الثلاثاء - 23 نيسان 2024

إعلان

أنا الثلج!

جورج شكرالله
أنا الثلج!
أنا الثلج!
A+ A-

كون أبيض، رمته الشمس عن كتفيها وذهبت في السماء.

أين هي هذه المتكبرة؟ زمهرير... صفير ريح، وهرب رعاة...

دروب تفتّش عن أمكنتها... طيورٌ بين فضاء لا وجه له، وأرض غير آبهة، مغلوبة على أمرها.

غابة تختبئ خجلاً، وفقراء، ينادون الدفء، بأنين ولهاث...

أين هي هذه العابثة؟ الأشجار عجائز منحنيات بجدائل بيضاء، وصابرات على أغصان كأنها فرسان الشكل المتراخي المهزوم.

الليل يصارع بظلمته الكالحة، صراخَ الطبيعة المجنون، فيخرج الدخان من السطوح ليتفرج، فلا يرى شيئاً، ويتوه.

الأودية كانت خارج اللعبة، لولا تَجمٌد شلالات قصدتها ولم تصل، فحاولت أن تطالها فسقطت بقرقعة ودويّ.

الشمس هامدة، والثلج يبوح لأوّل مرة: أضحكُ، ولكن لا تصدقوا... غياب الشمس قوّتي، وشوكتي مزروعة في كل غيمة... فمن نوى اختراق حواجزي، وكسر شوكتي تصيبه اللعنة، ولا ينبت في حقله عشب...

أنا الثلج، وسلطتي الذوبان المطلق في كينونتي.

أنا الثلج..!


لم يعد بحاجة لشمس

كان يمشي ساحباً المسافة بقدميه...

كان ظله ممدّداً فوق تلك المسافة...

الأشجار، التلال، مرتفعة حوله ببطء شديد...

نظره إلى الأمام، وأفكاره شتاء ...

كان وحيداً في ذلك النهار...

الأصوات تتناهى إلى أذنيه، كحفيف غابة بعيدة...

لم يفكر بالعودة...

التعب أحيانا عبدٌ جيّد للهدف...

ها هو يتقدم...

أغصان كثيرة أبعدها عنه، ليرى الهدف واضحاً...

عمراً كاملاً مشاه، بأمرة السنين المطلقة...

الهدف بات قريباً منه...

لهاثه زعزع حركة صدره المثالية...

الهدف بات وشيكاً... بات وشيكاً...

فتح ذراعيه ليغمره بكليته...

صُعق...

غمر ضباباً تجمعه الريح أمام عينيه

حاول العودة... حاول الانكفاء...

هاجم هجوماً شديداً،

وهو يتحول إلى وهم آخر من أوهام الدهر...

في تلك اللحظات لم يعد بحاجة لشمس..!

****

لا شيء

كان ممتدّاً كطريق ...

غير مرئيّ كمسافة...

كان قاسياً من صخر...

سامقا من شجر...

يفتّ على أنه تراب أو رمل...

له ظلّ وليس له...

بسمته نافذة، وضحكته باب...

كان منبسطا بارتخاء مثل سهل...

يستمطر في أوان الغيم...

ينشد الجفاف وقت اللهيب...

له خرير نهر، وليس فيه ماء...

له كل هذه الصفات،

ولكنه لم يكن إنسانا، لأنه لم يكن طبيعة..!

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم