بومبيو في أصعب رحلة خارجية له سيحاول من القاهرة طمأنة الحلفاء العرب
وكتب الوزير الأميركي قبيل مغادرته الولايات المتحدة، الثلثاء، على حسابه الشخصي بموقع "تويتر": "أتوجه إلى الشرق الأوسط اليوم لتوجيه رسالة واضحة إلى أصدقائنا وشركائنا بأن الولايات المتحدة ملتزمة تجاه المنطقة، وملتزمة هزيمة تنظيم داعش، وملتزمة مواجهة نشاطات إيران المزعزعة للاستقرار".
وأفادت صحيفة "بوليتيكو" الاميركية أن بومبيو سيواجه أصعب رحله له في زيارته للشرق الأوسط لإلقاء خطاب رئيس حول دور أمريكا في المنطقة من أجل طمأنة الحلفاء العرب بشكل خاص. وأشارت إلى أن بومبيو يعتزم خلال خطابه التنصل من رؤية الشرق الأوسط التي تبناها الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما والذي وجه خطابا واسعا للعالم الإسلامي أثناء وجوده في مصر عام 2009 وسيهاجم إيران ويؤكد أن ترامب لديه أفضل المصالح في المنطقة.
"تصحيح انطباعات"
يقول الباحث الأكاديمي والمحلل السياسي المقيم بواشنطن عاطف عبد الجواد لـ"النهار" إن "الزيارة تأتي في وقت يهيمن فيه على الشرق الأوسط انطباع واسع بأن الولايات المتحدة تتخلى عن المنطقة. ويهدف وزير الخارجية الأميركي إلى احتواء هذا الانطباع. وسيلقي كلمة جوهرية في القاهرة يركز فيها على استمرار الالتزام الأميركي للسلام والاستقرار والرخاء والأمن في المنطقة".ويعيد خطاب بومبيو الى الاذهان الكلمة التي ألقاها الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما من القاهرة عام 2009.
وإضافة إلى بحث العلاقات الثنائية مع كل من الدول التي تشملها جولته سيتطرق بومبيو، حسبما يرى المحلل السياسي إلى "مجموعة من القضايا المتشعبة، منها الوضع في سوريا، والحرب في اليمن، والتحقيقات في مقتل الصحافي جمال خاشقجي، فضلاً عن مكافحة داعش، والتصدي لإيران".
ويضيف عيد الجواد: " فِي سلطنة عمان سيبحث جهود الوساطة العمانية بخصوص الملف الإيراني"، و جهود المصالحة بين السعودية وقطر. وتتزامن هذه الزيارة مع زيارة مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون لكل من إسرائيل وتركيا.
ويتوقع "أن تسفر الزيارتان عن بلورة إستراتيجية أميركية في المنطقة، تقوم على أساس عوامل جديدة من بينها العلاقة بين واشنطن وأنقرة. كما سوف تسفر عن بلورة سياسة الانسحاب الأميركي من سوريا التي سوف تتغير نتيجة هاتين الزيارتين، وسوف يكون الانسحاب اسميا فقط، وليس فعلا".
ويشير الباحث الأكاديمي إلى أن هناك "تعديلات طرأت بالفعل على فكرة الانسحاب، منها ما يخص وضع جدول زمني أبطأ، وأخرى تعني أن الانسحاب بصورة أدق سيكون إعادة لتوزيع أو نشر القوات الأميركية في سوريا والمنطقة".
"خطاب شارح"
وترى أستاذة العلاقات الدولية بالجامعة الأميركية بالقاهرة الدكتورة نهى بكر، أيضا، أن بومبيو سوف يقدم خطابا لتوضيح سياسات واشنطن في الشرق الأوسط.
وتقول لـ"النهار": "أتوقع أن يكون خطاب وزير خارجية الولايات المتحدة في القاهرة، شارحا لسياسة أميركا الخارجية، خاصة بعدما أعلنت واشنطن عن انسحاب قواتها من سوريا، ولهذا ربما يتناول هذا الخطاب السياسات الأميركية في المنطقة خلال السنوات المقبلة".
ومن المسائل التي يمكن أن تشملها محادثات بومبيو فكرة إنشاء "ناتو عربي"، و"صفقة القرن" وإن تكن أستاذة العلاقات الدولية استبعدت أن يتستأثر هذه المواضيع بحيز كبير في لقاءات وزير الخارجية.
وبشأن اختياره للقاهرة لإلقاء خطابه، تقول إن "الإدارة الأميركية أدركت نضج توجهات مصر وخياراتها في سياستها الخارجية، وأيضا لأنها أثبتت أنها دولة معتدلة، وسياستها تركز على أمن المنطقة وسلامها".
"خطوط عريضة"
وفي المقابل، رأى السفير نبيل بدر مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق أنه في إطار الملامح التي قرأها من زيارة بومبيو وتوقيتها فإن المسؤول الأميركي قد يتطرق لمناقشة ما يسمى بـ"الناتو العربي"، وقد يتحدث عن "صفقة القرن".
ويقول بدر لـ"النهار": "ربما يسعى وزير الخارجية الأميركي في جولته إلى قيام تعاون عسكري واسع، يؤدي إلى تخفيف توترات إقليمية أو ثنائية. وفي ما يتعلق بصفقة القرن، لست أرى مؤشرات عملية في هذا الاتجاه".
وتطرق مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق إلى سبب اختيار المسؤول الأميركي للقاهرة مكانا لإلقاء خطابه، قائلاً إن " مصر أثبتت قدرتها على التماسك رغم الصعوبات، والمؤامرات، والإرهاب، وأيضا ما طرحته من رؤية طموحة للتنمية، تسعى إلى تنفيذها".
كذلك، أثبتت القاهرة في رأيه حرصها على السلام، مع تمسكها بحقوق الشعب الفلسطيني، ولن تتوقف عن ذلك، فضلا عما بادرت به من تطوير للخطاب الديني، وقيادة فكرية للعالم الإسلامي، بعيداً عن الاستثمار السياسي من حيث دور الدين في التقارب بين البشر وتأكيد السلام".
ويرى بدر أن هذه "كلها معطيات لفتت الأنظار رغم الصعوبات الاقتصادية التي تمر بها البلاد نتيجة لقرارات اقتصادية صحيحة وطموحة في آن واحد. والمهم هنا في المنظور الاستراتيجي الأميركي، أن دولا إقليمية، سعت إلى التمدد، وإثارة المشاكل، على حساب دول المنطقة، وتأتي إيران ضمن هذه الدول. ومن وجهة نظرنا، نرى تركيا أيضا، تسعى للتمدد والقيام بتصرفات تتنافي مع حسن الجوار، كما تفعل في سوريا والعراق وأيضاً في ليبيا فضلا عن تحقيق طموحات محلية لا يمكن القبول بها".
ويضيف الديبلوماسي المصري: "لا شك في أن أميركا في المرحلة القادمة -استراتيجياً- تسعى للتعامل مع دول صديقة يمكن الاطمئنان إلى ثباتها، والى صحة توجهاتها، رغم خلافات في بعض الملفات، وتأتي مصر في المقدمة".
ويشير إلى "التركيز الأميركي نحو الشرق، ونحو الصين، والاهتمام بمنطقة الهادئ، باعتبار أن هذا تحدٍ عالمي، وفي نفس الوقت ليس من صالح أميركا وحلفائها، أن تتحول المنطقة العربية إلى بؤرة لعدم الاستقرار وتصدير الإرهاب والانفتاح على من تعتبرهم الولايات المتحدة أعداء أو منافسين خطيرين، واعتقد شخصيا أن هذا في مجمله يشكل خطوطا عريضة في التفكير الأميركي في هذه المرحلة".