الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

النقد "المُنافق" في أدب وسائل التواصل الاجتماعي

المصدر: "النهار"
أنور الموسى
النقد "المُنافق" في أدب وسائل التواصل الاجتماعي
النقد "المُنافق" في أدب وسائل التواصل الاجتماعي
A+ A-

النقد الهادف المستند إلى منهجية صلبة، يقوّم الأعمال الأدبية، ويساهم في إظهار قصورها أو جماليتها وعناصرها الإبداعية.

فإذا كانت الساحة النقدية الأدبية العربية الورقية، تتخبّط غالباً في متاهات الانطباعية والمزاجية والذاتية والتحيّز، وربما التبجيل والنفاق في ميادين النقد، فإن لمنشورات الـ"فايسبوك" ونقدها عالماً آخر، ما يطرح الأسئلة الآتية: هل يقبل أدباء "فايسبوك" عادة نقد أعمالهم؟ وكيف يتصرّفون إزاء الثناء والإطراء أو النقد السلبي الهادف؟ وهل تحمل الانتقادات عادة طابعا منهجياً موضوعياً؟

الواقع أنّ غالبية الانتقادات الموجهة لنصوص الأدباء، تتسم بالإطراء والمديح و"التطبيل والتزمير"، وقلما نعثر على نقد موضوعي سليم يظهر الهفوات والثغر بهدف التوجيه أو التصويب.

فثغر اللغة والإملاء والنحو والتركيب والدلالة، نادراً ما تستحوذ على عناية النقّاد أو المعلّقين، وهي هائلة تكاد لا تحصى حتى عند رؤساء المنتديات أو المجموعات التي يتجاوز عدد أعضائها عشرين ألفاً.

أما النقد الذي يتناول العناصر المعنوية والفنية والبلاغية والإيقاعية، فهو أيضاً يعاني خللاً، فكأني بالنقد هنا، يحيل على النقد الانطباعي في العصر الجاهلي، حين كان الناقد/الشاعر ينتقد بلا مسوغ، فيقول مثلاً موجّها كلامه لنظيره: أنت أشعر الناس، وهذا أجمل بيت، وفلان أشعر من فلان!

التسويغ إذًا، مغيب، نظراً إلى عدم تعميم ثقافة المناهج الحديثة، كالبنيوية والتحليل النفسي للأدب، والمنهج التكويني والسيميائي، وحتى الأسطوري!

فإذا كانت الثقافة المنهجية والنقدية غائبة إجمالا عند الأدباء، فلا غرابة أن نجدها شبه معدمة عند المتلقين عادة، حيث يكتفون بإظهار إعجابهم بما يُكتب، بلا تعليل دقيق موضوعي.

اقرأ للكاتب أيضاً: لماذا تضيفك المجموعات الأدبية في "فايسبوك"؟

لذا، لا غرابة إن وجدنا الأديب يمتعض من الملاحظات السلبية التي تُوجّه إليه، فنجده إما يحذف التعليق، أو يبقيه بلا ردّ مع امتعاظ شديد، أو يحذف من قائمة أصدقائه صاحب النقد، أو قد يرد عليه عبر الماسنجر موبّخاً متهكّماً لائماً، أو قد يترصّده، فيراقب منشوراته ليردّ العين بالعين والسنّ بالسنّ.

المتلقي يبدو أنه واعٍ بهذه القضايا، فيتجاهل الهفوات، وربما يُعجَب بالنص وفي قلبه حسرة.

فكم من صفحات كبرى لمنتديات أدبية، اختارت نقّاداً، سرعان ما هربوا... نتيجة عدم تقبّل الطرف الآخر النقد! وكم من نقّاد غير جديرين بهذا اللقب، باتوا كالنجوم، لأنهم يثنون فقط على النصوص، وإن ركيكة!

مجمل القول إننا في أمسّ الحاجة إلى ثقافة نقدية في عالم التواصل الاجتماعي، تقينا من الدجل والتدهور الأدبي الذي بدأ يختلط فيه الحابل بالنابل، وكأني بالنص الرديء يتساوى والجيد.

القضية متشعّبة بلا شك، لها علاقة بسيكولوجيا التلقي والإبداع والقيم وثقافة الحرية وحرية التفكير.

فمتى نصل إلى ثقافة نقدية تتبنّى احترام الرأي الآخر والانفتاح؟

أستاذ محاضر في الجامعة اللبنانية

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم