الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

المدينة الملوّنة

المصدر: "النهار"
Bookmark
المدينة الملوّنة
المدينة الملوّنة
A+ A-
ليكتب احدنا كل يوم، في كل الاحداث، يمنحه قلمه حرية خيالية شبيهة بحرية بساط الريح، تأخذه الى كل مكان. ويشكو بعض الكتاب احياناً مما يسمونه مأزق الورقة البيضاء. معهم قلمهم وامامهم دفتر ولكن لا شيء يكتبونه. يمزقون الورقة بعد الاخرى والكدسة بعد الاخرى، ثم لا شيء. عندما يحترف الكاتب يشعر انه تخطى هذا المأزق. وإن وجد ورقة وقلماً عثر على ما يكتبه، وفجأة يقفز امامه الموضوع المحظور: بلده ووطنه وأرضه. هل الوطن والارض مجرد ورقة وقلم روضّهما ايضاً الاحتراف المهني؟ هل طوابير الهجرة والرحيل وبوسطة مروحين مجرد تعليق او تحليل آخر؟ هل البواخر المبحرة، مرة اخرى، منديل يبكي ام موضوع للكتابة؟ من الصعب ان تكتب وانت في طابور. لقد عذبتنا هذه الارض لكثرة ما ودعناها، وما استقبلتنا. وفي الماضي كانت تنذرنا. كنا نرى الغيوم آتية وصبية الدمار يشعلون حرائق الفتنة. وكان محترفو النعي ينعون، وتجار الدمار يطلقون ابواق اريحا. ولكن هذه المرة، فجأة، تقررت ازالة لبنان.وقد كان بعض تعزيتي في هذه الحالة الشرقية الملازمة من القلق والعجز، كتاب حليم بركات "المدينة الملونة"، وهوتاريخ وجداني وطني (بالمعنى الاهلي) لسيرته، وسيرة بيروت، وسيرة جيل عربي ولد مع الاستقلال، وأفاق على النكبة، وعاش مع الخيبة.يكبرني حليم بركات بعشر سنين تماماً. وأدوّن هذا التفصيل، الذي يبدو غير ضروري، كي أقول إننا من مرحلة واحدة، وجيل واحد ومناخ حياتي كثير التشابه. وكان اكثر ما يجمع اولاد تلك المرحلة، اتساع الأمل والحلم والشعور بأن التغيير سهل، ولا ينتظر سوى انضمامنا الى الجماعة، فالله معها.كان حليم بركات، استاذ العلوم الاجتماعية في الجامعة الاميركية (كانت تسمى "الجامعة" دونما حاجة الى توضيح)، جاء الى بيروت عام 1942 من الكفرون، في سوريا. تقدمته امه، هو،...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم