السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

لبنان في مواجهة أزمة الثقة

مازن حنّا عبّود- أستاذ التنمية المستدامة في جامعة الحكمة
لبنان في مواجهة أزمة الثقة
لبنان في مواجهة أزمة الثقة
A+ A-

أتُرى أضحى الزعماء لا ينصتون إلى خوف ووجع الناس؟ أترى لا يقرؤون ما يُكتب من تقارير من قبل المنظمات المتخصصة؟

وجع الناس وقلقهم على وجودهم بدأ يتصاعد. لن تجد الحكومة العتيدة كل الحلول للوضع المأزوم. إلا أن تشكيلها سيكون ومضة لا بل بداية مسيرة معالجة قلق الناس وخوفهم من كل شيء.

تقرير J.P Morgan الصادر في 25 من الشهر الجاري لا يعتبر أنّ ثمة أزمة سداد ديون سيادية في المدى المنظور، إلا أنه يعتبر أنّ المدى البعيد غير واضح المعالم. كما خفّضت MOODYS تصنيف لبنان.

الموضوع كل الموضوع، هو الثقة التي نفتقر إليها، والتي تتضاءل يوماً بعد يوم. صارت الثقة طابة تشكيل حكومة يتقاذفها الساسة.

مما لا شك فيه أنّ لبنان هو من أكثر البلدان مديونية، اذ يُتوقع أن يبلغ معدل الدين بالنسبة إلى الناتج المحلي 156 بالمائة، وهو بالتالي يسير بعجيبة. عجيبة تعززها الثقة في القطاع المصرفي. لذا، فما يقلقني هو تراجع معدلات الثقة والخوف من فقدانها. من دون أن يعني ذلك للساسة أي شيء على ما يبدو. وما يجرّك إلى الموت هو خوفك من الموت.

شكّلت الوديعة القطرية ومضة في هذا الظرف غير المطمئن، لكن الومضات تمحوها العتمات إذا لم نتحرك. لا أتوقع من أي حكومة أن تقوم بالعجائب. بل أن تبدأ بتنفيذ إصلاحات "سيدر" لخفص معدل الديون السيادية. وقبل كل شيء تعيد بعضاً من الثقة المفقودة للمساهمة في رفع تصنيف لبنان وتهدئة خوف الشارع المالي. ما يُسهم حتماً في خفض معدلات المخاطر التي ترتبط بتحديد الفوائد.

إنّ دين لبنان الخارجي ليس المشكلة، بل تراجع الثقة والخوف من أزمة ثقة بالمصارف وبالعملة الوطنية يشكلان المشكلة والأزمة والتحدي. إذ إنه تجري منذ فترة الإضاءة بالمجهر على الوضع اللبناني إقليمياً ودولياً. يجري العمل على هز الثقة بالقطاع الذي لا يزال يمسك بالبلد. ومن هنا أهمية تدخل اليد السياسية التي يجب أن تضمن الحد المقبول من المناخات التي تمنع المخاوف، وتعيد جذب الاستثمارات وتجابه التحديات.

لا أريد أن أقول إننا دخلنا في خضم لعبة توازنات الخوف. فمحورٌ ما يتحكم بالبلد، والمحور الآخر يتطلع إلى من يحكم ويشهر سلاح الانهيار، إذا ما تمّ تجاوز الخطوط الحمر.

نعم لم تعد المعارك على المنتخبين والسيطرة على الأرض وعلى القرار، بل صارت المعركة أو المعارك في الاقتصاد وفي أمكنة أخرى بعيدة.

إنّ معالجة الدعاوى المرفوعة ضد المصارف اللبنانية في أميركا تبقى التحدي الأبرز لمصرف لبنان ولأي حكومة، لضمان استدامة لقمة وكرامة الناس. ومن هنا لا يمكن مجابهة أخطار الحاضر الوجودية بالانتظار حتى إقرار مطالب تضمن استدامة مكاسب للمستقبل لهذا الفريق أو ذاك، مهما كانت جودة هذه المكاسب ونوعيتها وتأثيراتها.

المعركة اليوم يجب أن تكون على إعادة تعزيز الثقة ومنع تدهور منسوباتها، ويجب عدم التلهي بمعارك جانبية مخافة أن نقع جميعاً.

الثقة تنهار، ونحن نحلل المغزى من وراء إطالة هذا الزعيم لحيته، أو وضع ذاك المرجع تلك اللوحة وهو يصرّح.

الثقة تنهار ونحن نجهر بفعل الإيمان أو النكران بهذا المرجع أو ذاك. ننقسم في رؤيتنا حول الشخص وليس حول المشاريع.

ويبقى السؤال الأهم، هل يستطيع رياض سلامة أن يجد أيادي تلاقي إجراءات مصرف لبنان لضمان أمننا النقدي؟

ومع كل ما نقرأ وما نرى، يمكن القول إنّ خطوة إقرار السلسلة لم تكن إلا ضرباً انتخابياً. وقد بدأت تداعياته تطالنا وتهدد المكتسبات، لأنها لم تترافق مع الإصلاحات التي تضمن للخزينة المداخيل اللازمة لتمويلها. يمكن القول إنه من المؤكد أنّ الجميع سعى إلى تحقيق الربح الانتخابي السريع وتجنّب خسارة الأصوات، لكن على حساب البلد وهذا هو لب المسألة.

ما من خطر داهم في المدى القصير كما تشير التقارير الدولية، لكنّ جرس الإنذار يقرع في المدى المتوسط. والأشهر هي على الأبواب. الجرس يقرع فهل يستفيق المعنيون وتظهر الحكومة؟

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم