الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

بون أفين تحتفي بمعرض استعادي للفنان تال كوت صديق كبار أهل الحداثة

المصدر: "النهار"
فرنسا - أوراس زيباوي
بون أفين تحتفي بمعرض استعادي للفنان تال كوت صديق كبار أهل الحداثة
بون أفين تحتفي بمعرض استعادي للفنان تال كوت صديق كبار أهل الحداثة
A+ A-

مدينة Pont-Aven (بون أفين) الصغيرة في قلب منطقة بروتاني صار لها اليوم متحف حديث، بعد تجديد متحفها القديم، ويضم مجموعة لوحات وأعمال فنية نادرة تختصر تاريخ المدينة وكيف تحولت منذ العام 1850 من بلدة مجهولة ومنسية الى محطة لفنانين افتتنوا بجمالها الطبيعي ذي الطابع المتوحش وأشهرهم الفنان الفرنسي العالمي بول غوغان. مناسبة الكلام عن المتحف معرضٌ استعادي للفنان تال كوت ابن المنطقة (1905-1985).

لمناسبة افتتاح هذا المعرض، تسنّى لنا التعرّف إلى المكان وطبيعته الخلاّبة وبيوته القديمة وشوارعه التي مرّ بها فنّانو القرن التاسع عشر الذين زاروا المنطقة أو أقاموا فيها. المطحنة لا تزال في مكانها قرب النهر، والجسر في مكانه. إنها رحلة في الزمن، قبل الدخول إلى المتحف الذي يؤلّف فضاء خاصاً ويحتفي اليوم بالفنان تال كوت من خلال معرض استعادي يختصر مساره الفني منذ البدايات حتى وفاته.

في بداياته كان تال كوت فنانا تصويريا وقريبا من الأجواء الفنية الطليعية في باريس وارتبط بصداقات مع عدد من رموز الحداثة ومنهم النحات السويسري ألبرتو جياكوميتي والكاتبة والشاعرة الأميركية جيرترود ستاين التي عاشت في فرنسا وكانت من مقتني أعمال الفنانين الرواد ومن أشهرهم بيكاسو وماتيس وسيزان. تطالعنا في المعرض لوحة بورتريه لهذه المرأة الاستثنائية أنجزها تال كوت في العام 1935 وقد نالت جائزة فنية عام 1936 لخصوصيتها ومتانة خطوطها. في العام 1936 أيضا أنجز تال كوت سلسلة لوحات مؤثرة عن أهوال الحرب الأهلية الاسبانية.

منذ مرحلة الأربعينات بدأت أعماله تنحو نحو التجريد فغابت صور الأشياء المستوحاة من الواقع الملموس كما غابت الألوان لصالح مساحات مغطاة بلون واحد كالرمادي والأخضر والأزرق. من الأمور التي يكشف عنها المعرض أن تال كوت في مرحلته التجريدية نهل من فنون ما قبل التاريخ التي تحضر بقوة في منطقة بروتاني وهي على شكل أنصاب حجرية ونقوش على الحجر تعكس طقوس إنسان مرحلة ما قبل الحضارات وعلاقته بالماوراء. هكذا تطالعنا في لوحات تال كوت إشارات ورموزاً تذكّرنا بالحركات والدوائر والطلاسم المنقوشة على الأحجار القديمة ولكنها هنا تأتي ضمن رؤية حديثة ومبتكرة تختزل البعد الماورائي في نتاج الفنان.


المعرض المقام اليوم للفنان تال كوت في متحف بون أفين ليس الأول من نوعه في منطقة بروتاني فقد أقيم له منذ عامين في "قصر كيرغينيك" المخصص للفنون الحديثة، معرض جمع بين أعماله المستوحاة من مرحلة ما قبل التاريخ وكتابات للشاعر الفرنسي أوجين غييفيك (1907-1997) الذي كان أيضا من مواليد منطقة بروتاني واستوحى من آثار مرحلة ما قبل التاريخ وقد عبّر عنها في الكثير من قصائده.

في ذلك المعرض كما في المعرض المقام حاليا تتبين العلاقة الوثيقة التي لطالما جمعت تال كوت بالشعر والشعراء وأولهم الشاعر الفرنسي أندره دو بوشيه الذي كان من أصدقائه المقربين وعمل معه في إطار إنجاز الكتب الفنية التي تضم رسوما وكتابات شعرية، وقد أقيم لها معرض العام الماضي في مؤسسة الشاعر سان جون برس في مدينة إكس أون بروفنس في الجنوب الفرنسي.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم