الأربعاء - 17 نيسان 2024

إعلان

ساحة للباشا أمين الباشا

عقل العويط
عقل العويط
ساحة للباشا أمين الباشا
ساحة للباشا أمين الباشا
A+ A-

نشر هذا المقال في "النهار"، بتاريخ  15 آذار 2016 ونستعيده اليوم في ذكرى رحيل الفنان الكبير أمين الباشا. 

فلنفتح شارعاً في بيروت باسم أمين الباشا. بل ساحة. ولنزيّن معالم المكان برسوم له وبمنحوتات. الرجل الذي أمضى أكثر من ستين عاماً – ولا يزال - وهو يخترع اللون والضوء والشكل، لن يحتاج إلى نياشين ولا إلى خطب. بل فقط إلى مكان.

لا نريد له تمثالاً. ولا رعاية. نريد للباشا مكاناً باسم أمين الباشا.

نطالب بلدية بيروت، ومحافظ المدينة، ونوّابها الممدِّدين لأنفسهم، ووزراءها، ورئيس الوزراء، فضلاً عن وزير الثقافة، بشدة وبإلحاح، بأن يكون لهذا الفنّان الباشا، اللذيذ، العزيز، الذكي، الموهوب، الخلاّق، مكانٌ محترم في العاصمة، على اسمه وأعماله.

الأمكنة في العاصمة، في غالبيتها الساحقة، مرهونة للزعماء، للرؤساء، للقادة، لرجال الدين، وأيضاً للقتلة، ولأهل الفساد، والنهب، والبشاعة، والتعاسة، واليأس. نريد مكاناً واحداً نخصّصه للجمال، للفرح، وللأمل. فمَن مثل ابن العاصمة هذا، يمكنه أن يضطلع بهذه المهمة، و"يحرر" مجالاً من مجالات بيروت، من بشاعته المقيتة، ومن نفاياته، ويشيع فيه السعادة والنزق والخيال والنشوة؟!

جديرٌ أمين الباشا بمكانٍ كهذا. بل العكس هو الأصحّ. المكان يستعيد معناه، وكرامته، إذا سمّيناه باسم الباشا، وجعلنا رسوم الفنّان تزيّن جدرانه وزواياه.

على هامش هذا الاقتراح، الذي يجب أن يكون مكرّراً معجلاً، أدعو متحف سرسق، ومركز بيروت للمعارض، إلى العمل الفوري على مباشرة البحث عن كيفيات تنظيم معرض استعادي ضخم، يستجمع مراحل الفنان، وتجاربه المختلفة، منذ رسوم البدايات إلى اختباراته التي سيظلّ ينجزها اليوم، وغداً، وبعد غد.

صحيحٌ أني أخصص هذا المقال لإلقاء التحية على الفنان الكبير، لكني أغتنم هذه المناسبة، التي لا مناسبة لها سوى ما أحفظه لأمين الباشا من احترام وتقدير، لأدعو المعنيين إلى التفكير الجدي في جعل مدينتنا، رويداً رويداً، عاصمةً للفنّ التشكيلي، لا أن تبقى عاصمةً للبشاعة. كيف؟

بسيطة. إذا كنا لا نستطيع أن نوقف إزالة المباني والأماكن التراثية، وتشويه الشوارع التاريخية، ففي إمكاننا على الأقل أن نضفي على بعض الساحات والأزقة، ما يجعلها فسحات خلاّقة للتعبيرات الفنية، يشرف عليها الباشا مع رهطٍ من الفنانين المولعين برسم العاصمة، وبتخليد روحها وذكرياتها ووشوشاتها وخيالاته.

يكفي أن يرفع مجلس بلدية بيروت الصوت، مقترحاً مبادرةً عملانية متأنية ومدروسة، كهذه المبادرة، فيتصل بالفنانين والمهندسين المعماريين المعنيين، الذين يبلورون الفكرة ويضعونها موضع التنفيذ. أمام جديةٍ كهذه، لن يتوانى الفنانون عن تلبية النداء. هكذا، بإغماضة عين، يمكننا أن نعيد بعض الاعتبار إلى عاصمتنا البشعة، ونستعيد بعضاً من الجمال المفقود!


[email protected]

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم