اشترِك في نشرتنا الإخبارية
كَبَسْكُوتٍ في كَاسَةِ شَايْ
صِرْنا ثُقبًا مَسْدُودًا في أَعْوادِ النَّايْ
ورِقابًا خاضِعةً لِيَدَيْ مَسْرُورْ
وعَجِينًا مُخْتَمِرًا لِيُسَوِّيهِ التَّنُّورْ
لِنُكرِّرَ جُرْمَ أبيكِ
ونُذْبَحَ ذَبْحَةَ أُمِّي
أَنْ بَقيا في جُحْرِ زَوَاجِهما أعوامًا
تُنجِبُ أعوامًا والعُمْرُ يَبُورْ
صَدِئَا في الكِذْبِ الأنيقِ
وفي الغِشِّ
في تَمْريرِ السَّاعَاتِ والأيَّامْ
صَدِئَا في قُيُودِ العُرْفِ البَاطِلِ والأَوْهَامْ
فَلِأنَّ كَلامَ النَّاسِ كَمِشْنَقَةٍ
ولأنَّ الناسَ تقُولُ...
الناسَ تَرَانَا...
قد رَكَعَا للقَهْرِ سِنِينا
فَضَاعَا سُدًى..
وأَضَاعَانا!
ولأنَّ الأجدادَ قد وَشَمُوا في صَلْصَالِ الذاكرة:
أنَّ الاختيارَ حَرَامْ
أنَّ الاعتراضَ حَرَامْ
أنَّ مَنْ يَرْكُلِ التَّقْلِيدَ
سَيَلْقَى العَذَابَ الغَرَامْ
أنَّ الدِّينَ ثَوْبٌ تَخِيطُه يا وَلَدِي
مِثْلَما نَصَّتِ العَاداتُ
وإنْ حَرَّمَتْ مَا أَحَلَّه
أنْ تلتزمي يا ابنتي بِتَقَالِيدِنَا
فإذا نَضِجَ البَرْقُوقُ شَهِيًّا فيكِ...
وأسْقَطَ في طُرُقاتِكِ لَوْنًا فَعَرَّقَكِ
الأَوْلَى تَرْمِيه لِأوَّلِ مَنْ يَطرُقِ البَابَ
وإيَّاكِ أَنْ تعشَقِي عُصْفُورًا مَسْجُونًا
أو أن تعشقي أَحَداً
جَمِّدي الشَّمْسَ في الرُّوحِ إنْ تُشْرِقْ
اسْحَقِي قلبَكِ الخَامَ...
العَارُ أنْ يَخْفِقْ
وَضَعِي ما يراهُ الناسُ صحيحًا مَحَلَّه
ضِعْنَا توليبي..
أَضَاعُونا!
ضعنا في خِضَمِّ الجَهْلِ الطَّافِحِ
في غُرَفِ التَّغْيِيبِ
وفي بِركَةِ الشَّائِخِينَ المُحْتَجِّينْ
كيفَ الأُنْثَى تَجْنِي أرْبَعًا مِنْ زَنَابِقِها
بعدَ العِشْرينْ
لَمْ يَشْرَحْ إصْبَعُها لأخيهِ...
شُعُورَ انزلاقِ الخَاتَمِ فيهِ أوْ الدِّبْلَةْ
كيفَ لَمْ تَحْضُرْ أعْراسًا
أو تَشْرَبْ شَايَها في جِلْسَاتِ السِّتَّاتِ
لِتَجْعَلَها أُمُّها في أعْيُنِ عِرْسَانِها قِبْلَةْ
كيفَ تجرؤُ أنْ تُطْلِقَ الـ "لا" مِنْ فَمِهَا
أوْ تَقُولَ لهُمْ:
لَمْ أطْلُبْ وليست بي رَغْبَةْ
سَتُهدِّدُها أنيابُ أبيها ويصرُخُ مُمْتَعِضًا:
أَدُخُولُ بُيوتِ الناسِ مُزَاحٌ أو لُعْبَةْ؟!
سَتُزَفِّينَ الشهرَ التالي رُغْمًا عَنْ أنفِكِ يا كَلْبَةْ
فَتُحَاربُهم وَحْدَهَا
****
وتُقَاومُهم وَحْدَهَا
حتَّى تَفْنَى كَنِهايةِ أُغْنِيَةٍ
تُفْلِتُ الكَلِماتُ بعيدًا عَنْ لَحْنِهَا
وتقولُ:
العَالَمُ قَاسٍ
وأهلي أنْذَالٌ
سرقوا كُلَّ شَيءٍ لي
وَأَتَوا بِالشَّيْخِ الدَّجَّالِ..؟
كَيْ يُقْصِي عَنِّي شَيْطَانَ الرَّفْضِ بِأَبْرَاجِ حُرِّيَّتي
ولِكَيْ يُقْنِعَ النَّاسَ أَنِّي مَمْسُوسَةٌ
وجَمِيعُ الصَّبَايَا بِجِيلي مِثْلِي
وَفِي بَلَدِي
ولذا
أحْرَقُوا قَاعَاتِ اللَّيْلَكِ في جَسَدِي
تركوا دَمِّي الرُّمَّانَ يسيلُ كَخَيْلٍ هاربةٍ مِنِّي
مَرْمَرُونِي فَوقَ التُّرَابِ وراحوا
يَتَّفِقُونَ على ثَمَنِ الشَّبْكَةْ
قَتَلُوني بِبُطْءٍ
لأنِّي أَرَدْتُ فَقطْ فَسْخَ الخِطْبَةْ!
دَمَّرُونَا يا زَهْرَتِي
دَمَّرَتْنَا أحْجَارٌ
أحْجَارُ الكِلْسِ التي انْصَهَرَتْ
فِي كَرَاسِيها مُنْذُ بَدْءِ الزَّمَنْ
في المَقْهَى
في المَشْفَى
في الجامعةِ القَبْرِ
في التِّلْفَازِ
وفي الأشْغَالِ
وفي البيتِ المَنْفَى
دَمَّرَتْنَا توليبي أَجْيالُ العَفَنْ
دَعَسُونا كَحَبَّاتِ الأعنابِ
لِكَيْ يَشْربُونا نَبِيذًا رَخِيصًا
لِأنَّا رَفَضْنَا عِبَادَةَ الوَثَنْ نفسه
وسَلَكْنا طريقًا غَيْرَ طريقِ القَطِيعِ النَّتِن
القَطِيعِ الذي لَمْ يُضِعْنا فَحَسْبُ
ولكنْ أضاعَ وبَاعَ بِجَهْلٍ
كُلَّ الأشْيَاءِ
حَتَّى الهَوَاءَ بِهَذا الوَطَنْ.
