الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

لا بد من إلغاء الوصاية على المرأة... ولكن ليس بسبب رهف

المصدر: "عرب نيوز"
فيصل ج.عبّاس
لا بد من إلغاء الوصاية على المرأة... ولكن ليس بسبب رهف
لا بد من إلغاء الوصاية على المرأة... ولكن ليس بسبب رهف
A+ A-

بداية لا بد من القول إن وصاية الذكور على النساء في المملكة العربية السعودية، أو في أيّ بلد آخر في العالم، هي ممارسة قديمة وخاطئة وقائمة على التمييز وينبغي إلغاء كل أشكالها.

أقول ذلك للتوضيح أنّه على رغم وجود محافظين في #المملكة قد يوافقون على تلك الممارسة، فإن آخرين كثراً يخالفونهم الرأي ويعملون باستمرار على تغيير الوضع الراهن. وهذا تقويم عادلٌ وواقعيٌ للوضع في المملكة إذا أخذنا في الاعتبار التغييرات الكثيرة والسريعة التي تشهدها البلاد، والتي لا ينكرها أي مراقب منصف.

في الحقيقة، منذ الإعلان عن رؤية المملكة العربية السعودية 2030، تمتعت النساء السعوديات بحقوق غير مسبوقة وأصبحنَ متمكنات إلى حد غير مسبوق في تاريخ المملكة.

بالطبع، قد يقول بعض المنتقدين إنّ تنفيذ رفع الحظر عن قيادة المرأة السيارة الذي حصل في العام الماضي استغرق وقتاً طويلاً، ولكن لا بد من القول في هذه الحالة أنّ "تأتي متأخراً خير من ألا تأتي مطلقاً"، والخلاصة هي أنه في نهاية الأمر النساء السعوديات يتمتعنَ اليوم بالحقوق التي يتمتع بها نظراؤهنّ الرجال في ما يخص قيادة السيارة. وقد حل هذا الأمر مشاكل عديدة كانت تواجه نساء كثيرات.

فضلاً عن ذلك، يلحظ أي وافد إلى المملكة بالتأكيد تغييرًا واضحًا في التعاطي مع قواعد اللباس المحافِظة التي تم التقيد بها في الماضي. وفي ما يتوقَع من النساء والرجال ارتداء ملابس محترمة وساترة، أصبح الوضع الآن أكثر مرونةً وباتت النساء قادرات على الاختيار بحرية، سواء يردنَ ارتداء النقاب أو الحجاب أو لا هذا ولا ذاك.

أُعطيَت النساء أيضاً حق العمل في معظم القطاعات، ويتم القضاء على أشكال التمييز العديدة في العمل والأماكن العامة. وقد يطرح النقّاد - وهم محقون - موضوع عدم قدرة النساء على التصويت اليوم أو موضوع الناشطات اللواتي أُوقفنَ في العام الماضي في ظروف غامضة بسبب اتهامهنّ بالتعامل مع جهات أو بلدان معادية للمملكة.

ولكن حقيقة الأمر هي أنّ الرجال عاجزون أيضًا عن التصويت، فلا انتخابات في المملكة في الأصل كما هو معروف. ومن ناحية الممارسات البديهية مثل انتخابات البلدية السعودية، فلا تنتخب النساء فحسب بل يمكنهن أيضًا الترشح وخوض هذه الانتخابات أيضاً.

أما بالنسبة إلى المخاوف المشروعة حول ظروف توقيف الناشطات واعتقالهنّ،  فيجب أن نتذكّر معاملة الجميع على أنهم بريئون حتى إثبات إدانتهم. ولذلك يؤسفني أن أرى ما كتبته بعض الصحف السعودية المحلية وتسمية المتهمات والتشهير بهنّ قبل إصدار القاضي حكمه. فذاك ليس امراً غير مهني فحسب، بل هو غير أخلاقي أيضاً.

أما بالنسبة إلى ممارسات قوى الأمن، فإذا تم إثبات تخطيها صلاحيتها أو خرقها أي قوانين في ما يتعلق بالموقوفات، فينبغي أن تواجه العدالة – وأنا أكيد من حصول ذلك – تماماً كما حصل مع قتلة زميلنا المرحوم جمال خاشقجي.

إذًا، هل حصلت النساء على جميع حقوقهنّ في المملكة؟ لا بالتأكيد، ولكن ما زال ينبغي إنجاز الكثير كما هي الحال في موضوع إذن السفر مثلاً.

ولكن مع كل التغييرات الإيجابية والسريعة الحاصلة، سيُلغى تلقائياً كل ما تبقى من نظام وصاية الذكور، وأتوقع ذلك عاجلاً وليس آجلاً. فمثل هذه الممارسات القديمة لا تتماشى مع الوجهة التي تطمح رؤية 2030 أن تأخذ المملكة إليها. وقد برهنت الأشهر القليلة الأخيرة، أنّ التدابير العصرية مثل قانون مكافحة التحرش أكثر فعالية من تجوّل عناصر الشرطة الدينية السيئة السمعة - والمنحلّة الآن - في الشوارع لتطبيق "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر".

وخلال الأشهر الأخيرة، أعدنا افتتاح صالات السينما ونظّمنا أحداثاً ضخمة مختلطة وحفلات موسيقية حيّة وحفلات في الشوارع من دون تسجيل أي حادث يذكر، وهذا إنجاز ومؤشر جيد بالتأكيد.

ومع ذلك، من المؤلم والمغضب رؤية كيف يتم تسييس وسائل الإعلام المعادية للمملكة العربية السعودية في قضية المراهقة رهف القنون التي هربت من منزل ذويها. وكما تبيّن وبخلاف التقارير الإعلامية السابقة، أنكرت السلطات التايلاندية أن الرياض طالبت بإعادة المراهقة إلى المملكة.

ومع ذلك فقد كان الترويج الكبير لهذه القضية مؤذياً للغاية وغير عادل، لا لرهف ولا للاصلاحات التي حصلت في المملكة العربية السعودية فحسب، بل لرهف نفسها.

ففي النهاية، تبلغ رهف من العمر 18 عاماً فقط. أقول ذلك بكل احترام ومع تمنياتي الصادقة لتجد الأمان والراحة حيث تقرر هي الذهاب، ولكن من العدل القول إنّ في سنّها المبكرة، قد لا تدرك على الأرجح عواقب عيش حياتها كلاجئة. فهل هي مؤهلة للتعامل مع المسار الذي اختارته؟ وهل سيستمر مشجعوها بمساندتها عملياً بعد أن يتوقف تداول تغريداتها؟ لا أعلم.

أرى أيضاً أن وزارة خارجية المملكة العربية السعودية كانت تستطيع التعامل مع القضية بشكل أفضل بكثير. لم يكن يجب أن تنتظر الوزارة إنكار السلطات التايلاندية تقارير الإعلام حول مطالبة الرياض بعودة رهف. فقد كان على الوزارة إصدار بيان فوري والقول إنّ هذه مسألة عائلية لا علاقة للحكومة بها إطلاقاً.

أخيراً، إذا توجّب فرض أيّ نظام وصاية في المملكة، فعلى الوزارة فرض قوانين على ما يقوله ديبلوماسيوها، ولا سيما القائم بالأعمال السعودي في تايلاند، فإخبار السلطات التايلاندية أمام حشد من الصحافيين والكاميرات أنّه كان عليهم مصادرة الهاتف الذكي الخاص بالمواطنة السعودية رهف خطأ غير مقبول أو مبرر إطلاقاً.

¶ نقلاً عن "عرب نيوز" السعودية

رئيس تحرير "عرب نيوز" 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم