الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

المطبخ اللبناني ورواية "الأخوة كارامازوف"!

Bookmark
المطبخ اللبناني ورواية "الأخوة كارامازوف"!
المطبخ اللبناني ورواية "الأخوة كارامازوف"!
A+ A-
ها هي "ستّي إم الياس" بحجابها الرماديّ التي لم أشاهدها يوماً من دونه، وتجاعيدها المتغضنة وقد تربّصت خلفها عشرات الحكايات التي ستكون الروح ناقصة نقصاناً هائلاً من دون صداها، والمواقف المصيريّة التي تجسدّت برشّة صغيرة من الفلفل الأسود والكميّة الصحيحة من الكمّون والكزبرة وجوزة الطيب في الأطباق المُتقنة التي أرادتها تُحفاً فنيّة رفضت رفضاً قاطعاً أن تكون مكوّناتها مفرومة بطريقة عشوائيّة أو أن تكون "تتبيلتها" أقل من "قوّة سحريّة" تغوي المذاق والنظر والبطن."ستّي إم الياس" التي عبّرت من خلال ساعات طويلة كانت تمضيها يومياً "هيّي وغاطسة" في صنع الفتّوش وتحضير الفلافل وصحن المجدرة لأولادها الـ8 ولجدّي "أبو الياس يالّلي ما بيعجبو عجب"، عن هذا الحُبّ "البرّاق" والساحق الذي رسمت صورته في المطبخ، تقتحم الذاكرة و"هالّلبنة المتوّمة وشويّة نعنع يابس". "ستّي إم الياس"، بانتصاراتها المطبخيّة وخيباتها وإخفاقاتها ونوادرها المزخرفة بالسمّاق ورائحة الزوباع البرّي، و"البيض المقلي بزيت الزيتون" و"المنقوشة بزعتر" التي أصرّت على تحضيرها والتفنّن في تحويلها مقطعاً أدبياً من قصّتها داخل المطبخ، ومن الألف إلى الياء في منزلها المتواضع في الكورة قبل أن"تُلوّنه" النيران الراقصة في "فرن الضيعة". ها هي "أم الياس" تضيء مصباح أيامها في مكان ما في رواق الذاكرة، وتُهدّئ خواطر أفراد العائلة المشحونة بالهموم اليوميّة من خلال "طنجرة فاصوليا حمراء تطهيها على نار خفيفة"، و"كل واحد يا ستّي همّو ع قدّو".المطبخ هو في الحقيقة الرواية الأدبيّة...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم