أرشيف "النهار" - النمو الاقتصادي والتنمية البشرية، نظرة لبنانية
25-01-2019 | 23:20
المصدر: أرشيف "النهار"
إنه لشيرفني ويسرني ان اشارك في الجهد الآيل الى اطلاق وسائل الاعلام لتقرير التنمية البشرية لسنة 1996 العائد الى برنامج الامم المتحدة للتنمية. وموضوع النمو الاقتصادي من أجل التنمية البشرية موضوع وثيق الصلة على نحو خاص بلبنان، البلد الذي يحاول ازالة آثار عقدين تقريباً من الاضطراب، والفوضى، والدمار. والواقع انه اثناء اوقات الاضطراب تلك، كان كل مظهر من نسيج لبنان الاجتماعي والاقتصادي قد تأثر بذلك بالغ التأثر بما في ذلك العناصر الرئيسية للتنمية البشرية، كالصحة، والتربية والتعليم، والخدمات الاجتماعية والعمالة. ان النتائج الرئيسية لهذا التقرير تفرض على جميع اولئك الناشطين في ميدان رسم السياسة الاقتصادية والتنمية الاقتصادية ان يتوقفوا ويمعنوا النظر في امر هذه السياسات. فخلال العقد الماضي، اصاب الهبوط او الركود الاقتصادي 89 بلداً مما خفض مداخيل اكثر من ربع سكان العالم. وهذه الحقيقة، وحدها، تؤكد الحاجة الى بذل جهود اكبر بكثير لمصلحة المجتمع الدولي من اجل مساعدة عملية التنمية، خصوصاً في مناطق العالم الاقل ثراء. وبعد هذا الكلام، تبقى المسؤولية الاساسية للجمهور ومتخذي القرارات الاقتصادية في القطاع الخاص في كل بلد ان يحسنوا مستويات عيش مواطنيهم ويرفعوها. في غمرة ما يمكن وصفه بعقد من التدهور العالمي في الاوضاع الاقتصادية، فاننا في لبنان تعرضنا على نحو خاص لضربة قاسية. فالمصاعب الاضافية الهائلة والصدمات التي كان على لبنان ان يواجهها وما زال يواجهها، كما يشهد على ذلك العدوان الاسرائيلي الاخير على لبنان، زادت في صورة مأسوية من تفاقم التحدي الاقتصادي الذي يجابهنا. بيد ان الجدير بالذكر انه على رغم هذه الاحداث فإن لبنان قد حسّن، قليلاً، وضعه في ما يتعلق بمؤشر التنمية البشرية. وهنا من المهم ان نلاحظ ان عدم وجود احصاءات يعتمد عليها، خصوصاً في القطاعات الاجتماعية، يؤثر في صورة لا يستهان بها في تحديد مرتبتنا بالنسبة الى مؤشر التنمية البشرية. وبالفعل، فانه حينما تتوافر احصاءات صحيحة يعتمد عليها، فاننا سنشهد تحركاً ملحوظاً تصاعدياً في اتجاه التحسن في مؤشر التنمية البشرية. بيد انني اسارع فأضيف انه بصرف النظر عن الدرجة التي يصنف عندها لبنان على مؤشر التنمية البشرية، فإن تقدماً كبيراً وذا شأن مطلوب تحقيقه في مستويات معيشة اللبنانيين. والواقع ان النكسات التي اصابتنا نتيجة للحروب المؤسفة التي عانينا منها، ينبغي ان تضاعف من عزمنا على التعويض عن الوقت الضائع وعلى اللحاق بركب المجتمع الدولي. وهذا الهدف يشكل الغاية الاساسية لهذه الحكومة ولحكومات المستقبل بالتأكيد. ومع تأكيدي لهذا الامر، فإني اعتقد بأن موضوع "النمو الاقتصادي من أجل التنمية البشرية" هو موضوع في غاية الاهمية بالنسبة الى لبنان. ففيما يستعيد لبنان مكانه على الخريطة الاقتصادية العربية والدولية. فان المسألة المتعلقة بالميزة النسبية الحالية للبنان تبرز في شكل مستمر. وفي رأيي انها مسألة لا خلاف عليها. فالميزة النسبية للبنان كانت دائماً وستظل دوماً الشعب اللبناني. وتالياً فإن التنمية البشرية، بالنسبة الى لبنان، ليست هدف النمو الاقتصادي فحسب، بل هي أيضاً الوسيلة الوحيدة لتحقيق النمو الاقتصادي. ومن الواضح ان السبيل الوحيد...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟
تسجيل الدخول