الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

في النظرة إلى الشرق الأوسط... ترامب هو أوباما 2.0؟

المصدر: "الأتلانتيك"
"النهار"
A+ A-

اتّهام

اتّهم بومبيو أوباما الذي تحدث منذ عشر سنوات عن "بداية جديدة" بين الولايات المتحدة وأكثر من مليار مسلم، بأنّه قلّل كثيراً من أهمية العقيدة الإسلامية الراديكالية وبأنّه تجاهل عن قصد خطر النظام الإيراني. وتحدّث في الجامعة الأميركية في القاهرة عن أنّ أخطاء أوباما التي تسبّبت بالأذى لمئات الملايين من الناس في المنطقة والعالم، إذ إنّ داعش "اغتصب وسلب وقتل" و #إيران "نشرت تأثيرها السرطاني" فيما الحكومة السورية "أطلقت الرعب" عبر قصف شعبها بالسلاح الكيميائيّ. وحصل كل ذلك في مواجهة الحياء الأميركيّ.

بعد إعلان ترامب الانسحاب الفجائي من #سوريا، رأى بومبيو أنّ انسحاب الولايات المتحدة من العالم تعقبه الفوضى في غالب الأحيان. لكن تابع أنّه بالقضاء على داعش وبالخروج من الاتفاق النووي مع إيران وبالردّ مرتين على استخدام الرئيس السوري بشار #الأسد السلاح الكيميائي، تعيد إدارة ترامب تأكيد "الدور التقليدي للولايات المتحدة كقوة خير" في المنطقة. غير أنّ مراقبين على ضفتي السياسة الخارجية الأميركيّة رأوا نقاط تشابه بين نظرتي ترامب وأوباما حول وضع حدود صارمة على الكلفة البشرية والمادّيّة لواشنطن في الشرق الأوسط.

مؤشرات وتناقضات

قال مستشار أوباما السابق في شؤون الشرق الأوسط فيليب غوردون ل "الأطلانتيك" إنّ ترامب لا يمثّل رفضاً لسياسة أوباما بل هو تأكيد لها. ووصف مارك دوبوفيتز من "مؤسسة الدفاع عن الديموقراطيات" ترامب بأنه "أوباما 2.0" من حيث رغبته بفك الارتباط العسكري من الشرق الأوسط، لكنّه استثنى من ذلك نظرة الرئيس الحالي إلى إيران. أوصل بومبيو الرسالة التطمينية لشركاء #واشنطن في جولة على تسع دول في الشرق الأوسط. قبل بضعة أسابيع فقط، همّش ترامب هؤلاء الحلفاء حين أعلن خططه لسحب القوّات الأميركية من #سوريا وترك الآخرين يتدبرون أمر القضاء على بقايا داعش. وقال ترامب إنّه يمكن الإيرانيين "القيام بما يريدون" هناك وإنّه آن الأوان للولايات المتحدة كي تنهي "الحروب التي لا تنتهي" و "العودة إلى الديار وإعادة البناء".

في مؤّشر آخر على أنّ الرئيس ليس منشغلاً بالضبط بتأكيد "الدور التقليدي" للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، لم تعيّن واشنطن سفراءها في أكثر من نصف هذه الدول التي زارها بما فيها #مصر. وبرزت مؤشرات أخرى أيضاً. حين كان بومبيو يتحدث، توجه ترامب إلى تكساس كجزء من سعيه لبناء جدار عند الحدود الجنوبية من خلال إغلاق حكومي. وبينما كان مسؤولون في وزارة الخارجية يساعدون بومبيو في جولاته من دون قبض رواتبهم، أشار ترامب إلى أنّه بإمكانه تمويل الجدار بجزء ممّا تنفقه الولايات المتحدة على الحرب في #أفغانستان.

تحدث دوبوفيتز إلى فريدمان قائلاً إنّ ترامب يدعم فكرة "أنّنا نستطيع بناء جدار حول الولايات المتحدة وأنّه يمكننا إبقاء جميع هذه التهديدات في الخارج، سواء أجاءت من مهاجرين أو على شكل إرهابيين". في هذا الوقت، يعلن وزير خارجيته في الشرق الأوسط للحلفاء أنّ "الولايات المتحدة لا تنسحب إلى خلف الجدران، لكنّنا في الواقع سننخرط بعمق في المنطقة وفي العالم".


أوباما بين الطموح والواقع


كان خطاب أوباما في القاهرة سنة 2009 طموحاً للغاية في محاولة لتخفيف الجراح العميقة التي خلّفتها حرب الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش الابن على #العراق. وأمام حضور مكتظ في جامعة القاهرة صفق وصرخ له "نحن نحبك"، أعرب أوباما عن تصميمه على سحب الجنود الأميركيين من #العراق و #أفغانستان وعلى حل الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي والدخول في مفاوضات نووية وعلاقة إيجابية مع إيران وتغذية التنمية الاقتصادية وحقوق الإنسان في المنطقة.

بعدها أتى الربيع العربي مع تداعياته الرهيبة التي دفعت أوباما إلى الإطاحة بديكتاتور في ليبيا وإعادة نشر جنود أميركيّين لمحاربة داعش والدخول في صراع مع فكرة تفويض أو عدم تفويض تدخل عسكري مباشر للتدخل في #سوريا قبل أن يرفض ذلك في نهاية المطاف. توصل أوباما إلى اتفاق مع إيران لكنّه لم ينجح في تقليص الوجود العسكريّ الأميركيّ بشكل دائم في العراق أو أفغانستان أو في تحقيق تقدم كبير في السلام الفلسطيني-الإسرائيلي أو تحويل الرأي العام في العالم الإسلامي بشكل إيجابي تجاه الولايات المتحدة.

سأل فريدمان غوردون الذي خدم كمستشار بارز لشؤون الشرق الأوسط بين عامي 2013 و 2015 عن مدى تأثير خطاب القاهرة على تشكيل السياسة الخارجية خلال الوقت الذي وصل فيه غوردون إلى البيت الأبيض. فأجاب: "ليس كثيراً، بصراحة". وشرح أنّ الملاحظات التي أدلى بها أوباما عكست حدسه ورغبته تجاه المنطقة، "لكنني أعتقد أنّه سيكون أول من يعترف بأنّه لم يكن قادراً على تحقيق ‘البداية الجديدة‘".

في نهاية ولايته الرئاسية، ازدادت أوهام أوباما بشكل كبير حول الشرق الأوسط. ووصف المنطقة في حديث إلى جيفري غولدبيرغ من المجلة نفسها، بأنها استنزاف لحياة الجنود الأميركيّين والقوة الأميركيّة وتشتيت للانتباه إلى مناطق أخرى من العالم مثل آسيا والتي تُعتبر حيويّة للمصالح الأميركيّة.

اختلاف بين الرئيسين

قال غوردون إنّ مدى فك ارتباط واشنطن بالشرق الأوسط مبالغ به في غالب الأحيان. لكن مع ذلك، كان أوباما ينوي تقليص أكلاف والتزامات الولايات المتحدة في المنطقة وعدم الغرق في الشرق الأوسط. وما وجده غوردون مفاجئاً هو أنّ انتخابات 2016 لم تعد توجّه السياسة الخارجيّة إلى المسار المعاكس كما يحصل حين يسيطر الحزب الآخر على البيت الأبيض. عوضاً عن ذلك، كان هنالك توجّه نحو المزيد من فكّ الارتباط عن المنطقة.

وأشار الخبير في شؤون الشرق الأوسط ضمن "المجلس الأطلسيّ" فيصل عيتاني إلى اختلاف جوهري بين الرئيسين وهو ما سلّط بومبيو الضوء عليه في القاهرة: عودة ترامب إلى المفهوم التقليدي لحلفاء وخصوم واشنطن في المنطقة بعدما بذل أوباما جهداً ولو محدوداً لتغيير هذه الديناميات. لقد كان أوباما ومستشاروه ينتقدون أحياناً شركاء واشنطن العرب ولم يكونوا راغبين بتقديم دعم غير مشروط لهم في صراعهم مع إيران. لكنّ بومبيو لم يترك مجالاً للشك في عقد "شراكة مع أصدقائنا ومعارضة أعدائنا بشدّة"، مشيراً إلى أنّ إدارة ترامب "عزّزت تفاهماً مشتركاً مع حلفائنا والحاجة لمواجهة الأجندة الثوريّة للنظام الإيراني".


الصين، الصين

واستنتج دوبوفيتز من خلال محادثات أجراها مع مسؤولين خلال رحلة إلى الشرق الأوسط في كانون الأوّل إدراكهم أنّ أوباما وترامب جزء من "مسار" وأنّ هنالك "توافقاً حزبيّاً حول أنّه يجب الخروج من الشرق الأوسط" نتيجة للتعب من الحرب في الولايات المتحدة واستعار التنافس بين القوى العظمى. وقال إنّ القادة العرب يعلمون "أنّهم قد لا يكونون قادرين على الاعتماد على الولايات المتّحدة للمضيّ قدماً". وأضاف: "يمكنهم قراءة استراتيجيّة الأمن القوميّ واستراتيجيّة الدفاع القوميّ تماماً كما يمكننا نحن. إنّهم يتلمّسون أنّ الأمر متعلّق بالصين، الصين، الصين". أو كما قد يقول ترامب: "الجدار، الجدار، الجدار، وربّما الصين أيضاً". فقبل انطلاق بومبيو برحلته إلى الشرق الأوسط كان الرئيس الأميركيّ قد أوضح توجّهه قائلاً: "لا أريد أن أبقى في سوريا إلى الأبد. هي رمل وهي موت".


الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم