب "البرّاق" والساحق الذي رسمت صورته في المطبخ، تقتحم الذاكرة...و"هالّلبنة المتوّمة وشويّة نعنع يابس". "ستّي إم الياس"، بإنتصاراتها المطبخيّة وخيباتها وإخفاقاتها ونوادرها المُزخرفة بالسمّاق ورائحة الزوباع البرّي، و"البيض المقلي بزيت الزيتون" و"المنقوشة بزعتر" التي أصرّت على تحضيرها والتفنّن في تحويلها مقطعاً أدبياً من قصّتها داخل المطبخ، ومن الألف للياء في منزلها المتواضع في الكورة قبل أن"تُلوّنه" النيران الراقصة في "فرن الضيعة". ها هي "أم الياس" تضيء مصباح أيامها في مكان ما في رواق الذاكرة، وتُهدّئ خواطر أفراد العائلة المشحونة بالهموم اليوميّة من خلال "طنجرة فاصوليا حمراء تطهيها على نار خفيفة"، و"كل واحد يا ستّي همّو ع قدّو".المطبخ هو في الحقيقة الرواية الأدبيّة الشاهقة في نزواتها، والفستان المُخمليّ المطرّز...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم