أرشيف "النهار" - الدولة الحديثة بين العنف والفساد
01-02-2019 | 21:53
المصدر: "النهار"
يبدو الفساد، كما يقول صموئيل هنتنغتون، كوسيلة لقياس مدى غياب البنية المؤسساتية الفاعلة حيث يفتقد الموظفون الحكوميون الاستقلالية والتماسك ويجعلون مراكزهم في المؤسسات التي ينتمون اليها خاضعة لمتطلبات غريبة عن تلك المؤسسات. واذا كان الفساد موجوداً في كل المجتمعات، الا انه اكثر انتشاراً في بيئات اجتماعية اكثر من بيئات اخرى، كما انه اكثر انتشاراً في بعض مراحل تطور المجتمع منه في مراحل اخرى. وبتفحص حالات الفساد المنتشرة، يتكون انطباع بان هذه الظاهرة - بحدّتها وسرعة انتشارها - ترتبط الى حد بعيد، بحركة التحديث والتغيير الاجتماعي والاقتصادي السريعة. ويلاحظ في هذا المجال ثلاث خصائص تهيئ لظهور الفساد وتميزه: الاولى: ان التحديث يفترض تغييراً في القيم الاساسية للمجتمع. والفساد على علاقة وثيقة بتبدل القيم. الثانية: تشير الى ان الفساد يتطلب مقداراً من الاعتراف بوجود فارق بين الوظيفة العامة والمصلحة الخاصة. الثالثة: ان الفساد قد يتيح لفئات جديدة ان تجد لها دوراً داخل النظام السياسي، عبر وسائل غير شرعية ومخالفة للاصول القانونية والمؤسساتية، لان النظام يكون عاجزاً عن التكيف بالسرعة الكافية لتأمين الوسائل الشرعية والمقبولة من اجل هذه الغاية. اذاً، يأتي الفساد في سياق ما اوجده التحديث على الصعيد المؤسساتي والتنظيمي من تمييز بين المصلحة العامة والمصلحة الخاصة. ان الفساد يمر عبر الانخراط في العمل السياسي في الدولة الحديثة...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟
تسجيل الدخول