الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

أرشيف "النهار" - شهداء 6 أيار... من هم؟ ومن يعرفهم؟

المصدر: "النهار"
Bookmark
أرشيف "النهار" - شهداء 6 أيار... من هم؟ ومن يعرفهم؟
أرشيف "النهار" - شهداء 6 أيار... من هم؟ ومن يعرفهم؟
A+ A-
شهداء 6 أيار... من هم؟ ومن يعرفهم؟ الخميس الوطن الذي يفقد الذاكرة يفقد الهوية والحميّة والكرامة. فقد مرّ عيد الشهداء في السادس من أيار مروراً خجولاً بعد الاضحى المبارك والفصح المجيد وعيد "الغنيم" الساطي على "الرزق" في الاتحاد الانفصالي العام الذي ربح الجدل وخسر العمل (...) وكأني بأرواح الشهداء التي أزهقها جمال باشا على أعواد المشانق، في 6 آب 1915 و6 أيار 1916، جاءت تتسول الذكرى من جماعة النسيان. فالاجيال التي نشأت في حروب العمالة طيلة الربع الاخير من القرن العشرين لا تعرف عن أولئك الابطال شيئا، وكثيرون من ابنائها يعتقدون ان شهداء 6 أيار هم الذين قتلوا في المتاريس، او حصدتهم قذائف الموت في معارك العار والدمار. أما الاجيال الاخرى التي سبقت المحنة السوداء، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر، وقد تبدّل بعضهم غير هذا الوطن أوطانا في بلاد الله الواسعة، والذين لم يبرحوا الدار والجار معظمهم يعيش حتفَ يومه بلا حسرات ولا ذكريات. لذلك رأيت من الواجب ان أفتح هذه الصفحة المطوية من تاريخنا الحديث ليدرك المواطنون ان عيد السادس من ايار يختصر كل أعيادنا الوطنية ويجسد معانيها الكريمة في عيد واحد.  فهو أولا "عيد الوحدة الوطنية"، ليس في لبنان فقط، بل في سوريا والعراق وفلسطين أيضا، لأن الذين علّقوا على المشانق او قتلوا غدراً او أعدموا رمياً بالرصاص، من أبناء هذه الاوطان العربية، كانوا مسلمين ومسيحيين من مختلف المذاهب.  وهو ثانياً "عيد الاستقلال" الحقيقي، لأن استقلالنا عن فرنسا عام 1943، سقط خلاله شهيد واحد هو الفدائي البطل المرحوم سعيد فخر الدين، أما استقلالنا عن تركيا بين 1915 و1918، فقد سقط خلاله اثنان واربعون شهيداً، معظمهم من أعيان اللبنانيين، وفي عدادهم سراة فلسطينيون وسوريون وعراقيون، فضلاً عن مئات الالوف ممن قضوا جوعا في جبل لبنان، وعشرات الالوف من الشبّان العرب الذين جنّدهم جمال باشا في الجيش التركي الثاني، وجعلهم طعماً لمدفعية الحلفاء من أعالي القفقاس الى أطراف اليمن، وجداراً بشرياً واقياً يتلقى الضربات عن جيشه المنهزم ويخفف عدد الاصابات في صفوفه. وبديهي أن الاستقلال الذي لا يغتسل بدم الأحرار لا يستحق أن يسمى استقلالا. أقول هذا بصرف النظر عن الفرق الشاسع بين الانتداب الفرنسي الذي أقرته "عصبة الأمم" بعد الحرب العالمية الاولى بصفة مؤقتة ولأجل مسمى، والاحتلال التركي للبنان والبلاد العربية الذي وطده السلطان سليم العثماني الاول سنة 1516 بحدّ السيف، فاستمر أربعة قرون، وكان يمكن ان يستمر الى الابد ويقضي على هوية العرب ولغتهم وتراثهم لولا هزيمة المانيا وحلفائها العثمانيين سنة 1918.  والسادس من أيار هو ثالثاً "عيد حرية الصحافة" كما سمّاه بحق نقيبنا الاستاذ محمد البعلبكي، لأنه كان في عداد الشهداء الاثنين والاربعين الذين أعدموا في تلك الحقبة خمسة عشر صحافيا من رجال الفكر السياسي والادب والثقافة، أزعج السفّاح وابتعث حقده الدفين أن تكون اقلامهم أمضى من سيوف الطغيان.  ثم ان هذا العيد هو رابعاً وأخيراً "عيد القومية العربية" والمصير المشترك لبلاد الشام ومصر والعراق، لأن الذين أعدموا جميعا كانوا ينادون بانفصال العرب عن الاتراك، ولم يكن بينهم في تلك المرحلة النضالية من يدعو الى انعزال طائفي او عنصري ضيّق او الى حكم أكثري يسحق الأقليات. وتأكيدا لهذه الحقيقة يكفي ان نذكر بعض الجمعيات التي انخرطوا فيها، ك"المنتدى الادبي" و"العهد" و"القحطانية" في الاستانة، وجمعية "اللامركزية" في بيروت والقاهرة والقدس، ثم "الاصلاح" و"النهضة" في دمشق وبيروت والقاهرة، و"الاتحاد اللبناني" في بيروت وطرابلس الخ... وكلها كانت تعتنق مبدأ القومية العربية وتناضل في سبيل التحرر من ربقة العثمانيين دون أي بحث في الانظمة السياسية المستقبلية. اما التقسيم او التقاسم الذي حدث بعد ذلك لتركة العثمانيين في العالم العربي، فيعود الى الحلفاء الغربيين الذين خافوا أن يؤدي استقلال العرب الى قيام امبراطورية عربية على أنقاض الامبراطورية العثمانية، فبادروا الى تقسيم هذه المنطقة دويلات لا تزال الى اليوم تتنازع فيما بينها وتصارع الاوبئة العشائرية والطائفية والحزبية، كل ذلك لتوطين اليهود في أرض فلسطين...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم