الثلاثاء - 23 نيسان 2024

إعلان

روائيون من لبنان سربٌ في سماء العالم

المصدر: "النهار"
A+ A-

الأدب اللبناني لم يقتصر على الداخل المُزدحم بالمسائل والصور والهمّ الإنساني، بل يمتدّ إلى الخارج، متألّقاً بأسماء مكانها العُلا. يُبدع لبنانيون في كتابة السرد الروائي، يحصدون الجوائز، وتُترجَم رواياتهم إلى لغات عدّة. الكتابة عن أدباء لبنانيين تفرض استفاضة ونقاشاً موسّعاً، وتفرض أولاً إعطاء كلّ ذي حقّ حقّه، من دون ضرورة الاختيار لأسباب إخراجية. نختار خمسة أسماء لبنانية تبدع في كتابة الرواية، فيما يُرفَق الاختيار بغصّة الاختصار والتحية السريعة.

أمين معلوف: سيّد "الهويات القاتلة"

مُبدع من لبنان، لامع في فرنسا والعالم. هو أديب وصحافي لبناني، ولد في بيروت عام 1949. امتهن الصحافة بعد تخرّجه، فكانت "النهار" إحدى محطّاته.  أصدر أول أعماله، "الحروب الصليبية كما رآها العرب" عام 1983. تُرجمت أعماله إلى لغات عدة، ونال جوائز أدبية فرنسية، منها جائزة الصداقة الفرنسية العربية عام 1986 عن روايته "ليون الإفريقي"، وجائزة "غونكور"، كبرى الجوائز الأدبية الفرنسية، عام 1993 عن روايته "صخرة طانيوس". تميّز مشروع أمين معلوف الإبداعي بتعمّقه في التاريخ من خلال ملامسته أهم التحوّلات الحضارية التي رسمت صورة الغرب والشرق على شاكلتها الحالية. هو عضو في الأكاديمية الفرنسية، له روايات نالت شهرة عالمية، منها "الهويات القاتلة" و"التائهون". 

من أقواله: "ماذا تفعل حين يُخيّب صديق أملك؟ لا يعود صديقك، ماذا تفعل حين يخيّب البلد أملك؟ لا يعود بلدك، وبما أنّك تُصاب بخيبة الأمل بسهولة، سوف تصبح في نهاية المطاف بلا أصدقاء، وبلا بلد". 

هدى بركات: المقدّس له كتبه

روائية لبنانية ولدت عام 1952، وتخصصت في الأدب المعاصر. أمضت في بيروت مدّة كبيرة في بدايات حياتها، ثم انتقلت للعيش في باريس. كتبت مؤلفاتها بالعربية، على رغم إقامتها الطويلة في فرنسا، وهي مؤلفات تُرجِمت للغات عدة منها الإنكليزية، العبرية، الفرنسية، الإيطالية، الاسبانية، التركية، الألمانية واليونانية. من أعمالها: "حجر الضحك" التي نالت جائزة النقد، إذ كانت أول عمل عربي تتمحور الشخصية الأساسية فيه حول رجل مثلي. بالإضافة إلى روايات أخرى، آخرها "بريد الليل" المرشّحة للجائزة العربية للرواية العربية ("البوكر")، بعد دخولها في القائمة القصيرة. 

في مقابلة مع "النهار"، قالت: "إمّا أنّه علينا أن نكتب عن الحرب حتّى نسمّيها، ونفهم آلياتها ونتابع ما فعلته بنا وبمجتمعاتنا حتّى ظلالها الأخيرة، كما يفعل دوما كتّاب عاشوا حروباً، أو أجيال لاحقة لم تعشها، حيث الحرب العالميّة الثانية لا تزال إلى اليوم مولّدة لروايات كثيرة. وإمّا أن نقرّر أنّ الكتابة نفسها هي فعل السلم. فلا المحارب يكتب، ولا الجماعة القاهرة تكتب، أمّا المقدّس فله كتبه، وما عداها ضلال وهرطقة". 

مي منسى: فراشة "النهار"

أديبة وصحافية لبنانية، ترك رحيلها صدمة واحتراقاً كبيرين. وُلدت في العام 1939، وهي مجازة في الأدب الفرنسي. في العام 1959، كانت أول مذيعة في بدايات تلفزيون لبنان، ومقدمة برنامج "نساء اليوم" ثم برنامج "حرف في طريق الزوال". في العام 1969 دخلت في مجال الصحافة المكتوبة في "النهار"، ناقدة أدبية وموسيقية. وبقيت تكتب في المؤسسة حتى النفس الأخير. العام 1986 عيّنت رئيسة تحرير مجلة "جمالك" النسائية، وكانت لا تزال تعتني بجمالها حتى رحيلها. 

في "النهار"، كتبت فاطمة عبدالله عن "المشهد الأخير" لمي منسّى "الحلوة" المُرتفعة للقاء النبلاء: "جعلت من الكتابة رسالة سماء. أو ربما كانت دعوتها، على الطريقة المسيحية الصافية، حيث المحبة هي فعل وردّ فعل، والطِيبة هي جسر الحياة. كتبت للنغمة، لجدران الكنيسة، للعازف وقائد الأوركسترا، وللوداعات والولادات المستمرة في هيئة صيرورة إنسانية. وكتبت للجوهر المتجسّد في نوتة تتصاعد إلى العُلا، فتتشكّل كأنّها غيمة مستعدّة للمطر، وكأنّها عطاء كلّي لا ينتظر مقابلاً، وجوهر يتجسّد في خشبة مسرح، وما تدور عليه من حكايات وإيحاءات، ورقص، وأعذار، والتباس. مسرح الحياة مقارعاً مسارح القدر، بالاصطدام تارة والتنازل والضربات القاضية، وتارة بمَدّ اليد واللُحمة والورود المغتسلة بقطرات ندى". 

في وداعها، كتبت "النهار": "قاهرة اليأس كانت مي منسّى وقاهرة الفناء وهي فراشة الفرح والتعبير والأدب والصحافية الصبية التي ظلت صبية بتألقها حتى بعقودها المتراكمة. مي منسّى النهار والصحافة والأدب والتألق واللياقة والبسمة التي لا تفارق محياها ووجهها المشرق الجميل لا ننعيها ولا نملك القدرة على نعيها فهي باقية في كل من عرفها وقرأ مقالاتها وكتبها ومؤلفاتها. مي منسّى القيمة الإنسانية والأدبية والصحافية الكبيرة التي فقدها لبنان الليلة كأنها تومئ اليه من فوق انها برحيلها فقد معها لبنان جزءا كبيرا آخر بفقده مع كباره الراحلين". 

أديبة لا تُنسى، من مؤلفاتها: "أوراق من دفاتر شجرة رمان"، "المشهد الأخير"، "أنتعل الغبار وأمشي"، "ماكنة الخياطة"، "تماثيل مصدعة"، و "قتلت أمي لأحيا" التي دخلت في القائمة الطويلة لجائزة البوكر. 

محمد أبي سمرا: روائي المحاكاة

روائي وكاتب وصحافي لبناني. كتب في "النهار" وفي "ملحقها الثقافي"، وترشّحت روايته "نساء بلا أثر" الصادرة أخيراً للقائمة الطويلة لـ"البوكر". ولد عام 1953 في قرية شبعا الجبلية النائية. ثم انتقل وعائلته عام 1962 إلى ضاحية بيروت. تخرّج في دار المعلمين عام 1977 ثم بدأ العمل في الصحافة الثقافية إلى جانب عمله في التعليم. نال شهادة ديبلوم في علم الاجتماع الثقافي عام 1984، وكانت أطروحته حول الأخوين رحباني وفيروز وتأثيرهم في الحياة اللبنانية. من أبرز أعماله، "موت الأبد السوري"، وهي محاكاة ممتدّة من مجزرة حماة عام 1982، إلى الأشهر الأولى لـ"الثورة السورية". الكتاب شهادات على لسان لبنانيين وسوريين، ذاقوا بطش النظام السوري وأجهزته الأمنية.

ربيع جابر: عمق الكتابة

أديب وكاتب وصحافي لبناني، ولد في بيروت عام 1972. قليل الظهور الإعلامي، يكاد يكون في شبه عزلة إرادية، يختارها لصفاء الذهن وعمق الكتابة. في عام 2010 رشّح لنيل الجائزة العالمية للرواية العربية على كتابه "أميركا" الذي اقتبس منه فيلم بالاسم عينه، كما نال الجائزة العالمية للرواية العربية ("البوكر") لدورة عام 2012، عن روايته "دروز بلغراد". 

من مؤلفاته: "سيّد العتمة"، "شاي أسود"، "البيت الأخير"، "الفراشة الزرقاء"، "رالف رزق الله في المرآة"، "كنْتُ أميراً"، "طيور الهوليدي إن"، وسواها. 

حائز على شهادة في الفيزياء من الجامعة الأميركية في بيروت.

أسماء تحلّق عالياً، هي بعضٌ من سرب بديع، ينطلق من لبنان ويملأ سماء العالم. سربٌ من إضاءات، لا يقتصر على خمسة أسماء، بل يمتد إلى ما لا تتسع له المساحات القليلة. 

اقرأ أيضاً: جبّور الدويهي لـ"النهار": لم أعد صالحاً لشيء سوى الكتابة

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم