الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

تراتيل بيزنطيّة من الزمن البعيد... جوقة جبل لبنان الأرثوذكسيّة تُنشد التاريخ في الميلاد

المصدر: "النهار"
هالة حمصي
هالة حمصي
تراتيل بيزنطيّة من الزمن البعيد... جوقة جبل لبنان الأرثوذكسيّة تُنشد التاريخ في الميلاد
تراتيل بيزنطيّة من الزمن البعيد... جوقة جبل لبنان الأرثوذكسيّة تُنشد التاريخ في الميلاد
A+ A-

رحلة في الموسيقى البيزنطيّة، عبر التاريخ. ويقودها 24 "بحارة" من صنف آخر، بأصوات ذهبيّة تهدر من أجل الحبيب، في تراتيل تعبر من زمانها البعيد الى شواطىء تنتظر الميلاد. شواطىء لبنانية. من طرابلس وبصاليم، يبحرون في الساعات المقبلة. وفي المرّتين، يخبرون الرواية، انشادا وتسبيحا وتهليلا. "رواية أنطاكية لتاريخ الموسيقى البيزنطية"... والتراتيل في برنامج الرحلة "منذ الميلاد".

نحو ساعة وربع الساعة مع جوقة أبرشية جبل لبنان للروم الارثوذكس، بقيادة جوزف يزبك. والدعوة مفتوحة الى أمسيتين مرتلتين بيزنطيتين، الاولى الساعة 18,00 مساء السبت 15 ك1 2018 في مطرانية طرابلس، بدعوة من السيدة مايا سليم حبيب حافظ، والثانية الساعة 20,00 مساء الاربعاء 19 منه في كنيسة القديس جاورجيوس- بصاليم، بدعوة من مجلس الرعية.

والتاريخ اول الحاضرين، وسيُنشَد ايضا في قوالب مناسبة له. "ما نريد ان يعيشه مدعوونا في الامسيتين هو جمع المفيد بالجميل، اي ان نوصل الى الناس ما يجب أن يعرفوه على صعيد تراثهم الموسيقي وتاريخه، بطريقة شيّقة عبر تراتيل من تلك الحقبات"، على ما يقول يزبك لـ"النهار".

تراتيل "ثقيلة" حيث يتوجب، واخرى "اقل ثقلا" حيث يمكن، بما يحقّق "شيئا من التوازن" في الأمسية، و"متعة" لمحبي الموسيقى البيزنطية. "ما نسعى الى تحقيقه، من خلال هاتين الامسيتين، هو التعليم وفي الوقت نفسه الامتاع"، على ما يضيف. الجوقة تقود الخطى، عبر برنامج "يدعو الناس الى الصلاة والاستمتاع بالتراتيل، وفي الوقت نفسه الى السفر عبر التاريخ، قراءة".

والقراءة تكون في كتيّب من 40 صفحة، أعده يزبك خصيصا ليرافق الحضور في الرحلة، من خلال "معلومات تاريخية مبسطة". الجوقة تبدأ الترتيل، وتمضي أكثر فأكثر الى الاعماق، و"تفيض النفس وتسرّ". ويرافقها الناس قراءة في الكتيب، خطوة خطوة، "بما يحقّق غاية التعليم بطريقة مشوقة وسهلة"، على ما يوضح يزبك.

تراتيل من 7 حقبات تاريخية

هذه هي الخطة. 7 فصول، 7 حقبات تاريخية "اختيرت من كل منها تراتيل معينة لتنشدها الجوقة. وتضفي عمقا، لما تكتنفه من بعد تاريخي فيها"، على ما يشرح. البداية من "التراتيل المسيحيّة الأولى"، "من آثار تراتيل الهيكل العبراني القديم في الموسيقى البيزنطيّة (الملك داوود ألف سنة ق م). ونكتشف كيف بدأت أولى التراتيل المسيحيّة تتكوّن في أورشليم، وبدأ الترتيل بالتناوب مع القدّيس أغناطيوس الأنطاكيّ (107م)"، على ما يفيد الكتيب.

بحثا عن "مصادر الموسيقى البيزنطية"، "نعرّج على الموسيقى السّريانيّة مع القدّيس افرام السّرياني (373)، وكيف نقل عنه القدّيس رومانوس المرنّم، وبدأت تتكوّن معه الموسيقى البيزنطيّة (530). وسنؤدّي تراتيل قبطيّة، ونلاحظ الجمل اللحنيّة البيزنطيّة فيها".

وقفة عند "الشكل الاساس الذي اتخذته الموسيقى البيزنطيّة"، و"قد تكوّن في القسطنطينيّة"، وفقا للكتيب. في المعلومات التاريخية ايضا، "تردّد صدى المطوّلات البيزنطيّة العظيمة في أرجاء الأمبراطوريّة البيزنطيّة وكنيسة الحكمة المقدّسة (أيّا صوفيًّا) على أيّام الأمبراطور يوستنيانس (565). ثمّ نظّم القدّيس يوحنا الدمشقي الألحان الثمانية (749). وفي القرن الحادي عشر تقريبا، فقدنا الخدم التي كانت تقام في المدن، وحلّت محلها خدم الأديار التي نعرفها اليوم".

نصل الى "ذروة تطوّر الموسيقى البيزنطيّة". "وأكبر تطوّر شهده الترتيل البيزنطيّ كان في القرن الرّابع عشر مع المايستورز، في مقدمهم القدّيس يوحنا كوكوزاليس". وقد تبعه "سقوط القسطنطينيّة الذي انعكس إيجابا على الموسيقى البيزنطيّة، بحيث عُرف المرتلون البيزنطيّون كأهمّ موسيقيي عصرهم (بطرس الموري 1777)، فتفرّغوا للموسيقى، وازدهرت الموسيقى البيزنطيّة أكثر. في المقابل، تفاعل هؤلاء المرتلون مع محيطهم، وأدخلت إلى الموسيقى البيزنطيّة مقامات غريبة (خورموزيّو أمين المخطوطات (1840)".

المحطة التالية في العصر الحديث. "عام 1814، حصل إصلاح القسطنطينيّة الذي بسّط الكتابة الموسيقيّة البيزنطيّة. وتبعه تيّار عام نحو اختصار ألحان التراتيل (مانويل المرتل الأوّل 1945). وتفاعلت الموسيقى البيزنطيّة مع بيئتها، مع الموسيقى الغربيّة في اليونان، والشرق عربيّة في أنطاكية (متري المرّ 1969، وإيلي خوري 2014)".

والختام مع أناشيد بيزنطيّة "غير ليتورجية" "ظهرت أخيرا"، "لكن تمّ تعميم استعمالها في الليتورجيا، مثل نشيد "عذراء يا أمّ الإله" للقدّيس نكتاريوس (1921)، ونشيد "حبذا في الدّهر عيد" للمطران أثناسيوس عطالله (1923)".

الولد الملقم، وقائد الشعب

الى جانب الكتيب وما يتضمنه من شروح، سيمكن الناس ايضا الاندماج اكثر في كل ترتيلة وحقبتها التاريخية، عبر عيشها بطريقة اخرى ايضا. عند انشاد مزمور، على سبيل المثال، "سيكون الناس مدعوين الى المشاركة في الترتيل، على ان يتولى احد اعضاء الجوقة ارشادهم". ويتدارك يزبك: "بقيامه بذلك، يستعيد دور اللاوسيناكي، او قائد الشعب في الترتيل، والذي كان يقوم بعلامات حركة اليد...".

وفي ترتيلة اخرى، سينضم الى الجوقة ولد صغير، "وسيلعب دور الملقم"، على ما يوضح. "التلقيم تقليد في الموسيقى البيزنطية، ويعمد خلاله الملقم الى قراءة كلّ جملة من الترتيلة بتنغيم بسيط، قبل ان ترتلها وراءه الجوقة او المرتل منفردا". لماذا ولد صغير؟ يجيب: "اكتشفنا ان الملقم في الماضي كان دائما ولدا صغيرا".

خصوصية إضافية. الجوقة سيبلغ عدد المرتلين فيها "24 بالتحديد". ووفقا للشرح، "كان العدد التقليدي للمرتلين في الجوقة في أيا صوفيا في القسطنطينية، 24". تفصيل آخر يستعيد التقليد التاريخي، وينفخ الحياة في ارث قديم، قديم.

يشار الى ان احياء الجوقة امسية الترتيل البيزنطي في طرابلس يعقب افتتاح السوق الميلادية الخيرية التي دعت اليها السيدة مايا سليم حبيب حافظ في مطرانية طرابلس والكورة وتوابعهما للروم الارثوذكس في طرابلس، برعاية متروبوليت الابرشية المطران افرام كرياكوس، وبمساعدة جمعية SOS Chrétiens d’Orient.

[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم