الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

في الحزن والفرح.. الأكل شعار المصريين

المصدر: "صيحات"
مروة فتحي
في الحزن والفرح.. الأكل شعار المصريين
في الحزن والفرح.. الأكل شعار المصريين
A+ A-

يعشق المصريون الأكل، إذ يعتبر المصدر الرئيسي للشعور بالسعادة، وفي كل المناسبات الاجتماعية أو الدينية، المبهجة والحزينة، تجد الأكل يحتل ركناً أساسياً على موائد المصريين. ففي الفرح تسمع عبارة "نبل الشربات". وفي الحزن تجد القهوة السادة هي السائدة، والدليل على ما نشعر به من أسى. وعندما تتفق مجموعة من الأصدقاء على الخروج يكون تناول الطعام في أحد المطاعم هو بطل "الخروجة" التي تتسم بالروعة إذا ما كان الأكل طيب المذاق وشهياً. وإذا فكّر أحدهم في افتتاح مشروع خاص به يشير عليه أهل الرأي بافتتاح مطعم، باعتبار أنه "سيكسب دهب" لأن الشعب "مش بيبطل أكل". وفي شهر رمضان الكريم حدّث ولا حرج، إذ يعتبره كثيرون شهر الولائم، ويسارعون إلى شراء كميات كبيرة من الأكل، حتى إنه من المفارقات الغريبة أن وسائل الإعلام تسارع في بثّ استعدادات وزارة التموين لاستقبال شهر رمضان، فيما يشير العديد من الإحصاءات إلى أن المصريين ينفقون نحو 32 مليار جنيه على الأكل خلال شهر رمضان مقابل 15,45ملياراً في الشهور الأخرى، وذلك وفقاً لتقرير مركز المعلومات التابع لمجلس الوزراء المصري.

من جانبها، تقول الدكتورة إيمان عبدالله، الخبيرة النفسية وأستاذة الظواهر الاجتماعية، إن الأكل يعتبر من مصادر السعادة، وهذا أمر طبيعي، لكن عند الإفراط تنتج مشاكل عديدة، وبعض الأشخاص يتناولون الأطعمة لتعديل المزاج، مثل الحلوى والقهوة والشاي، وهناك طعام مرتبط بالتقاليد والعادات مثل كعك العيد والرنجة والفسيخ في شم النسيم، واللحمة في عيد الأضحى؛ والمصريون لديهم عادات قديمة موروثة عن الأكل في جميع المناسبات، سواء أفراحاً كانت أو أحزاناً أو أعياداً أو مناسبات اجتماعية، والأسباب متعددة ما بين دينية وثقافية ونفسية واجتماعية وسلوكية، حيث إن ارتباط المصري بالطعام جزء منه موروث وجزء آخر نفسي.

وأشارت دكتورة إيمان إلى أن المصريين هم أكثر الشعوب التي تأكل في المناسبات الحزينة، وهذا يدل على أنها حالة نفسية للهروب من الواقع الحزين بتناول الطعام، كما أن ارتباط المصريين بالطعام يجري في دمهم وتفكيرهم

ويخترعون أنواعاً وأشكالاً وأصنافاً من الطعام لكل مناسبة، ففي النجاح "نبل الشربات"، وفي العزاء نشرب قهوة سادة، فهو ارتباط نفسي وموروث. فالمصري ليس الإنسان الذي يأكل حتى يعيش، ولا حتى يأكل ليُشبع حاجاته الإنسانية، لكنه يأكل لأنه لا يوجد ما يسعده، فالأكل له سعادة وأحياناً حزن، ولأن

المصريّون لديهم فراغ غير مستثمَر... فيخرجونه في الأكل.

وأوضحت أستاذة الظواهر الاجتماعية أن أكثر البرامج التي يبثها الإعلام المصري هي الأكل والطبخ، وتحظى بأكثر نسب مشاهدة، وهذا دليل على أن ما يهمّ المصري هو بطنه، حتى في السينما يربط مشاهدة الفيلم بأكل اللبّ والمسليات والسندويشات، لافتةً إلى أن كثرة الطعام واﻻهتمام به يدلان على التوتر والقلق، فنحن شعب لدينا نسبة من القلق والتوتر والاكتئاب، وبالرغم من أننا شعب عبقري لكن نفتقد بعض الشيء الأمان النفسي.

وأكدت أن ارتباط المصري بالأكل له جذور تاريخية، فأجداده أول من زرعوا وحصدوا واخترعوا أنواعاً ووصفات للعلاج من الطعام، حتى الموتى كانوا يضعون معهم حبوب الطعام، والآن أصبحت لدينا فوضى الطعام، في الشوارع توجد سيارات أكل وبيع خضار وفواكه، وعلى الأرصفة نجد بائعي الأكلات ينتشرون في جميع الأماكن.

كل هذه المظاهر تؤكد عشق المصريين للأكل، ويدلّل على ذلك انتشار عمليات تكميم المعدة وإعلانات التخلص من الكرش والدهون والشحوم التي تبثها أغلبية القنوات الفضائية، بالإضافة إلى أمثالنا الشعبية التي نردّدها في كثير من المواقف مثل "أقرب طريق لقلب جوزك معدته"، و"أطعم الفم تستحِ العين".

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم