الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

22 تشرين الثاني وماذا بعد؟

الدكتور نبيل الطويل
22 تشرين الثاني وماذا بعد؟
22 تشرين الثاني وماذا بعد؟
A+ A-

22 تشرين الثاني، يوم "عادي" ككل الأيام اللبنانية. وإذا كان هذا اليوم يُجسّد ذكرى ما... أو عيداً... أو مناسبة ما... فكل ذلك يقع في خانة التمثيليات والهمروجات والمباراة في الخطابة الارتجاليّة والحفلات المكلّفة لخزينة الدولة. دولة لبنان المستقبل!

ذكرى استقلال! وأي استقلال؟ ومين... وكيف... ومتى...

هذا اليوم ووكل يوم لبناني يجب أن يكون فقط يوم وقفة إجلال وتقدير ومحبّة وفخر للجيش اللبناني... لأن لولا وجوده وتضحياته لما جلس أصحاب المعالي والسعادة والرؤساء وأصحاب النوادي والصالونات على المنصّات "يستعرضون" و"يصفّقون" وهم أنفسهم أنكروا جنودنا عند أوّل صياح الديك لا بل قتلوا الديك قبل أن يصبح...

إنّها مهزلة القدر...

كان على أصحاب السعادة والمعالي والرؤية الضبابيّة والأزلام والحاشية، التقدّم في مثل هذا اليوم، بالتحيّة إلى جنودنا وعائلاتهم والانحناء أمامهم إجلالاً لبذّتهم العسكريّة الملطّخة بالدماء ورمال المعارك. لولاهم لما بقي "السعداء" في مناصبهم مُحاطين بـ"الزلم" والحاشية، والسيارات الفخمة والقصور التي بُنيت من مال الشعب ودماء الجيش.

استعراض "الاستقلال" يجب أن يقلب الأدوار: جيش مع قائده وأركانه يستعرض... يمر أمامه من أنكره أو سينكره... يمر أمامه من هرب أو إختبأ أثناء المعارك أو من تنكّر هرباً من هويّته اللبنانيّة... ترى هل يجرؤ هؤلاء على النظر إلى القائد وجيشه والانحناء أمامهم... فقط لأن جزمتهم داست أرض المعارك؟؟

يا له من قدر يا له من استقلال.

مهما كان رأي هؤلاء فيما أقول فلن يستطيع أصحاب المعالي و"القياديّين" نفي وجود شيء ما يتحرّك داخل كل لبناني مؤمن وبسيط... وثائر. إنّها حالة قرف ويأس... إنّها حالة وطنيّة جديدة. حالة كل لبناني متعطّش إلى الاستقلال إلى الحريّة، إلى حقّ تقرير المصير.

اللبناني، يا أصحاب القيادة والرؤية والسعادة (نيالكم) يتعذّب كل يوم ويُهان كل ساعة ويغتصب كل دقيقة من قبل من يدّعي الحفاظ عليه وعلى استقلاله وهناء عيشه، وحريّته المقدّسة.

الحريّة الحقّة إمّا أن تكون بالتساوي للجميع وإمّا أنّها ليست بحريّة صادقة. من يخاف الاستقلال والحريّة يخشى التعدّديّة حتى يصادر الحقيقة ويرهمها ويظلم حاملي رايتها... فيفرض على الكل أحادية الرأي والفكر والرؤية... والاصطفاف... والحجم... وحتّى اللّون، تحت شعار الميثاقيّة التوافقيّة هؤلاء طغاة وغزاة وحراس أنظمة فارغة. يُهلّلون لأعياد فولكلوريّة ويبكون لأحزان تماسيحهم... هذا هو استقلالهم.

أمّا الذي يخاف على الحريّة وهو واقع أكثريّة اللبنانيّين، فإنّه يعيش بحزنه ويأسه في حالة ثائرة لأنّه يثق بإنسانيّة الآخر وليس باستزلامه للآخر، ومشكلة هؤلاء الشرفاء سيادتهم لا ارتهانهم وهم يريدون استقلال إنسانهم لا عروبة لسانهم فقط.

نحن نقول أن "حالة اللبنانيّين" هذه هي في مشكلة حريّتهم واستقلالهم لا في وحدتهم. الوحدة لا تقبل الاستنساخ والتذويب والهبل.. ولا الانصهار والخضوع لمشيئة من ولّى نفسه قائداً أو رئيساً أو مسؤولاً أو حاكماً بل تطلب الوحدة في الحريّة المعبّر عنها بالديموقراطيّة الصادقة.

الحقيقة، يا أصحاب السعادة، تُحرّر و"الحالة اللبنانيّة" الجديدة ستجرؤ على حفظ ذكرى البطولات والجبانة والخيانات والاستهتار والنجاحات والإخفاقات لأن بالجرأة ستتحدّى كل ما يفرض عليها من عتمة وذل وعجقة سير وعطش وإهانات واستهتار وفقر ونهب وسلب واغتصاب عقول اللبناني في"حالة وطنيّة" جديدة يريد كسر طوق العجز الذي يسجنه فيه أصحاب السلطة.

- يريد التحرر من عقدة اللون الرهينة وذهنيات الدمى والتبعية.

- يريد تحرير أمراء الحرب والسلطة من العقدة التي تدفعهم للتضحية برعاياتهم إرضاء لمشاريعهم ولمآربهم وإكراماً للباب العالي.

- اللبناني الشريف يؤمن من الآن وصاعداً بالمقاومة والثورة بأخلاقيّات الحريّة:

لا أحجام... لا اصطفاف... لا ألوان... لا همروجات... لا حركات إحصائيّة فارغة (أكل أولم ... سافر... شرب... اجتمع...)

كفى

كفى

اللبناني الشريف مصر على إستقلاله وحق تقرير مصيره وحياته وحياة أولاده. فلا يمليه عليه أحد ولا يشاطره فيه أحد لا باللّون ولا بالهمروجات والخطابات الفارغة ولا ببطولات دون كيشوتيّة.

"الحالة الوطنيّة" سئمت من كل شيء. فحذار.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم