الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

الفكرة وحدها مؤذية ... "هديّة القرن" من ترامب إلى بوتين؟

المصدر: "النهار"
جورج عيسى
A+ A-

بحسب الصحيفة، قال ترامب للمقرّبين منه قبل اجتماع أعضاء الحلف في بروكسيل شهر تمّوز إنّه لم يرَ فائدة من "الناتو" الذي يشكّل "استنزافاً" للولايات المتّحدة، قائلاً في مجلس خاص إنّه يريد الانسحاب من الحلف. في ذلك الوقت، سارع وزير الدفاع السابق جايمس #ماتيس ومستشاره لشؤون الأمن القوميّ جون #بولتون إلى إقناعه بضرورة إبقاء #واشنطن في هذا الحلف. واليوم، إنّ رغبة الانسحاب التي كرّر ترامب التعبير عنها تثير مخاوف جديدة بين مسؤولي الأمن القوميّ وسط قلق متزايد حول جهوده في إبقاء اجتماعاته مع بوتين سرّاً حتى بالنسبة إلى مساعديه المقرّبين منه ووسط تحقيقات "أف بي آي" حول علاقات محتملة للإدارة مع الروس، بحسب "نيويورك تايمس".

دوافع تصريحاته أكثر وضوحاً اليوم

في تمّوز 2018، انتقد ترامب بشدّة المستشارة الألمانيّة أنجيلا #ميركل لموافقتها على مشروع خطّ أنابيب "نورد ستريم 2" ثمّ طالب أعضاء الحلف برفع المساهمة في الإنفاق الدفاعيّ إلى 4% قبل أن يشكّك بجدوى "الناتو" طالما أنّ " #ألمانيا تدفع ل #روسيا المليارات من الدولارات للغاز والطاقة". ربّما بدا حينها أنّ التشكيك بالحلف خليط من الأسباب التي تبدأ بالأفكار الحمائيّة التي يطلقها ترامب بين الحين والآخر لإرضاء قاعدته الشعبيّة وتمرّ بعدم شعوره بالمودّة تجاه ميركل قبل أن تصل إلى محاولة الضغط على حلفائه من أجل دفع موجباتهم. لكن اليوم، ومع تقرير الصحيفة الأميركيّة، أمكن فهم تلك التصريحات على ضوء رغبته الجدّيّة بالانسحاب من الحلف. حتى عندما هدأ التوتّر بعد نهاية القمّة بسبب تعهّد الحلفاء بزيادة إنفاقهم في الموازنة الدفاعيّة، لم يبدُ الرئيس الأميركيّ مقتنعاً بجدوى توسيع الحلف ليشمل دولة مثل الجبل الأسود. كذلك، لم يبدُ أنّه فهم آليّة "الناتو" خلال مقابلة مع "فوكس نيوز" حين تخوّف من أن تقوم "مونتينيغرو" باستفزاز #روسيا، ويبدو أنّه يواصل عدم فهمها بحسب موقع "فوكس" الأميركيّ.

حتى أنّه في آب 2018 طرح التساؤل التالي: "ماذا لو دخلنا نزاعاً لأنّ دولة هوجمت؟ نحن الآن في حرب عالميّة ثالثة ونحمي دولة لم تكن تدفع فواتيرها". وبغضّ النظر عن هاجس الفواتير، إنّ الدفاع عن الدولة التي تعرّضت للهجوم لا يعني حتماً الدخول في حرب عالميّة أخرى التي إن وقعت، فستكون بسبب الدولة المهاجِمة لا بسبب تلك التي تعرّضت للهجوم.


تقاطع معلومات

يظهر أنّ معلومات "نيويورك تايمس" تتقاطع مع ما قدّمته مصادر من داخل الحلف لوسائل إعلاميّة أخرى. تشير شبكة "سي أن أن" إلى أنّ مسؤولاً بارزاً في "الناتو" أبلغها أمس أنّ الحلفاء "عملوا جاهدين" السنة الماضية لإبقاء ترامب ملتزماً بالحلف التاريخيّ. وأوضح أنّ القلق لم يكن متمحوراً حول الانسحاب الأميركيّ الكامل من "الناتو" وحسب لأنّ المحادثات تركّزت أكثر على التأكّد من أنّ ترامب سيحترم الدفاع المشترك عن دول أخرى بحسب المادّة الخامسة من الشرعة. فمن دون هذا الاحترام سيتعرقل الحلف. وأضاف أنّهم أجروا هذه المحاولات "مرّات عدّة على جميع الأصعدة" السنة الماضية.

ونقلت الشبكة نفسها عن الناطقة باسم البيت الأبيض ساره ساندرز وصفها لما ورد في التقرير بأنّه "بلا معنى" مذكّرة بأنّ ترامب قال عن الحلف إنّه "مهمّ جدّاً" وإنّ التزام الولايات المتّحدة به "قويّ جدّاً" وذلك في 12 تمّوز الماضي. حينها أيضاً، عبّر الرئيس الأميركيّ عن اعتقاده بأنّه يمكنه الانسحاب من الحلف بلا موافقة الكونغرس، لكنّ هذا الأمر أصبح "غير ضروريّ" بعدما تعهّد الحلفاء بزيادة إنفاقهم.


المشكلة أعظم من مجرّد الانسحاب

أثار التقرير الصحافيّ غضب العديد من المسؤولين في الكونغرس وخارجه. النائبة جاكي سباير تحدّثت عن أنّ الانسحاب من الحلف سيدفع الديموقراطيّين إلى بذل الجهود من أجل توجيه الاتّهام إلى ترامب أو اللجوء إلى التعديل الخامس والعشرين الذي يعنى بالبحث عن خلف الرئيس في حال وفاته أو استقالته أو إقالته أو عدم قدرته على مماسة مهامّه. لكن لهذا التعديل إشكاليّاته لجهة التفسير وشروط التطبيق. وعلى أيّ حال، من غير المتوقّع أن يقف جمهوريّو الكونغرس مكتوفي الأيدي إزاء حدث كهذا، هم الذين تحرّكوا سريعاً لاحتواء أو إبطاء قرار أقلّ خطورة مرتبط بسحب ترامب قوّاته من سوريا.

من جهة ثانية، لا تنحصر المشكلة في رغبة ترامب بالانسحاب وحسب، لأنّ السؤال سيكون مشروعاً حول جدوى بقاء واشنطن في الحلف إذا لم ترد الدفاع عن دولة أطلسيّة تعرّضت للهجوم. بالمقابل، إنّ توجّه ترامب في المستقبل القريب لإعلان تشكيكه بالحلف سيوجّه ضربة قويّة له. فبحسب ما يذكر الكاتب في الشؤون الروسيّة طوم نيكولز، يمكن للكونغس "أن يصعّب على ترامب الانسحاب من الحلف، لكنّ الضرر بالردع – وهو ظرف سياسيّ ونفسيّ لا قيد قانونيّ – وقع وهو يزداد سوءاً".

لهذه الأسباب وغيرها، لم يكن مفاجئاً ما قاله الأدميرال المتقاعد والقائد السابق للقيادة العليا لقوّات "الناتو" جايمس ستافريديس حول أنّ الانسحاب الأميركيّ من الحلف سيكون "خطأ جيوسياسيّاً بحجم ملحميّ". وأضاف: "حتى مناقشة فكرة الانسحاب من ‘الناتو‘ ناهيك عن فعل ذلك في الواقع – سيكون هديّة القرن بالنسبة إلى بوتين".

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم