الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

النزوح السوري إلى لبنان... الفشل السياسي وعقبات العودة تحت المجهر

المصدر: "النهار"
علي عواضة
علي عواضة
النزوح السوري إلى لبنان... الفشل السياسي وعقبات العودة تحت المجهر
النزوح السوري إلى لبنان... الفشل السياسي وعقبات العودة تحت المجهر
A+ A-

أحدثت الأزمة السورية أكبر ظاهرة نزوح منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، وبحلول شهر كانون الأول 2017 تم تسجيل 5.546.108 لاجئ في الدول المجاورة لسوريا اتت على الشكال التالي: 3.400195 في تركيا، 997.905 في لبنان (المسجلون) و754.903 في الأردن، و246.974 في العراق، و126.027 في مصر.

تدخل أزمة اللاجئين السوريين في لبنان عامها الثامن، حيث تفوقت نسبتهم الى مجموع السكان عن نظيراتها في سائر بلاد العالم، وبات عددهم يوازي تقريباً الـ ¼ من سكان لبنان.

بحسب إحصاءات معهد عصام فارس للسياسات والشؤون الدولية، فإن 80.9% من السوريين المسجلين هم من الأطفال والنساء (اعتباراً من شهر كانون الأول 2017). بينما هناك تقريباً 178.000 طفل سوري لاجئ دون الخامسة من العمر في لبنان. وقد ولد الأطفال في ظروف من النزوح والتشرد مما يجعلهم عرضة للمرض وسوء التغذية. وبحسب تقييم الضعف الذي أجري حول وضع اللاجئين في لبنان لعام 2017، تبين أن 34% من الأطفال في هذه السن من بين الذين شملتهم الدراسة كانوا يعانون من مرض قبل أسبوعين من اجراء الدراسة. وقد أظهرت الدراسة أن الأمراض الأكثر تواترًا هي الحمى 25% والسعال 25% والاسهال 12%، بالاضافة الى ان العديد من العائلات عمدت الى التخفيف من تناولها للوجبات الغذائية الرئيسية للتعايش مع الفقر.

كما اظهرت الدراسة ان الأطفال دون الخامسة من العمر يتناولون نحو 2.4 وجبتين في اليوم الواحد. إضافةً الى ذلك، فإن 2% فقط من الأطفال الذين تراوح أعمارهم بين 6 أشهر و23 شهراً يتمتعون بالحد الأدنى من نظام غذائي مقبول.

الارقام لم تقف عند هذا الحد، فإن تقييم الضعف الذي أجري حول وضع اللاجئين السوريين في لبنان أظهر نحو 44 ألف اسرة تعيلها امرأة، ما يشكل 19% من اسر اللاجئين. في أكثرية الأسر التي تُعيلها امرأة كانت متزوجة ولكنها تعيش بدون زوجها، فيما الباقيات اما ترملن او تطلقن.

وتحت عنوان "معالجة الإنهاك وبناء المرونة للاجئين والمجتمعات المضيفة" أقيم المنتدى الثاني لمبادرة الجامعة الأميركية في بيروت من أجل اللاجئين من تنظيم واستضافة معهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية في الجامعة الأميركية في بيروت (AUB).

ونوقشت في المنتدى جوانب مختلفة من تأثير أزمة اللاجئين السوريين على اللاجئين أنفسهم، وكذلك على المجتمعات المضيفة لهم.

وكانت مبادرة الجامعة الأميركية في بيروت من أجل اللاجئين قد انطلقت في أيلول 2016 كمبادرة على مستوى الجامعة كلها لجمع أفراد أسرة الجامعة العاملين على معالجة آثار أزمة اللاجئين السوريين. وتهدف المبادرة إلى رعاية التعاون وبناء الشراكات في الحرم الجامعي وخارجه للتعامل مع تداعيات وآثار أزمة اللاجئين. وتسعى المبادرة جاهدة إلى إجراء البحوث المؤثرة والتدريس المرتكز على المجتمع والممارسة الجامعة. وفي كل عام، ينعقد منتدى مبادرة الجامعة الأميركية في بيروت من أجل اللاجئين لعرض المشاريع البحثية والتدخلات التي قامت بها كليات ومعاهد الجامعة ومراكزها ونواديها وجمعياتها المختلفة استجابة لأزمة اللاجئين التي طال أمدها في لبنان وفي الخارج.

وخلال الجلسة الافتتاحية للمنتدى، قال رئيس الجامعة الأميركية في بيروت الدكتور فضلو خوري: "إن لبنان الذي يوفر الحماية والدعم لنحو مليون ونصف مليون لاجئ سوري، بالإضافة إلى ما بين مئة وخمسة وسبعين ألفاً ونصف مليون لاجئ فلسطيني، وخمسين ألف لاجئ عراقي، قد أنقذ بلا شك أرواحاً لا تُحصى وهذا أمر إيجابي". وأضاف "إننا كدولة، وكجامعة، يمكننا أن نفعل ما هو أفضل من ذلك". وتابع خوري، "إن طبيعة الحرب التي طال أمدها، وحقيقة أن بعض اللاجئين هم في هذا البلد منذ أكثر من سبع سنوات، تشيران إلى أنه سيكون علينا أن نفعل ما هو أفضل". ثم قال: "في مثل هذه الأوقات بالضبط، يُفترض أن تؤدّي الجامعة الأميركية في بيروت دوراً أكبر، ربما أكبر مما كنا نتصوره في السابق. كمؤسسة، نحن دائما نكافح من أجل قضية الفئات الضعيفة وأولئك الأقل حظّاً".

وتحدّث مدير معهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية الدكتور طارق متري بعد ذلك، فقال: "عملية التوصل إلى اتفاق عالمي مع اللاجئين، وهي عملية توشك على الانتهاء، تشير بوضوح إلى ضرورة إشراك المؤسسات الأكاديمية. ومبادرة الجامعة الأميركية في بيروت من أجل اللاجئين تستجيب لهذه الدعوة حيث أنها تهدف إلى دمج الاهتمامات البحثية الفردية في مشاركة الجماعية". وأضاف: "قيل الكثير، وأحيانا بخفة، عن الإنهاك والمرونة. إن المزيد من التحليل المستند إلى الأدلة وإعادة تأكيد التزامنا الأخلاقي بالدفاع عن حقوق اللاجئين السوريين وحقوق مجتمعاتهم المضيفة هو ضرورة ملحة ومتجددة".

وتابع متري، "إن المشاكل الحقيقية المتعلقة بمسألة اللاجئين السوريين لا ترتبط فقط بوسائل المساعدة. إن الفشل السياسي يكمن في عدم قدرة المجتمع الدولي على معالجة أسباب وجذور مشكلة اللاجئين. ويبدو أن العديد من الدول منشغلة باحتواء تحرّك اللاجئين أكثر من انشغالها بحمايتهم حتى تنضج ظروف عودتهم الطوعية والآمنة".

وتحدث منسّق الأمم المتحدة المقيم للشؤون الإنسانية في لبنان فيليب لازاريني، قائلاً: "هناك أمر فريد بالنسبة للبنان واللبنانيين الذين أظهروا مرة أخرى قدرتهم على التعامل مع أكثر الحالات صعوبة. بالكاد أستطيع أن أتخيل أي دولة أخرى لديها مثل هذا العدد الكبير من اللاجئين لكل فرد وتظهر درجة عالية من التقبّل والتضامن على الرغم من القلق وعدم اليقين اللذين تسببت بهما هذه الأزمة. ومع ذلك، ليس سراً أن لبنان مضغوط إلى أقصى حدوده... ومع الطبيعة المزمنة للأزمة في سوريا، يواجه السوريون واللبنانيون مواطن ضعف متزايدة ويكافحون من أجل تلبية احتياجاتهم".

وأضاف لازاريني، "بينما تجري بعض عمليات العودة إلى سوريا، فمن الواضح أن الأمر سيستغرق بعض الوقت حتى تزال العوائق الرئيسية. وهذا يعني أن عددًا كبيرًا من اللاجئين سيبقى في بلدان غير بلدانهم، على الأقل في المستقبل المنظور". وتابع، "حتى إذا انتهت الأزمة اليوم في سوريا، فإن لبنان سيحتاج إلى دعم في المرحلة الانتقالية. وفي الوقت عينه، فإن مسؤوليتنا الجماعية هي توفير الدعم للاجئين السوريين لضمان العيش في كرامة، وفي الوقت ذاته، نواصل دعم لبنان واللبنانيين للتخفيف من تأثير الأزمة".

وألقت ميراي جيرار ممثلة المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين كلمة الختام في الجلسة الافتتاحية للمنتدى، فقالت أنه بعد ثماني سنوات على بدء أزمة اللاجئين في لبنان، نقترب من مفترق طرق. من غير المستغرب أن يزداد الطلب على الخدمات والتنافس على فرص العمل. وعلى الرغم من أن مرونة لبنان الهائلة إزاء الأزمة السورية بقيت واضحة طوال العام 2018، فإن إنهاك اﻟﻤﺠتمعات المضيفة ﻳﺘﺰاﻳﺪ ويعلو اﻟﻨﻘﺎش ﺣﻮل اﻟﻮﺟﻮد اﻟﻤﺴﺘﻤﺮ ﻟﻼﺟﺌﻴﻦ واﻟﺤﺎﺟﺔ إﻟﻰ رؤﻳﺔ المزيد منهم يعودون إلى بلادهم. وأضافت أن عمليات العودة الافرادية أو الجماعية التي يسّرها الأمن العام اللبناني تتم بوتيرة ثابتة في هذه الأيام. والآلاف عادوا وهذا من حقهم. ومع ذلك، فإن العودة ستكون تدريجية بالنسبة لعدد كبير من اللاجئين، وما زالت هناك عقبات رئيسية أمام تلك العودة، ويجب معالجتها.


مدير الأبحاث في معهد عصام فارس دكتور ناصر ياسين أعتبر أن المؤتمر كان هدفه دراسة أزمة النازحين في لبنان، وطرح الحلول لأزمة إنسانية بعيداً من السياسة والتوظيف الدائم لمعاناة اشخاص هجروا من حرب لا علاقة لهم بها. ورأى ياسين أن الأزمة الأكبر التي تواجه لبنان هو الجيل القادم من النازحين، فاكثر من 90 ألف لاجئ هم في أعمار 17 الى 20 قدموا الى لبنان في عمر العشر سنوات الى 13 سنة، وتحولوا من طلاب الى عمال وسبحثون عن فرص عمل، وبعد تأقلم هذه الفئة في الحياة اللبنانية فإن قسماً كبيراً منهم لن يعود الى سوريا خصوصاً أن الخدمة العسكرية بانتظارهم مما سيشكل أزمة اضافية لهم في ظل التشنجات الدائمة في المناطق اللبنانية.

ياسين رأى أن تنظيم القطاعات وخلق فرص عمل للاجئين هي مسؤولية الدولة، بالاضافة الى دراسة دقيقة للاعداد المتدفقة والمغادرة من لبنان، فاللاجئون الحاليون يجدون في لبنان مقراً لهم، على عكس ما كان الوضع قبل الأزمة السورية.

ومن الحلول المطروحة بحسب ياسين، توسيع الاقتصاد والاستثمار في القطاعات كالبنى التحتية وهو ما طرحه مؤتمر سيدر، ما يخلق فرص عمل للنازحين في قطاعات عديدة ويعتبر هذا الحل قصير المدى.

حلول كثيرة طرحت وستطرح لحل الأزمة، ولكن على أرض الواقع فإن أوضاع قسم كبير من النازحين سيبقى على ما هو عليه لحين تحقيق عودتهم الى مناطقهم، الأمر المرتبط بحل لأزمة عمرها 8 سنوات وبالطبع لن تنتهي بين ليلة وضحاها.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم