الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

"وجه رجل وحيد" لمهدي زلزلي: سردٌ يفتح أبواب الأسئلة

المصدر: "النهار"
نبيل مملوك
"وجه رجل وحيد" لمهدي زلزلي: سردٌ يفتح أبواب الأسئلة
"وجه رجل وحيد" لمهدي زلزلي: سردٌ يفتح أبواب الأسئلة
A+ A-

يدعونا مهدي زلزلي، عبر ثلاثين قصة قصيرة في كتابه "وجه رجل وحيد" (دار الفارابي 2018)، الى رحلة اجتماعية تطال مختلف القيم والظاهر والحوادث التي نعيشها يوميًا بشكل متفاوت وبظروف مختلفة. ثلاثون قصة حملت إشكاليات كالخيانة والعنف المعنوي والفقر والشكل والتجميل والمحسوبيات الخ، بطريقة سرديّة لافتة تفتح أمام القارئ أبواباً من الأسئلة.

فإذا تناولنا الأسلوب الذي سار به زلزلي، نلاحظ اصرار الكاتب على إبراز معادلة اتّصال الماضي بالحاضر، وهذا ما بدا جليًّا في "عام ليس لها"، "ذكرى بعد عشرين عامًا"، "حرارة"... مما يؤكد صحّة فناء الهوية الإنسانية لمجرد فناء الماضي، فالإنسان أسير ماضيه وسيّد حاضره، إضافة الى اعتماد الكاتب على سرديّة قويّة كفيلة بشدّ القارئ ليكمل مشوار الشخصيات المحلقة في سماء النص، الأمر الذي دفعه الى الاستغناء عن الصورة البيانيّة والشاعريّة باستثناء "يلعن الدنيا"، حيث ساعده ضمير المتكلم المُتّبع في غير قصة ايضا على الخروج عن منطق السرد الآسر. هنا السؤال: بما أنّ الصراع القائم حاليًا، وفق زلزلي، هو بين الشعر والقصّة القصيرة، لِمَ لم يستعمل النفس الشعري كسند لسردية قوية ترجمت أحداث النصوص؟ سؤال ترسّخه أيضًا قصص "في مديح الندم"، و"رجل يستحقها"، لتأتي قصة "الرجل الخطير" بنفحتها الوصفيّة، فارضة سؤالاً آخر: لِمَ الاصرار على تحميل السرد وحده أثقالاً؟ سؤال يقودنا الى أدغال النص أكثر فأكثر .

ومن جهة ثانية، فالخاتمة عند زلزلي صاخبة ومفاجئة، خصوصًا في "بيتي"، حين تبلورت بحلّة غير متوقّعة، و"عزف منفرد" حيث النهاية المفتوحة على مَشاهد وتصوّرات. وقد تساوت القصص القصيرة ايًضا بمنطق المعاناة والحزن النابع من مجتمع تتكاثر مشكلاته يومًا بعد يوم، الا ان زلزلي حاول ان ينثر الألم بنعومة قدر الامكان ومرونة تجعل من يقرأ قصة "ابتسامة على وجه رجل وحيد" يعيد جردة يوميّاته نظرًا لما تتناوله من معالجة اشكالية الريف والمدينة وعدم تأقلم البطل مع زحمة الضاحية الجنوبية لبيروت.

لم يغب عن زلزلي أمر استعراض إطلاعه وقراءاته، وهذه نزوة عند كاتب يريد لملمة السعادة والتسلية والمتعة والمعاناة ليجمعها في قالب لغوي... القصّة القصيرة عند زلزلي لوحة تنطق بما نتنفسه، حاول في هذا الإصدار استقطاب القراء نظرًا لتجدّد المواضيع. الصورة الفنيّة والعاطفة الصاخبة تنتظران ضوءاً أخضر لمعانقة القصّ عند رجل لن يكون وحيداً الا بعطائه. 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم