الهيبة

ظهيرة يوم في أوائل العام 1992، كنت مع رفيق الحريري على متن طائرته الخاصة، ننتقل من جدّة إلى بيروت. طائرة الحريري، صالون يُحلّق بالمشاريع والخرائط والدراسات والنقاشات والأحلام على علو 38 ألف قدم، مسافة تسمح للرجل بعرض أفكاره وتمنيّاته من دون أي خشية أو محاذير. قال: هنا نستطيع أن نحكي على راحتنا. العام المقبل سيكون عام ترتيب الخروج العسكري السوري من لبنان.سألت: كيف ذلك؟ هذه تمنيات تقارب الوهم.أجاب: الظروف تتهيأ دولياً واقليميّاً، وأنا على استعداد لتمويل انسحاب سوريا من جيبي الخاص.قلت: تريد أن تشتري خروج حافظ الأسد العسكري من لبنان بالمصاري؟! هذا مستحيل.قال: أحبّ اللعبة مع المستحيل، والبلد لن يمشي كما يجب إذا أدارته سلطة لبنانية وسلطة سورية. إنّني على استعداد لتخصيص مليار دولار من جيبي لهذه المهمّة. الأمر يستحق التفكير بمشروع مارشال اقليمي يستفيد منه لبنان بإعادة الاعمار وتستفيد منه سوريا ومصر والأردن والدولة الفلسطينية. المشروع يمكن أن يشكّل قاعدة عربية ودولية لتنظيم الخروج السوري من لبنان.أدلى بدلوه وانتقل إلى شأن آخر مع دخول المجال الجوي السوري،...