إيران تنسحب من سوريا مثلما تدفع مكسيكو تكاليف الجدار... ترامب يتخبّط في قراراته

منذ اعلانه سحب القوات الاميركية من سوريا مننتصف الشهر الماضي،  ينتقل ترامب من موقف الى آخر محاولاً الدفاع عن قرار أثار انتقادات داخلية وخارجية له، ودفع وزير الدفاع جيمس ماتيس الى الاستقالة، وكذلك فعل المبعوث الاميركي لدى التحالف الدولي ضد "داعش" بريت ماكغورك. وفي آخر مواقفه الدفاعية المثيرة، لم يتوان خلال اجتماع للحكومة الأميركية الاربعاء عن القول  إن إيران تغيرت كثيراً وباتت دولة تختلف عما كانت عليه.

وقال: "باتت إيران دولة مختلفة اليوم، وهي تسحب رجالها من سوريا. الحق يجب أن يقال، هم يرغبون بتنفيذ كل ما كانوا يفكرون فيه في سوريا، ولكنهم يضطرون لسحب رجالهم من هناك. اليوم نراهم يسحبون رجالهم من اليمن، لأن هدفهم الوحيد اليوم، بات البقاء على قيد الحياة ". وذهب الى التباهي بأن "واشنطن تمكنت من كبح الزخم الإيراني في المنطقة، وفي الوقت الراهن، يقوم آية الله بإجراء تعديلات على حساباتهم". وقال: "إيران كانت تهدف إلى ضم الجميع تحت راياتها وتدمير إسرائيل خلال هذه العملية، لكنها باتت اليوم بلدا آخر ... لديهم تمرد كل أسبوع في كل دولة...أمورا سيئة تحصل في إيران وذلك بفضل سياساتنا الاقتصادية وعقوباتنا. إيران تغيرت كثيرا منذ مجيئي إلى الرئاسة وإلغاء الاتفاق النووي السخيف السخيف.وأضاف: "سأكون سعيدا بالتفاوض مع إيران".

وغداة بحث رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو في البرازيل "كيفية تكثيف التعاون الاستخباراتي وعمليات الاستخبارات الإسرائيلية في سوريا"، يبدو أن ترامب غير مسار اللعبة في سوريا، مشيراً الى أنه لن يتدخل في أي نشاط ايراني هناك بعد مغادرة قواته، وقائلاً: "بصراحة يمكنهم القيام بما يريدون هناك".

كلام ترامب لم يمر مرور الكرام في اسرائيل. ونسب موقع "يديعوت أحرونوت" الى مسؤول إسرائيلي بارز انتقاده للرئيس الاميركي لاطلاقه يد ايران للتوسع عسكرياً أكثر في سوريا. وقال: "من المحزن أنه لا يولي أهمية للمعلومات الاستخباراتية". وأضاف: "أنا مصدوم تماماً...ترامب ليس على علم بما يحصل في سوريا وبالتمدد الايراني هناك".

وتأتي تصريحات ترامب بعد أسبوعين من اعلانه الذي هز اسرائيل عن عزمه سحب القوات الاميركية من سوريا.

وكانت الدولة العبرية حذرت مراراً في السنوات الاخيرة من أن ايران تسعى لإقامة وجود عسكري في سوريا حيث تقاتل الى جانب "حزب الله" وروسيا لإعادة تأهيل نظام الرئيس السوري بشار الاسد. كذلك، حذرت من أن انسحاب القوات الاميركية سيفتح الباب لطهران لانشاء ما يسمى "جسراً برياً" من إيران عبر العراق وسوريا الى لبنان والمتوسط. وهي نفذت في السنوات الاخيرة مئات من الغارات في سوريا ضد أهداف متصلة بايران.

ووصف نائب مدير السياسات في معهد الدفاع عن الديمقراطيات جوناثان شانزر كلام ترامب بأنه "الاستراتيجية الأسوأ لمواجهة ايران اطلاقاً".

ورأى المدير التنفيذي ل"مركز صوفان للدراسات" علي صوفان أن "استراتيجية مواجهة ايران هي بأشبه بدفع مكسيكو تكاليف الجدار".

وقدم ترامب في كلمته الاربعاء عرضاً صارخاً للوضع في سوريا، واصفاً اياها بأنها "رمال وموت"، الا أنه بقي غامضاً في شأن موعد الانسحاب من سوريا، قائلاً: "سننسحب على مدى فترة من الزمن".

وشكل اعلانه الانسحاب من سريا اول نقطة خلافية بارزة بينه وبين اسرائيل منذ تسلمه منصبه. ونقل عن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مطالبته اياه باعادة التفكير في قراره.

وحاول وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو طمأنة نتنياهو الاربعاء في اسرائيل بأن الانسحاب المقرر للقوات الاميركية لن يقوض التزام واشنطن مواجهة العدوان الايرامي والحفاظ على أمن اسرائيل.