الملحمة المسيحيّة

المسيحيّة تروي في إيمانها علاقة الله بالإنسان. هذه العلاقة هي أشبه بملحمة ذات خمسة فصول، تبدأ بخلق العالم وتنتهي مع نهاية التاريخ. الفصل الأوّل، وهو بعنوان بدء الأزمنة، يبدأ بخلق العالم. فالله، من فيض حبّه، بعد أن خلق الكون، خلق الإنسان على صورته ومثاله، ووضع الخليقة بين يديه قائلاً: "انموا واكثروا واملأوا الأرض وأخضعوها". ووضع في قلب الإنسان مبادئ أساسيّة للحفاظ على الحياة: حياته وحياة إخوته البشر. هذه المبادئ ندعوها الشريعة الطبيعيّة المغروسة في ضمير الإنسان والتي توضح كيف يجب أن تكون علاقة الإنسان بالله وعلاقة البشر بعضهم ببعض، بحيث لا تستقيم علاقة الناس بعضهم ببعض إلاّ من خلال علاقتهم بالله. لكنّ الإنسان، بسبب حدوده والتصاقه بالمادة، أخطأ في علاقته بالله وعلاقته بإخوته البشر. فأهمل وصيّة الله وتبع أهواءه، وساد بين البشر القتل والدمار.الفصل الثاني، وهو بعنوان تقدّم الأزمنة، يبدأ بالوعد مع إبراهيم أبي المؤمنين، ويلي ذلك العهد مع موسى النبيّ ووصايا الله العشر التي من خلالها عاهد الله شعبه بأنّه يكون معهم إن عملوا بها. ثم يروي الكتاب المقدس كيف أنّ الشعب خان العهد بخطاياه وابتعاده عن الله، فأرسل الله الأنبياء، النبيّ تلوَ النبيّ، ليذكّروا الناس بالمثال الإلهيّ الذي خُلِقوا عليه وشوّهوه بخطاياهم. وهذا ما ترويه كلّ أسفار العهد القديم، التي تصف من جهة مآثم...