الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

غاندي يزور لبنان في القرن الحادي والعشرين

المصدر: نسب زكريا
غاندي يزور لبنان في القرن الحادي والعشرين
غاندي يزور لبنان في القرن الحادي والعشرين
A+ A-

يحتفل بعيد ميلاده في #الهند، يوم اللاعنف العالمي، #غاندي ذو الروح العظيمة تلك التي تصنّف شخصيته كفرد انطوائي شديد الحساسية والتطرف، من المثير أن نعلم أن هتلر يملك ذات الصفات الشخصية السيكولوجية، لكنه اختار الطريق المعاكس لغاندي، العنف والإبادة..

في 2012 قرأت سيرته الذاتية "قصص تجاربي عن الحقيقة"، وكثير منا لا يدرون أن غاندي كان محامياً غير ناجح، ولم يكتشف رسالة روحه العظيمة تلك، أو لم يرسخ مبادئ ثورته اللاعنفية إلا في سن الخمسين!!

السير الذاتية للعظماء الذين نمجّدهم تقرّبهم منا، وتكسر نظرة الانبهار الأعمى والمثالية التي نتصورها عنهم. فتفتح المجال أمام أعيننا لنتعلم أن حتى أكبر العظماء يمكنهم أن يصيبون ويخطئون، كتبت ربما هذه الملحوظة عن ابن عربي في أول مقال لي، منذ سنة! أبدأ بابن عربي وأنهي سنتي الأولى مع غاندي! بركة مضاعفة..

اكتشفت بمحض الصدفة وخلال اختبار نفسي علمي، أنني أملك ملامح أو صفات غاندي وهتلر، وأنني لحسن الحظ، ميولي سلمية.

تخيلت ـ بعد تلك الصدفة ـ لو أن غاندي كان لبنانياً، فلم أقتنع، تلك السحنة والمبادئ والتطرف الروحاني والنباتي لا يليق إلا بالثقافة الهندية.. عدّلت أفكاري، ماذا لو بقي غاندي هندياً وزار لبنان في القرن الحادي والعشرين.

وجدته في صورة تذكارية، مع رؤساء ومسؤولين ببدلات رسمية، بينما يحافظ هو على ثوبه الأبيض وصنداله الصيفي المغبّر الذي يقاوم عنف الأحذية السوداء اللامعة! أحب ذاك الصندال على فكرة. تخيّلته عندما يزور طرابلس ويوعظ بعصاه في شارع المئتين ( لا أدري لمَ هذا الشارع بالتحديد؟)، يجلس مع الصبية بائعي العلكة على الرصيف يعلّمهم كرم النفس والتعفف. أجده بثياب عصرية، جينز وشيرت بيضاء يحشرها تحت حزام بنيّ يصرّه على خصره الهزيل، على غرار ستيف جوبز..

سنعلّمه الرقص! كما أنه سيتأمل أمام الشاطئ، سيستمتع بالقهوة الصباحية على أنغام فيروز وينشر بوست عن ذلك. سيحكي "فتوش" اللغات ويبني صداقات مع سائقي التاكسي.

رأيته يضحك بعد أن يطلب كعكة بالجبنة اكسترا، لن يعود نباتياً، سينسى أمر بقراته المقدسة ويتعلّم التوحيد..

هذا ليس مقالاً تهمكياً ، أنا أجلّ غاندي وروحه العظيمة كثيراً. وليس أيضاً مقالاً سلبياً ينتقد الواقع اللبناني كما تظنون بادئ الأمر، إننا بحاجة إلى غاندي يزورنا لينشلنا من ظاهرات العنف العلني والمبطن الذي نعيشه، ويرمي سلامه ونفحات من روحه العظيمة على أرواحنا، لكنني تفاجأت أن خيالاتي اتخذت مسارها الخاص، مسار حياتنا اليومية التي تتجاوز كل قلق لتتعايش معه، مسار أنه بحوزتنا الكثير لنعلّمه لغاندي إنن زارنا في القرن الحادي والعشرين.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم