الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

كشك بقورما وهريسة ورشتة عدس..!

المصدر: - "النهار"
آية يونس
A+ A-

برد قارس، شتاء وثلوج، انّه فصل "الجمعات" العائلية في المنازل قرب الموقد والصوبيا حيث يحلو شواء "الكستنا" والبطاطا واحتساء المشروبات الساخنة. ولفصل الشتاء ميزته الخاصة في القرى اللبنانية حيث تعد الجدّات الاطباق الشتوية الشهية.


 العائلات والجيران والأصحاب في القرى اللبنانية يتجمعون في غرفة واحدة وهي الأكثر تدفئة في البيت:غرفة الجلوس التي تتحول غرفة للاستقبال والطعام وأحيانا النوم. الجو يحتاج الى تغذية جيّدة ودفء ينتشر، فيلجأ الناس الى تناول الأطعمة التي تساعدهم على الشعور بالحرارة والوقاية من نزلات البرد والأنفلونزا في الليالي الشديدة البرودة. فماذا تطبخ جدّاتنا في فصل الشتاء؟


"الحساء على أنواعه يا تيتا"، تقول أمّ ايلي من دوما، لما فيه من فوائد للجسم في الشتاء، شرط ان يكون البرغل ملك العرش، فـ"هو حديد الركب" نضعه مع حساء الدجاج، او الخضر، أواللحم. لا ننسى "المخلوطة" او "ام سبع حبوب" كما تسّمى وهي عبارة عن حساء الحمّص والبرغل والفول والعدس والفاصوليا والذرة والقمح. حساء مليء بالفوائد الغذائية.
الكشك زينة المأكولات الشتوية تجيب تيتا سعيدة من دير الأحمر. "كشك بقورما، كبّة وكشك، كشك وبطاطا، كشك ورزّ، ما في اطيب من الكشك بالشتي". اذا لم نجده على طاولة الغداء سيكون على مائدة العشاء مع ما يرافقه من مأكولات أخرى: مجدّرة حمّص (حمّص ورزّ)، او مجدّرة فاصوليا (برغل وفاصوليا)، مرشوشة (برغل وملفوف)، بامية أو لوبية مقدّدة ومطبوخة.
أهل تنورين يفضلون المأكولات الغنية بالدهون والدقيق، لأنها تعطي الحرارة للجسم ، تيتا تيريز تعجن المعكرون (عجينة الدقيق والماء المسلوقة) وتخلطه مع القورما والحرّ "أكلة دسمة بس ما في أطيب منها". نذكر ان المعكرون هنا يختلف عن حلو المعكرون الذي يقدم في عيد البربارة ومناسبات أخرى. العجينة نفسها لـ"الرشتة" لكن مقطّعة الى مستطيلات صغيرة، تضاف اليها حبوب الفاصوليا أو العدس، وتلفت تيتا تيريز الى أن "رشتة العدس"  ساحليّة يستبدل فيها العجين بالمعكرونة أمّا "رشتة الفاصوليا" فهي جبليّة. البرغل بدفين (برغل وحمّص مع اللحم والعظام) والرز بالدفين والفاصوليا باللحم جميعها أطباق دسمة لا تؤكل الّا ساخنة .
تيتا وجاح من زغرتا تصرّ أن المحاشي "لا تعطي قيمتها لحدا"، فالمحشي ورق عنب مع اللحم والريش أو الملفوف المحشي بالبرغل واللحم يزينان طاولة الغداء في انتظار الرزّ مع لحم الغنم الدسم والدجاج ان يجهزّ فيزيّن وجهه بالصنوبر واللوز المقلي ويوضع في وسط الطاولة الغنيّة بالمكابيس المحضرة في الصيف من مكدوس والشنكليش واللبنة المكبوسة. "ومين ما بحبّ الهريسة"، تسأل وجاج وتجيب نفسها "لما اكلها من ايديّي ما أكل شي"، قمح مقشور ومسلوق مع اللحم والبهارات، من أشهر الطبخات اللبنانية، "الكبّة الزغرتاوية كمان بالشتي" تشوى بفرن الصوبيا.
والآن جاء دور الحلويات، المربيات على أنواعها من سفرجل الى مشمش الى تفاح فتين والمعكرون والصفوف بالدبس، تيتا صباح لا ترضى الا ان تعلمنا "هريسة اللوز" وتقول "هيدا حلو مش مالح"، لوز مطحون مع السميد والسكر "بتاكلو صبيعكن وراها". وهل تذوّق أحد الدبس مع اللبن؟ تخلط ملعقة من الدبس في وعاء فيه لبن، ويؤكل بالخبز "أكلة قديمة أكيد جيل الشوكولا ما بيعرفها".


انه موسم العطلات والأعياد والمناسبات السعيدة! لذا فهو رغم شتائه وبرده وثلجه ليس سيئاً للغاية فلطالما حلمنا ان نستيقظ على غطاء ثلجي بارد يمنحنا عطلة من المدرسة او العمل! البعض يصاب في الشتاء بنوع من الكسل، ويصبح أسيراً للأكل بلا وعي ولا حدود، من المالح الى الحلو، والحلو فالمالح. لذلك علينا المحافظة على المأكولات القديمة التي تطبخها سيّدات الجيل القديم لأنها، ومع كلّ دسامتها وغناها بالدهون تبقى مفيدة ومتوازنة عكس الأطباق العصريةّ الغنيّة بالصلصات المؤذية والمضرّة. ويبقى ان "درهم وقاية خير من قنطار علاج" والانتباه من عدم الافراط في الأكل ضرورة حتّى لا يطلّ الربيع وتبدأ معه الحميات الغذائية.


[email protected]
Twitter: @ayayounes01

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم