صرخة "قلب مجمّد"... من أم طرابلسية

ناريمان سنج، مواطنة لبنانية طرابلسية، مطلقة وأم لثلاثة أولاد: عمر (21 سنة)، إيمان (17 سنة) ودموع المتزوجة. المنزل الواقع في شارع "الجيش" في القبة مقابل كلية العلوم "فارغ.. متجمد"، كما تعبّر ناريمان في إشارة الى انه خالٍ من اثاث يصلح لعيش هذه العائلة الصغيرة أو من أقل مستلزمات تدفئة كانون. لا معيل لهذه العائلة التي تشكو الفقر والبرد وانقطاع الكهرباء والماء. لا قدرة لناريمان على معالجة مرضها، اذ تعاني شللاً نصفياً ولا تستطيع تحريك يدها اليمنى.

ضاقت الدنيا بهذه السيدة، فقررت في لحظة انها تودّ إيصال وجعها للجميع. اتصلت بـ"النهار" سائلة: هل يشعر من ينعم بالدفء بحال من لا قدرة له على تأمين المال اللازم للاشتراك الكهربائي في ظل ساعات التقنين القاسية، هل يشعر بمن لا قدرة له على تأمين التدفئة لعائلته، والماء الساخن للاستحمام.
لا ترغب ناريمان بأن يرى الناس وجهها أو وجوه أولادها، احترام هذه الخصوصية واجبٌ تماماً كما احترام ظروف طلاقها. من بيتها المتواضع في القبة ترسل صور جدران مهترئة واثاث مرّ عليه الزمن. الفقراء كثر في بلدنا، هذا ليس بالجديد، وبينهم من حالهم اسوأ من حال ناريمان. لكن لناريمان وجعها الخاص، تشعر به حين تبتاع بعض المواد الغذائية لعائلتها، ولا تسدد كامل سعرها للبقال ولا تقوى على ايصالها الى المنزل بسبب مرضها. حين تقصد هذه الجمعية او تلك، يقال لها الا مساعدات مخصصة للمطلقات، ففي خانة مساعدات تلك الجمعيات ما خصص للارامل والمتزوجات والنساء العازبات، لكن لا مساعدات للارامل، هذا ما تقوله ناريمان. اما الاحزاب السياسية، فـ "نصوت لها لكي نحصل على حبتي دواء، وربما ساهم تأجيل الانتخابات في "شحّ" تلك المساعدات، وهي إن عادت فستعود قبل 4 أو 5 أشهر من موعد الانتخابات فقط"، كما تقول ناريمان.
تود السيّدة ان يقرأ من تسمّيهم "نواب القبة" رسالتها وان ينظروا الى "ولادي يلي تجمّدوا من البرد"، تردد "نحن بلا ماء أو كهرباء، الصقيع تغلغل في أجسادنا، فهل ما يسكر جليد قلوب السياسيين؟". ولأن ناريمان لا تقوى الا على الشكوى، فقد اتصلت ذات يوم بمؤسسة المياه في الشمال لتسأل عن انقطاع المياه، فجاءها جواب الموظف: "مين إنتي تتحكي المسؤول"؟.
نحن من؟ وأين نعيش؟ انه الجليد الذي طغى على القلوب والضمائر...