الخميس - 18 نيسان 2024

إعلان

بسّام حجار هديّتُهُ إلينا "الأعمال الشعرية الكاملة" في ذكراه العاشرة يحفر لغته في مترٍ مربّعٍ واحد يتّسع للحياة وللكون الشعري

عقل العويط
عقل العويط
Bookmark
بسّام حجار هديّتُهُ إلينا "الأعمال الشعرية الكاملة" في ذكراه العاشرة يحفر لغته في مترٍ مربّعٍ واحد يتّسع للحياة وللكون الشعري
بسّام حجار هديّتُهُ إلينا "الأعمال الشعرية الكاملة" في ذكراه العاشرة يحفر لغته في مترٍ مربّعٍ واحد يتّسع للحياة وللكون الشعري
A+ A-
يليق بشاعر من قامة بسّام حجار (1 كانون الثاني 1955 – 17 شباط 2009) أن تصدر أعماله الشعرية الكاملة، وأن يُعهد بها إلى المتخصصين والشعراء النقاد والأكاديميين، لتُقرأ بعدلٍ وإمعان وتبصّر. شاعرٌ بهذه القامة الخفرة، لكن العالية والراسخة، يستحقّ أن يكون ملء الأبحاث والمقالات، على الرفوف، وفي المكتبات، وتحت نظر العين، وفي الأيدي التي تحسن تصفّح التجارب الشعرية المستحقة، والإبحار في حبرها، وألق صمتها الكثيف، وبهاء معجمها الدلالي، وتقشّف قاموسها، وترفّع خبرتها الوجودية والفلسفية. "الأعمال الشعرية الكاملة" صدرت في جزءين، عن "منشورات تكوين"، إعداد علي محمود خضيّر وتقديمه البحثي والتحليلي الشائق.يخاطب بسّام حجار الجوهر الشعري، ويأنف أن يبتعد عنه، لأنه لم يصطنع لنفسه إقامةً أخرى، مختاراً ذلك الجوهر، ومنحازاً إليه، ومنشغلاً به، وصارفاً روحه وحبره في تلمّس عوالمه المرئية وغير المرئية. لهذا السببب، ينردم الفاصل بين الشعريّ وبين المكان الذي يقيم فيه الشاعر، والكائنات الحميمة اللصيقة به، والأشياء التي يخالطها، وتتواءم كينونته معها، إلى درجة يشقّ على التأويل النقدي أن يقترح مقاربةً تنوب عن هذا التوحّد الطوعيّ بين الشاعر وعناصر عيشه ومكوّنات شعريته. إقامةٌ في الجوهر كهذه، تُكسِب صاحبها فرادةً إنسايةً ولغويةً نادرة. فمن جهة، قد لا يجد صعوبةً في أن يغرف من هذا المعين الشعري، ومن جهة ثانية، أيّ ضنىً لا بدّ أن يكون يقاسيه شخصٌ كهذا، لكي "يتحمّل" أوزار هذه الإقامة وأعباءها وأثقالها ومترتّباتها على الجسد والروح، مكتفياً بالضآلة اللامحتملة للكائن، كونها جلّ ما يبتغيه وما يؤمّن له سبل التفاعل مع العالم.هذه الكثافة الشعرية النورانية، البسيطة، الجوّانية، المتواضعة، المنسحقة، الخفِرة، المعذَّبة، المنعدمة الرجاء، المعتمة على ضوءٍ خافتٍ وضئيل، أيّ جسدٍ كان ليحتملها لو لم يكن جسداً شاعراً بامتياز؟ وهي الكثافة ذاتها التي راحت تأخذ على عاتقها أن تضطلع بدورٍ عدميّ، غير مقصود، لا صراخ فيه، إنما فحسب همسٌ هو شيءٌ من غلالة الكلام لئلاّ تبيت القصائد في البرد...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم