الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

"ماروش" تهدّد لبنان بالدمار؟ إليكم حقيقة العاصفة التي تشغل اللبنانيّين

المصدر: "النهار"
هالة حمصي
هالة حمصي
"ماروش" تهدّد لبنان بالدمار؟ إليكم حقيقة العاصفة التي تشغل اللبنانيّين
"ماروش" تهدّد لبنان بالدمار؟ إليكم حقيقة العاصفة التي تشغل اللبنانيّين
A+ A-

الاسم "ماروش" (Maroush). وما تعد به، وفقا للزعم، "رياح تفوق سرعتها 110 كيلومترات في الساعة، سيول جارفة، ثلوج على ارتفاع 400 متر، امواج بعلو 20 مترا، عزل مناطق وقطع طرقات، وانخفاض في درجات الحرارة حتى 15 درجة تحت الصفر". "اقوى عاصفة في تاريخ لبنان"، على ما يتم التحذير منه، والدمار سيكون واسعا". هل "ماروش" حقيقية؟ وما صحة المعطيات التي يزعمها الخبر المتناقل عنها، ونسب الى وكالة أنباء فرنسية عريقة؟

النتيجة: عاصفة "ماروش" ليست حقيقية. والخبر المتناقل عنها قديم، يعود الى 2016، وهو برمته كاذب، ملفق، وفقا لما يبيّنه التدقيق في تفاصيله.

"النهار" دقّقت وسألت من أجلكم.

الوقائع:

منذ 11 كانون الاول 2018، تكثّف تناقل خبر "ماروش" في حسابات وصفحات لبنانية على وسائل التواصل الاجتماعي. "اقوﻯ ﻋﺎﺻﻔﺔ في ﺘﺎﺭﻳﺦ ﻟﺒﻨﺎﻥ ﺍﻻﺳﺒﻮﻉ المقبل. ﻫﻲ ليست ﻛﺴﺎﺑﻘﺎﺗﻬﺎ ﻣﻦ العواصف. ﺭﻳﺎﺡ ﺗﻔﻮﻕ ﺳﺮﻋﺘﻬﺎ 110 كيلومترات في ﺍﻟﺴﺎعة، أمطار غزيرة تتحوّل ﺳﻴولا جارفة، ﻗﺎﺩﺭة على ﺃﻥ تغطي ﺁﻻﻑ ﺍﻟﻬﻜﺘﺎﺭﺍﺕ ﻣﻦ ﺍﻷﺭﺍﺿﻲ، ﻭﺗﺘخطى بذلك ﺍﻟمعدل ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻟﻸمطار ﺑﻤﺎ ﻳقدّر بأربعة ﺳﻨﻴﻦ ﻣﺠﺘمعة. ﺛﻠﻮﺝ للمرة الاولى ﻋﻠﻰ اﺭﺗﻔﺎﻉ 400 ﻣﺘﺮ. أما ﺍﻟﺒﺤﺮ، فيصل ﺍﺭﺗﻔﺎﻉ ﺍلموج عند الذروة ﺇﻟﻰ أكثر من 20 ﻣﺘﺮﺍ. مناطق ﺟﺒﻠية ﺗﺼﺒﺢ ﻣﻌﻈﻤﻬﺎ في عزلة ﺗﺎمة ﻋﻦ ﺑﻘﻴﺔ ﺍﻟﻤﻨﺎﻃﻖ، ﻭﺍﻟﻄﺮﻕ مقطوعة، ﺣﺘﻰ ﺇﻧﻪ ﻳصعب ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻴﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻤﺠﻬﺰة تخطيها. ﺩﺭﺟﺎﺕ ﺣﺮﺍﺭة ﻣتدنية ﺗراوح ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻮﺍﺣﻞ ﻣﻦ ﺻﻔﺮ ﺇﻟﻰ ﺃﺭبع درجات ﺗحت ﺍﻟﺼﻔﺮ، ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺮﺗﻔﻌﺎﺕ ﺗﻜﻮﻥ ﺩﻭﻥ ﺧﻤﺴﺔ ﻋﺸﺮ ﺗحت ﺍﻟﺼﻔﺮ.

ﺇﻧﻬﺎ Maroush# ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺤﻞّ ﺿﻴﻔﺎ ﺛﻘﻴﻼ ﻋﻠﻰ ﻟﺒﻨﺎﻥ، ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺻﻨﻔﺖ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺮﻛﺰ ﺍﻟﻌﺎﻟﻲ ﻟﻸﺭﺻﺎﺩ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻬﺎ ﺍﻷﻋﻨﻒ ﻋﻠﻰ ﺍلاﻃﻼﻕ، وﻫﻲ آتية ﻣﻦ ﺷﺮﻕ ﺭﻭﺳﻴﺎ. ﻟﻜﻦ ﺍﻟﻤﻔﺎﺟﺄة ﺍﻧﻬﺎ ﺗﺨﻄﺖ ﻛﻞ ﺍﻟﺘﻮﻗﻌﺎﺕ ﺑﺎﻟﻤﺤﺎﻓﻈة ﻋﻠﻰ ﻗﻮﺗﻬﺎ ﺍﻟﺨﺎﺭﻗﻪ. ﻓﻘﺪ ﺻﺮّﺡ ﺍﻟﻤﺪﻳﺮ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻟﻤﺼﻠﺤﺔ ﺍﻷﺭﺻﺎﺩ ﺍﻟﺠﻮية بأﻥ ﻣﻌﻈﻢ ﺍﻟﻌﻮﺍﺻﻒ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺼﻞ الى ﻟﺒﻨﺎﻥ تأتي ﻣﻦ ﺭﻭﺳﻴﺎ ﺍﻭ ﺃﻭﺭﻭﺑﺎ ﻋﻠﻰ ﺣﺪ ﺳواﺀ. وﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺼﺒﺢ ﻋﻠﻰ ﻣﺸﺎﺭﻑ ﻟﺒﻨﺎﻥ، ﺗﺨﺴﺮ ﻣﺎ ﻳﻌﺎﺩﻝ ﻧﺼﻒ ﻗﻮﺗﻬﺎ. ﺃﻣﺎ ﻫﻨﺎ، فاﻟﻮﺿﻊ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﻷﺳﺒﺎﺏ ﻣﺠﻬﻮلة عجز ﺍﻟﻌﻠماء عن ﺗﻔﺴﻴﺮﻫﺎ حتى الساعة. ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﺎﺻﻔﺔ ﺯﺍﺩﺕ ﻗﻮﺗﻬﺎ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﻌﺘﺎﺩ ﺑﻤﻌﺪﻝ 12 ﺩﺭجة. ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻤﺘﻮﻗﻊ ﻭﺻﻮﻟﻬﺎ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﺠﻤﻌة المقبل ﺻﺒﺎﺣﺎ، ﻭﺗﺒﺪﺃ ﺑﺎلاﻧﺤسار الاربعاء. ﻭنبهت ﺍﻟﻤﺼﻠحة ﺍﻟﺠﻮية الى وجوب أﺧﺬ ﻛﺎﻓﺔ ﺍﻟﺘﺪﺍﺑﻴﺮ ﺍﻟﻼﺯمة، اذ من ﺍﻟﻤﺘﻮﻗﻊ ﺃﻥ ﺗﺘﺮﻙ ﻟﻨﺎ Maroush ﺩﻣﺎﺭﺍ ﻭﺍﺳﻌﺎ ﻓﻲ ﺷﺘﻰ أنحاء ﺍﻟﺒﻼﺩ.

ﻟﻠﻨﺸﺮ.

ﺃ. ﻑ. ﺏ: ﺍﻟﻌﺎﺻﻔﺔ Maroush ﺗﻀﺮﺏ ﺟﻨﻮﺏ ﺷﺮﻕ ﺗﺮﻛﻴﺎ، ﻭﺗﺠﺮﻑ ﻣﻨﺎﺯﻝ ﺑﻜﺎﻣﻠﻬﺎ ﻓﻲ ﻇﺎﻫﺮﺓ ﻏﻴﺮ ﻣﺴﺒﻮﻗﺔ" .

التدقيق:

-يبيّن بحث على الانترنت ان هذا الخبر قديم، بحيث سبق ان تم تناقله على وسائل التواصل الاجتماعي ابتداء من كانون الثاني 2016، بالعنوان ذاته: "ﺍﻗﻮﻯ ﻋﺎﺻﻔﺔ في تاﺭﻳﺦ ﻟﺒﻨﺎﻥ ﺍﻻﺳﺒﻮﻉ المقبل"، وبالتفاصيل نفسها، مع فارق واحد: اسم العاصفة "كاتسي"، بدلا من "ماروش". وابتداء من ت2 2016، اعتُمِد اسم "ماروش" بدلا من "كاتسي". وتناقلت يومذاك مواقع اخبارية لبنانية خبر العاصفة "ماروش". ونشره احدها، ولكن من دون اسم وكالة "فرانس برس" (أ ف ب) في آخره.

-تدقيق في الخبر مع وكالة "فرانس برس" الفرنسية.

حسماً للأمر، تؤكّد الوكالة لـ"النهار" انها "لم تبلّغ عن أي حدث من هذا القبيل، ولم تنشر أي شيء مماثل يجعلها مصدر هذا النص".

-بحث عن "المركز العالي للأرصاد" الذي يزعم الخبر المتناقل انه وراء تصنيف العاصفة بـ"ﺃﻧﻬﺎ ﺍﻷﻋﻨﻒ ﻋﻠﻰ ﺍلاﻃﻼﻕ". والنتيجة: هذا المركز لا وجود له.

-الى جانب ذلك، الملاحظ ايضا ان الخبر المتناقل منذ 2016 لم يحدد اسم "المدير العام لمصلحة الارصاد الجوية"، واكتفى بالابهام، علما ان لا وجود لمنصب "المدير العام للمصلحة"، بل هناك رئيس مصلحة الارصاد الجوية. المصلحة هي احدى المصالح في المديرية العامة للطيران المدني. والمديرية هي إحدى المديريات التابعة لوزارة الأشغال العامة والنقل، والتي يحكم عملها المرسوم التنظيمي رقم 1610 تاريخ 26/7/1971.

-ندقق في الخبر مع مصلحة الارصاد الجوية. "الخبر كاذب، ولا صحة له اطلاقا"، على ما تؤكد رئيسة قسم التقديرات العليا في المصلحة جوسلين ابو فارس لـ"النهار"، مشيرة الى انها ليست المرة الاولى التي تتردد أخبار عاصفتي "ماروش" و"كاتسي".

وتقدم تقريرا عن احوال الطقس في لبنان بين الاربعاء 19 كانون الاول 2018 و21 منه كالآتي: "الاربعاء 19 منه، يتأثر لبنان بمنخفض جوي، اعتبارا من الظهر، ويشتد خلال الليل. غير انه ينحسر الجمعة 21 منه. الثلوج تتساقط على ارتفاع 1600 متر الخميس 20 منه. بالنسبة الى درجات الحرارة، فانها تسجل انخفاضا، ويصل ادناها الى درجتين تحت الصفر في الارز ليلا. سرعة الرياح اقصاها 80 كيلومترا في الساعة".

بالمقارنة بما يزعمه الخبر عن تفاصيل العاصفة "ماروش"، فان "ايا من المعطيات التي يوردها لا تنطبق على المنخفض الجوي المرتقب بين الاربعاء 19 منه والجمعة 21 منه"، على ما تقول. وتتدارك: "المعطيات التي يزعمها الخبر لم يشهد مثيلا لها لبنان خلال العقدين الماضيين. طوال 20 سنة، لم تتدن الحرارة، على سبيل المثال، عن درجتين فوق الصفر، لا سيما في المناطق الساحلية الشمالية".

-"ماروش" (Maroush)؟ بحثا عن هذا الاسم الذي أعطي العاصفة المخيفة، تبيّن قوائم المنظمة العالمية للارصاد الجوية WMO لاسماء العواصف او الاعاصير عدم وجوده، لا قبلا ابتداء من عام 2017، ولا بعده، وصولا الى سنة 2023. وانها النتيجة نفسها لـ"كاتسي": لا وجود له.

المنظمة هي الجهة المخوّلة عالميا إعلان قوائم بأسماء العواصف او الاعاصير. وهي تحتفظ "بقوائم بأسماء دورية تكون مناسبة لكل حوض من أحواض الأعاصير المدارية"، على ما تفيد. "وإذا كان الإعصار قاتلاً أو تسبب بأضرار كبيرة، فيتم سحب الاسم الذي اعطي له، ويستبدل بآخر".

في الخلفية التاريخية، تفيد المنظمة ان "تسمية العواصف (الأعاصير المدارية) ممارسة بدأت منذ أعوام، للمساعدة في التعرف السريع الى العواصف في رسائل التحذير، لأنه من المفترض أن تذكّر الأسماء أسهل بكثير من تذكّر الأرقام والمصطلحات التقنية".

"في البداية، تمّت تسمية العواصف في شكل اعتباطي. وقد أصبحت عاصفة أطلسية دمّرت سارية قارب يدعى "أنتجي" (Antje)، تُعرَف باسم إعصار "أنتجي". ثم شهد منتصف القرن العشرين بداية إطلاق الأسماء الأنثوية على العواصف".

وفي إطار السعي إلى "نظام تسمية أكثر تنظيما وفعالية"، قرّر خبراء الأرصاد الجوية في وقت لاحق "التعريف بالعواصف عبر استخدام أسماء من قائمة مرتبة في شكل أبجدي. وبالتالي، فإن عاصفة تحمل اسمًا يبدأ بـA (أ)، مثل Anne (آن)، ستكون أول عاصفة تحصل في السنة. وقبل نهاية القرن العشرين، بدأ الخبراء يستخدمون أسماء ذكور لتسمية العواصف التي تشكلت في نصف الكرة الجنوبي".

"منذ عام 1953، اختيرت تسمية العواصف الاستوائية الأطلسية من قوائم أنشأها المركز الوطني للأعاصير (فلوريدا- الولايات المتحدة). والآن، تحتفظ بها وتحدّثها لجنة دولية تابعة للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية. قوائم الاسماء الأصلية تظهر أسماء نساء فقط. عام 1979، تم إدخال أسماء الرجال، وتستعمل بالتناوب مع أسماء النساء. ويتم استخدام ست قوائم بالتناوب. وبالتالي، سيتم استخدام قائمة 2015 مجددا سنة 2021".

وتوضح ان الاستثناء الذي يقضي بتغيير اسم عاصفة ما في القائمة هو "إذا كانت العاصفة قاتلة أو تسببت بأضرار باهظة، بحيث يكون استخدام اسمها في المستقبل لعاصفة اخرى غير مناسب لحساسية الامر". وإذا كانت العاصفة مدمرة وقاتلة، "يُسقط اسمها من القائمة، خلال اجتماع سنوي تعقده لجان الأعاصير المدارية التابعة للمنظمةـ، ويتم اختيار اسم آخر بديلا عنه".

مثالا على ذلك، تورد المنظمة "أسماء عواصف "سيئة السمعة"، مثل هايان (الفيليبين، 2013)، ساندي (الولايات المتحدة الأميركية، 2012)، كاترينا (الولايات المتحدة الأميركية، 2005) ، ميتش (هندوراس، 1998)، وتريسي (داروين، 1974)".

النتيجة: "ماروش" او "كاتسي" كذبة قديمة. الخبر عنها يعود الى 2016، وهو برمته كاذب، ملفق. وكالة "فرانس برس" ليست ناشرته، بتأكيد منها. كذلك، تخلو قوائم اسماء العواصف التي تنشرها المنظمة العالمية للارصاد الجوية من اسم "ماروش"، وايضا "كاتسي". كذلك، لا وجود لـ"المركز العالي للأرصاد" المزعوم في الخبر.

[email protected]

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم