الخميس - 18 نيسان 2024

إعلان

"توقيف أوباما لتهريبه السيجار الكوبي": عندما تصبح "السخرية السوداء" خبراً وصورة

المصدر: "النهار"
هالة حمصي
هالة حمصي
"توقيف أوباما لتهريبه السيجار الكوبي": عندما تصبح "السخرية السوداء" خبراً وصورة
"توقيف أوباما لتهريبه السيجار الكوبي": عندما تصبح "السخرية السوداء" خبراً وصورة
A+ A-

"القاء القبض على الرئيس الاميركي السابق باراك أوباما". الخبر أنعش مخيّلة كثيرين، كما حصل في اليومين الماضيين، بعدما انتشر على وسائل التواصل الاجتماعي، مع صورة "توثق" لحظة التوقيف. والتهمة "تهريب السيجار من كوبا، مع ابنتيه!" "رئيس اميركي موقوف" اشعل التعليقات على صفحات وحسابات لبنانية وعربية. اشادة وتمنيات في بعضها، وتحذير في عدد منها عكس براعة في عدم الوقوع في الفخ. ما حقيقة هذا الخبر؟ وما صحة الصورة المرفقة به؟

"النّهار" دقّقت من أجلكم

الوقائع: صورة مع بوست. الرئيس الاميركي السابق باراك اوباما رافعا يديه عاليا، يحيط به عنصران من الجمارك الاميركية، وامامه حقيبة سفر وضعت عليها علبة سيجار مفتوحة. وفي الشرح: "القبض على الرئيس الاميركي السابق اوباما وابنتيه في المطار في اميركا، متلبساً بتهريب السيجار الكوبي. عند عودته من كوبا، ولدى تفتيشه في جمارك المطار في جهاز الكشف بالاشعة، عثر الموظفون على 4 علب من السيجار الكوبي الفاخر الشهير، مما دفعهم الى توقيفه على الفور، لأن هذا النوع من السيجار الكوبي ممنوع، وتمت احالته على دائرة الجمارك. وكانت الصدمة لدى عثورهم على علب من السيجار نفسه في حقيبة ابنتيه، لانهما دون السن القانونية (بما يُحظَّر عليهما) استعمال او حمل اي سجائر او خمور، ويعاقب القانون بشدة (المخالفين). عندئذ، تدخّل اوباما ليؤكد ان علب السيجار تعود له. وسيغرم بنحو 200 دولار. وقد صودرت كل السجائر، رغم توسلاته بأنّه احضرها لنفسه وللرئيس السابق بيل كلينتون!"



التدقيق:

-اولا، بحث عن الصورة. وتظهر سريعا الصورة الاصلية لرجلي الجمارك في المطار وبينهما المرأة بالرداء الاحمر، ولكن من دون اوباما وعلبة السيجار. ويرجع نشرها الى عام 2008، بحيث عمدت مواقع الكترونية الى استخدامها في مقالات عن السفر والتفتيش الجمركي، من دون تحديد تفاصيل عنها: تاريخ التقاطها، المكان، واسم المصوّر. ويمكن ايضا تحميل الصورة بسهولة من مواقع، بلا اي موانع، وباحجام مختلفة، وفقا للعرض. هذه أول ضربة لصدقية الصورة والبوست المرفق.

-واضح انه تمّت إضافة صورة اوباما الى الصورة الأصلية، باستخدام "الفوتوشوب"، ليظهر كما ظهر في الصورة المتلاعب بها. وهل ثمة حاجة الى القول ان التلاعب جلي في الصورة، خصوصا على صعيد اختلاف الالوان بين اوباما والاشخاص الآخرين الظاهرين في الصورة، وايضا علبة السيجار التي بدت دخيلة في شكل فاضح وغير متقن؟

نقطة اضافية: الصورة الاصلية لاوباما المستخدمة في هذا التلاعب المقصود التُقطت له عام 2012. وفقا لشرح وكالة "اسوشيتد برس" الاميركية، ناشرة الصورة، كان اوباما يتكلم امام المؤتمر الوطني الديموقراطي في شارلوت بنيويورك الخميس 6 ايلول 2012. المصوّر: ج سكوت ابل وايت- J. Scott Applewhite.

-يشار الى ان البوست والصورة نفسيهما سبق ان تم تداولهما في آذار 2016 على وسائل التواصل الاجتماعي، وتناولتهما مواقع اخبارية والكترونية عربية حصرا. المصدر، وفقا لما يبيّنه البحث على الانترنت، الموقع الالكتروني الساخر "الحدود"، بنسخته الانكليزية الذي نشر الخبر مع الصورة نفسيهما في 24 آذار 2016، في وقت يغيب أي خبر بهذا الشأن على المواقع الاخبارية الاميركية. ضربة جديدة لصدقية الخبر المتناقل والصورة المرفقة.

موقع "الحدود" يعرّف بنفسه انه "ليس إخبارياً. فالأخبار في نهاية المطاف، نميمة منظمة. موقع الحدود مخصص للسخرية والكوميديا التي يصيبها السواد أحياناً"، على قوله. وبالتالي من الواضح انه اراد، من خلال نشر هذا الخبر مع الصورة المفبركة، السخرية السوداء، وليس أكثر.

-ملاحظتان واجبتان، تعزيزا للتفكير النقدي لدى قراءة الخبر. بالنسبة الى ظهور الرئيس السابق اوباما في مطار أميركي، قيد التفتيش بين مسافرين آخرين، كما يبدو في الصورة المفبركة، امر مستبعد للغاية، نظرا الى تمتع الرؤساء الاميركيين السابقين بفوائد وميزات يؤمنها لهم قانون يعرف بـ"Former Presidents Act 2012" (قانون الروساء السابقين 2012). وبموجبه، يحصلون على "خدمة الحماية السرية، لهم ولزوجاتهم واولادهم حتى عمر الـ16 عاما، مدى الحياة". وبالتالي، فان السفر في الرحلات التجارية ليس خيارا قابلا للتحقيق او مفضلا، بما يعني ان الرحلات في طائرات خاصة هو الخيار الأكثر اعتمادا.

بعد تبيان زيف الخبر والصورة، هل ثمة حاجة الى مناقشة الزعم عن ابنتي اوباما "اللتين كانتا برفقته وقد عُثِر في حقيبتهما على سيجار وهما دون السن القانونية" وما يتبعه من مزاعم اخرى؟ للتذكير فقط، ابنتا اوباما وزوجته ميشيل هما ماليا (مواليد 4 تموز 1998)، وساشا (مواليد 10 حزيران 2001). ووفقا للقوانين الاميركية، "يجب أن يكون عمر الشخص 18 عامًا للسماح له بشراء السجائر، أو تدخينها، بما في ذلك أي منتجات التبغ".

النتيجة: ما يزعمه الخبر المتناقل عن القاء القبض على اوباما، مجرد كذب وفبركة. كذلك الامر بالنسبة الى الصورة المرفقة به. ببساطة الكلام، "المنشور هراء، والصورة زائفة"، على ما يكتب احدهم، في معرض تعليقه على الخبر والصورة.

[email protected]

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم