أرشيف "النهار" - لبنان في العالم العربي: الخصوصيات ثقافية
13-02-2019 | 13:07
المصدر: أرشيف "النهار"
إن هذه الإشكالية الحساسة ليست بجديدة وهي تتمحور حول سؤال أكثر دقة وهو هوية لبنان ومبرر وعلة وجوده ككيان وكدولة.إن معالجة هذه الإشكالية هي في غاية الدقة بالنظر إلى خطرين اثنين يعترضان الحديث حول موضوع مساهمة لبنان الثقافية في العالم العربي. فمن جهة، هناك صعوبة في التمييز بين الثقافة والسياسة وموضوعنا هو المساهمة الثقافية تحديدا مع الإشارة إلى أن الثقافة هي غير السياسة لكنها تلتقي معها من خلال الثقافة السياسية أي مجموعة القيم والنظم الثقافية السائدة والتي تؤسس للسلوكيات الاجتماعية في الحياة العامة. فالرأي السياسي والموقف السياسي والخيارات السياسية كلها مسائل مرتبطة عضويا بالخلفية الذهنية أي الثقافية للفرد كما للجماعة. الحديث في الثقافة هو إذا حديث في أساس أو أسس وخلفيات السياسة.أما الخطر الثاني فهو التداخل بين الثقافة والإيديولوجية. فالأولى غير الثانية لكنها تشكل حاضنة لإنتاج الإيديولوجيات بحسب الظروف والمعطيات الخاصة بكل زمان ومكان. حديثنا سيبتعد قدر الإمكان عن الإيديولوجية – فهي مجموعات الأحكام القيمية التي يعلن الفرد الإيمان بها والتي ينطلق منها لتوجيه فهمه للواقع ولتحديد مواقفه وخياراته العملية. فما هي الأوجه الأكثر وضوحا في سمات لبنان الثقافية والتي ترفد الثقافة العربية وتعد قيمة مضافة فيها؟هناك في نظرنا ست سمات خاصة بلبنان تعتبر في أساس تكوينه وفي أساس عقيدة الدولة الوطنية منذ نشأتها وهي: 1- سمة الإقرار بالتنوع في النسيج الاجتماعي اللبناني،2- سمة القبول بالاختلاف في الرأي،3- سمة الانفتاح على العالم بكامله،4- سمة تقديس الحرية،5- سمة الاستناد على القانون الوضعي،6- سمة احترام استقلالية المجتمع المدني. في ضوء هذه السمات وبفعلها يعتبر الأشقاء العرب أن لبنان يحمل قيمة مضافة في تعاونه معهم وهم يتطلعون إلى تعميق هذا التعاون لكن واجب الصراحة يفرض علينا الإقرار بأن النظرة إلى لبنان مزدوجة. فهي نظرة إيجابية بالنظر إلى السمات الست والتي يعرفها سائر الأشقاء العرب وهي في الوقت نفسه ممزوجة بالمخاوف خاصة لأن تجربة لبنان -على نموذجيتها- ما زالت غير مستقرة وهي تنتقل من أزمة إلى أخرى. وربما كان من المفيد الإشارة إلى أن هناك ميلا أقوى لدى الشعوب العربية للإلتفات إلى لبنان من خلال تلك النظرة الإيجابية وأن هناك ميلا أقوى لدى الأنظمة العربية للنظر بقلق إلى التجربة اللبنانية خاصة بعد الخضات المتلاحقة التي هزت أكثر من مرة وما زالت الكيان اللبناني والدولة اللبنانية على حد سواء. أما السمات الست فهي تتجلى كالآتي:1- سمة الإقرار بالتنوع في النسيج الاجتماعي اللبناني. بالفعل فقد تأسس لبنان الكبير على مبدأ الشراكة المسيحية- الإسلامية في تكوين البلد نفسه. وربما كان مفيداً التذكير بلحظة إعلان دولة لبنان الكبير في أول أيلول...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟
تسجيل الدخول