الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

آفاق التغيير ومسؤولية الحوار المسيحي - الاسلامي

المصدر: "النهار"
Bookmark
آفاق التغيير ومسؤولية الحوار المسيحي - الاسلامي
آفاق التغيير ومسؤولية الحوار المسيحي - الاسلامي
A+ A-
ان النجاح الذي تحقق على المستوى الامني يفسح اليوم في المجال امام قيام حوار جدّي وهادئ بين مختلف القوى الوطنية لاجراء مراجعة شاملة حول حصيلة السنوات الخمس التي تلت وثيقة الوفاق ومن ثم الدستور الجديد، وذلك من خلال الممارسة التطبيقية له والثغرات التي حصلت فيه، والخلل الذي ظهر ويتطلب معالجة حتى تقتنع كل الفئات اللبنانية بالمشاركة في اعادة بناء الوطن والدولة والمواطن، إن من خلال الحكم او من خلال المعارضة على السواء. ان ما يعوز اللبنانيين اليوم هو توحيد الرؤية حول مستقبل لبنان، لاسيما لجهة الدور الذي يفترض به ان يؤديه في ضوء المتغيرات الكبيرة الحاصلة على الاصعدة الدولية والاقليمية والداخلية، اذ لا يعقل بعد حصول كل هذه الزلازل الا يتأثر لبنان بها. نحن الآن في حاجة الى تقديم الدليل امام المراجع العالمية انها ما زالت تحتاج الى دور لبناني فعّال ما زلنا قادرين على ادائه، كي لا تأتي الحلول على حسابنا، فيلغى دورنا لا بل وجودنا. ان كل القوى الوطنية مدعوة للمشاركة في تحديد هذا الدور. الحكم كما المعارضة، كما المرجعيات، كما مختلف الهيئات والاحزاب والقوى الفاعلة لاسيما الشباب من دون ان ننسى التنظيمات النسائية. ويقتضي هذا الامر اشراك العائلات الروحية بشكل اساسي لا من منطلق طائفي بل انسجاماً مع واقع أنّ ولاء المواطن اللبناني ما زال بشكل اساسي نحو طائفته التي وجد فيها ملاذاً موقتاً وهو لا يزال ينتظر قيام الدولة المؤسسة المتوازنة العادلة التي ستمكنه من تحقيق نقلة نوعية يتطلع اليها منذ زمن، الا وهي الانتقال من خانة الطائفة الى خانة الدولة التي يجب ان يطمئن اليها بصفتها مسؤولة عنه وعن حمايته، توصله الى حقوقه من دون منّة، وتحاسبه على واجباته من دون فرقة. التغيرات الاقليمية اهم هذه التغيرات على الصعيد الاقليمي هو التطور الدراماتيكي الذي حصل على مستوى الصراع العربي - الاسرائيلي حين اثمرت الاتصالات السرية في اوسلو عن توقيع الاتفاق الفلسطيني - الاسرائيلي، مجتاحة بذلك اكبر حائط نفسي كان يقف بين العرب والدولة العبرية. وبعد ذلك تداعت الحواجز حاجزاً بعد الآخر، من الاتفاق مع الاردن الى زيارات الوفود الاسرائيلية الى دول الخليج والمغرب، الى بدء عمليات التخطيط المشترك التي تحدد لكلّ مهمته. ومن الملاحظ أن كل هذه التطورات قد جرت في جوّ من الانحسار لاهمّ تيار سياسي شهدته المنطقة منذ الخمسينات وهو تيار القومية العربية التي لم يعد احد يهتم بها، وقد تراجع الحديث عنها حتى في الادبيات. وفي مقابل هذا الانحسار شهدنا تنامياً لدور ما اصطلح بتسميته الاصولية الاسلامية في عدد من الدول العربية مهددة استقرار الانظمة فيها، كما شهدنا تعاظم الاهتمام من دولتين كبيرتين في المنطقة لهما ثقل تاريخي هما ايران وتركيا، ومن المنتظر ان يتعاظم هذا الدور في المستقبل اذا ما اصبحت المنطقة سوقاً اقتصادية واحدة. هذا اضافة الى الدور المنتظر لاسرائيل والذي يجب اعارته كبير الاهتمام وهو يدخل ضمن استراتيجية خططت لها منذ زمن بعيد. ان دور لبنان في المنطقة كان محدداً في الماضي على الشكل الآتي: - سياسياً: مع التضامن العربي ومع الحياد في حال الاختلاف. وقد سقطت تباعاً محاولات جرّه الى الدخول في الاحلاف. - اقتصادياً: مصرف العرب ووسيطهم التجاري. - ثقافياً: منارة ثقافية من خلال تلقّي الشباب العرب دروسهم في الجامعات اللبنانية ولاسيما الجامعة الاميركية. - اجتماعياً: مصيف العرب وملهاهم ومستشفاهم. بالاضافة الى ذلك، وتبعاً لمناخ الحرية السائدة عندنا لاسيما الحرية الاعلامية، كان لبنان مركز المراقبة المفضّل عند الغرب لمعرفة ما يجري في الدول العربية جميعاً، كما كان نافذة الشرق على الغرب. ماذا استجدّ على هذا الدور، وهل ما زال ممكناً تجاه استحقاقات الغد؟ الوضع الداخلي يقتضي قبل التفكير بلعب اي دور، التسليم بان الطموحات يجب ان تأخد في الاعتبار عدداً من الحقائق التي تفرض نفسها فتأتي متناسبة معها، والا اصبحت من باب الحلم الذي غالباً ما ينقلب الى كابوس. من اهم هذه الحقائق ضرورة وجود دولة بكل ما لهذه الكلمة من معنى، وبكل مستلزماتها وروافدها. فالدولة هي دولة المؤسسات التي لم تتكون عندنا بعد، وبقيت في معظم جوانبها يغلب عليها الطابع الشخصي والاناني والاستئثار بالسلطة من دون مراعاة للقواعد الثابتة في نظامنا السياسي ودستورنا ووفاقنا، مما ادّى الى الشكوى من الخلل في التوازن الوطني. وعلى رغم انهيار الطبقة السياسية الاستقلالية امام الرأي العام، فان هذا الانهيار لم يفرز قوة تملك المواصفات التي تجعلها بديلاً يتمتع بصدقية يطمئن...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم