الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

عن عمر الداعوق وحكومته العربيّة

المصدر: "النهار"
Bookmark
عن عمر الداعوق وحكومته العربيّة
عن عمر الداعوق وحكومته العربيّة
A+ A-
لمناسبة الذكرى الستين لرحيل عمر الداعوق (3/11/1949) رئيس أول حكومة عربية تألفت في بيروت دون تدخل إقليمي أو دولي، رأينا التذكير ببعض مناقب الرجل ومآثره تحقيقاً لقول هيرودوت الذي برّر كتابته عن ماضي عهده قائلاً: "إننا نكتب عن الماضي حتى لا ينسى الناس على مرّ الزمن ما قد صنعه أسلافهم مما لا يجوز نسيانه...".ولد عمر الداعوق في بيروت، قرب المحلة التي عرفت بالامينية نسبة الى أمين مخلص باشا والي بيروت الذي فتح باب ادريس ونسبت المحلة الممتدة من الباب غرباً اليه.نشأ عمر الداعوق في بيت كانت تتردد فيه الاحاديث عن مكارم الاخلاق وأهمية الاراضي والأبنية ومنافع التجارة. فقد كان نسيبه الحاج سعيد الداعوق بازار باشي أسواق بيروت أي شيخ السوق (بازار تعني السوق وباشي الرئيس) يراقب سير العمل في الاسواق ويفض الخلاف بين التجار ويواكب حركة بيع السلع وشرائها واستيرادها وحاجة الاسواق.وكان الحاج سعيد حسن الداعوق والحاج أحمد الداعوق (جد عمر) من الخبراء في معرفة أسعار الاراضي والأبنية وكانت المحاكم تستعين بهما في الدعاوى العقارية. وكان لهذين القطاعين أعني الاراضي والتجارة، بالاضافة الى العنصر الانساني الدور المؤثر في مسيرة عمر الداعوق.وللاضاءة على ذلك نذكر على سبيل المثال ان عقارات الحاج أحمد بن صالح بن أحمد الداعوق (أي جد عمر) بلغت قيمتها عند وفاته سنة 1890م 435,950 غرشاً وكانت عبارة عن خانات ودكاكين وأراضٍ ودور فيما بلغت قيمة المنقولات المتروكة عنه 3425 غرشاً.لكي نبين حقيقة قيمة الثروة العقارية المذكورة نقول إن قطعة أرض واقعة في محلة القنطاري مساحتها 90 ألف ذراع ممتدة من مقبرة العقال (بيت الطائفة الدرزية) الى قصر فريج (زقاق البلاط - موقع تجمع المدارس الجديد) باعها سنة 1885م علي بن يوسف عبد الخالق الى محمد سعيد موسى 1200 سهماً ومحمد عبدالله بيهم 600 سهم وعبدالرحمن النعماني 600 سهم، وذلك لقاء مبلغ 100 ليرة عثمانية أي عشرة آلاف غرش فكم ذراعاً يمكن أن يشرى بمبلغ 43,5950 غرشاً؟!وعلى غرار أولاد زمانه يمكن القول إن عمر الداعوق تلقى في مدرسة ابتدائية مبادئ القراءة والحساب والقرآن، قبل أن يلتحق بمدرسة عينطورة ويدرك أهمية ترقي التعليم في تنمية المجتمع وتطويره.تشاء الأقدار أن تقع الحرب العالمية الاولى ويكون عمر الداعوق رئيساً لمجلس بلدية بيروت فيشهد المآسي والمجاعة التي أصابت البلد فينهض لتأمين الإعاشة للسكان والطعام للفقراء، فيفتح 12 مطعماً لإطعام الجائعين ارتادها أكثر من ثمانين ألف شخص. كما قام بشراء كميات من الطحين وزعت على رؤساء الطوائف، ما أدى الى كسر احتكار الطحين وخفض اسعاره.وكانت نشأته في محيط لا يعرف التعصب ولا الأثرة، بسبب التعاليم التي أرساها في بيروت محمد الحوت وعبدالله خالد ومحمد البربير وعبدالله بيهم وغيرهم. وأدرك أهمية التعاون بين مختلف فئات المجتمع، وأن نهضة المجتمع تستوجب إنهاض هذه الفئات جميعها. وأدرك بثاقب بصره أهمية موقع بيروت وعلاقتها بالجار أي البحر وبالداخل العربي وما بين البحر والبر من ترانزيت.وقد مارس السياسة كوسيلة للإصلاح والتطوير والتنمية وخدمة المصلحة العامة لا وسيلة للثراء والمناورات والصفقات، وعندما وجد السياسة تتناقض مع معتقده تركها وانصرف الى العمل الاجتماعي، حيث السياسة الحقيقية المفيدة.تبدو أهمية عمر الداعوق من خلال اقتناعه بأن العمل الفردي غير مفيد وأن تحقيق الاهداف يستوجب العمل من ضمن مجموعة تتناغم مع أفكاره وتساعد في تخطيط المشاريع وتنفيذها.وقد تجلى هذا الاقتناع في رئاسته لمجلس بلدية بيروت وفي رئاسته غرفة التجارة وفي رئاسته مجلس أمناء...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم