الثلاثاء - 23 نيسان 2024

إعلان

قبل أن يسقط سقف الوطن على رؤوسنا

المصدر: "النهار"
غسان صليبي
قبل أن يسقط سقف الوطن على رؤوسنا
قبل أن يسقط سقف الوطن على رؤوسنا
A+ A-

نحن في حال انتظار.

قيل لنا ان الانتظار لن يطول، فالانهيار المالي والاقتصادي لا بدّ آتٍ.

نجلس في قاعة الانتظار وننظر إلى السقف.

لا نوافذ في القاعة، فقط جهاز تلفزيون نتلقى منه الاخبار .

المهندسون والخبراء المحليون والخارجيون يؤكدون أن سقف قاعة الانتظار سيسقط قريبا.

المياه تتسرب من السقف، والحجار تتساقط، والحديد الصدئ قد بان جليا.

نجلس. ننظر إلى السقف. وننتظر.

نثابر على الذهاب إلى أعمالنا، تلك التي لم تتوقف بعد.

بعضنا القليل ينظّم اللقاءات، الاجتماعات، ورش العمل. المواضيع متعددة والأفكار كثيرة، وبعضها لا يخلو من الرؤية ومن النية لمواجهة الوضع.

بعضنا الآخر القليل ايضاً، يستمر في تنظيم الاحتفالات كأن ليس في الأفق ما يشغل البال.

نتابع ارتياد المقاهي والمطاعم، دور السينما والمسارح.

نفعل ذلك كله، ومن ثم نعود إلى قاعة الانتظار.

نجلس. ننظر إلى السقف، سقف الوطن.

قريباً سيسقط السقف، سقف الوطن، على رؤوسنا. نقول في أنفسنا وفي ما بيننا. ونحدّق في السقف مجددا.ً

سقف الوطن قائم على اعمدة ثلاثة: الشعب، الدولة، والحدود.

الأعمدة الثلاثة مهترئة.

الشعب شعوب. الدولة مرتهنة الى الخارج ومسيطر عليها ممن يشبه العصابات. والحدود سائبة.

بدون هذه الأعمدة لا يمكننا مواجهة لا أزمة مالية ولا اقتصادية ولا وطنية.

هذه الأعمدة خلخلت أساساتها، عقودٌ من الانتهاكات في حقّ الوطن.

تبعية للخارج من القوى السياسية الرئيسية، لا حصرية للسلاح في يد الدولة وانتشاره في أيدي المواطنين، مخالفة دائمة للدستور وعدم تطبيق القوانين، نظام قضائي غير فعال، شحن مذهبي متواصل، فساد مستشرٍ وهدر وسرقة للمال العام، مديونية عالية جداً نسبة إلى الدخل القومي، نظام اقتصادي ريعي وغير منتج، توزيع غير عادل للثروات والمداخيل، خدمات عامة سيئة، معارضة سياسية ونقابات وهيئات مدنية ذات فاعلية محدودة جدا، وغيرها من العوامل التي تفسر مجتمعة خلخلة أسس الأعمدة الثلاثة التي يقوم عليها الوطن الآيل إلى السقوط.

لا وقت ولا أمل في تدعيم الأعمدة او أحدها قبل الانهيار.

لا أمل في البقاء في قاعة الانتظار والتحديق في السقف حتى يحين موعد سقوطه على رؤوسنا.

الأمل الوحيد هو في الخروج من قاعة الانتظار في بيوتنا، وافتراش الشوارع والساحات، حيث لا سقف سوى تصميمنا وإرادتنا ورفضنا قرار قتلنا.

وليكن المطلب واحدا: تأليف حكومة على الفور، قادرة على منع الانهيار المالي والاقتصادي.


المطالب الأخرى، السيادية والمجتمعية، يمكنها ان تنتظر تجاوُز خطر الانهيار. مع العلم ان مطلب تأليف حكومة لمنع الانهيار تحوّل في ظل الظروف الحالية، إلى مطلب سيادي ومجتمعي في آن واحد.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم