الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

ظاهرة حديثة... ذوو "البشرة الملوّنة" ينتسبون لمجموعات "المتسيّدين البيض"

المصدر: "النهار"
جورج عيسى
A+ A-

يوم الاثنين الماضي، وفي حديث إلى صحيفة "ذا غارديان"، أكّد مايكل ماكابي، مدير الشؤون الداخليّة والتدريب والتحقيق وأمن المحكمة في مكتب شريف مقاطعة فانكوفر-واشنطن، وجود وثيقة صادرة عن مكتب التحقيقات الفيديراليّ حول تصنيف طال مجموعة جديدة من القوميّين البيض في الولايات المتّحدة. تمّ إصدار الوثيقة في آب الماضي وهي تشير إلى أنّ "أف بي آي يصنّف ‘الفتيان الفخورين‘ بأنّها مجموعة متطرّفة على علاقة بالقوميّة البيضاء".

تذكر الصحيفة أنّ مجموعة "الفتيان الفخورين" تأسست على يد المشارك في إطلاق شركة "فايس" الإعلاميّة غافين ماكينز الذي أصرّ على أنّ مجموعته ليست من القوميّين البيض أو اليمين البديل. لكن لدى المجموعة تاريخ من كراهية النساء وتبجيل العنف، بحسب "ذا غارديان". ويصنّف "مركز قانون الفقر الجنوبي" "الفتيان الفخورين" على لائحة مجموعات الكراهية. تشير الوثيقة أيضاً إلى أنّ أعضاء من المجموعة ساهموا في تصعيد العنف خلال تجمّعات سياسيّة في الجامعات وفي مدن مثل تشارلوتسفيل، فيرجينيا، بورتلاند، أوريغون، سياتل وواشنطن.


"أكثر تنوّعاً من معظم الليبيراليّين"

في اتّصال هاتفيّ مع شبكة "نيوز ماكس" أمس الثلاثاء، وضع ماكينز هذه الوثيقة في إطار الأخبار الزائفة قائلاً إنّ العنف الذي يُنسب إلى مجموعته يكون دائماً في إطار الردّ على حركة "المناهضين للفاشيّة" ("أنتيفا") التي تمارس "الرعب" على المحافظين، وفي إطار الدفاع عن مجموعة من الخطباء مثل بن شابيرو وآن كولتر وغيرهما. وتابع أنّ مجموعته "أكثر تنوّعاً بمئة مرّة مع الكثير من السود، اليهود، المثليين، أكثر من أيّ مجموعة رأيتها ومن ضمنها ‘أنتيفا‘، إنّها أكثر تنوّعاً من معظم الليبيراليّين".





لا توافق شركات كثيرة على ما تقوله هذه المجموعة فقد قطعت "أمازون" و "باي بال" علاقاتهما معها بعدما تورّط أعضاؤها بصدام عنيف في نيويورك الشهر الماضي. وفرضت "فايسبوك" حظراً على حسابات مرتبطة ب "الفتيان الفخورين". وذكر بيان صادر عن "أف بي آي" حصلت عليه صحيفة "ذا هيل" أنّ "تركيزنا ليس على عضويّة مجموعات محدّدة لكن على أفراد يرتكبون العنف ونشاطاً جرميّاً يشكّل جريمة فيديراليّة أو يفرض تهديداً على الأمن القوميّ". وتصف المجموعة نفسها بأنّها "شوفينيّة غربيّة" كما أنّ لديها فرعاً نسائيّاً مرتبطاً بها يُدعى "فتيات الفتيان الفخورين" ويدير صفحة على فايسبوك نالت حتى وقت قريب 3200 إعجاب. ولدى هذه المجموعة انتشار في الخارج مثل كندا والمملكة المتحدة.




بالنسبة إلى "التنوّع" الذي تحدّث عنه ماكينز، هنالك تشكيك كبير به. فمجموعته تكره المسلمين، إضافة إلى أنّ كتاباته عن اليهود لا تظهر ما يدّعيه، فقد سبق له أن كتب مقالاً بعنوان: "عشرة أمور أكرهها في اليهود". لكن بالنسبة إلى انضمام غير البيض إلى مجموعته، يبدو أنّ ذلك صحيح.


"مناهضة ذنب الرجل الأبيض"

يذكر موقع "ديفندر نتوورك" أنّ هذه المجموعة سمحت لغير البيض بالانضمام إليها طالما أنّ المنضمّين "يعترفون بأنّ الرجل الأبيض ليس المشكلة". وهذا ما يتماشى مع توجهاتهم الفكريّة التي تقوم على "مناهضة ذنب (الرجل) الأبيض" و "مناهضة الصواب السياسيّ". وأضاف الموقع أنّ إنريكي تاريو، رئيس فرع ميامي لمجموعة "الفتيان الفخورين" يعرّف عن نفسه بأنّه "أفريقيّ-كوبيّ" وقد كان واحداً من عشرات المشاركين الآسيويّين واللاتين في تجمّع اليمين المتطرّف في بورتلاند ضمن ظاهرة تُعرف ب "التسيّد الأبيض المتعدّد الأعراق". وهنالك أيضاً مجموعة "صلاة وطنيّ" اليمينية المتطرّفة التي نجحت بجذب مناصرين في الساحل الغربيّ وأشخاص من غير البيض ومن بينهم توسيتالا توسي الذي يسمّي نفسه ب "أخ أسمر لدونالد ترامب". ويملك قائد هذه المجموعة جوي غيبسون جذوراً يابانيّة.




يرى دايفد نيورت صاحب كتاب: "أميركا-البديلة: صعود اليمين الراديكاليّ في عصر #ترامب" أنّ اليمين البديل يهدف إلى استقطاب الرجال البيض برسالة استياء ذكورية وإلى استقطاب بعض السود والآسيويّين واللاتين الذين نشأ قسم منهم في مجتمعات محافظة. ويذكر أنّ ألعاب الفيديو والمواقع التي تنشر نظريّات المؤامرة هي مداخل مشتركة إلى القوميّة البيضاء. وأشار "ديفند نتوورك" إلى أنّ ظاهرة انضمام غير البيض إلى هذه المجموعات هي جديدة وتستحق الاهتمام.


تكيّف

هنالك تقارير متعدّدة ليست فقط حول ظاهرة الانضمام أميركيّين من أصول لاتينيّة أو أفريقيّة إلى هذه المجموعات اليمينيّة المتطرّفة وحسب، بل أيضاً عن مشاركتهم في أعمال عنف ضدّ الأقلّيّات. وفي جميع الأحوال، يبدو على سبيل المثال، أنّ اللاتينيّين في أميركا يعرّفون عن أنفسهم بشكل متزايد على أنّهم "بيض". لكن هل يكفي ترعرع هؤلاء في بيئات محافظة لتكوين فكرة عن الأسباب التي تدفعهم لاعتناق الأفكار المتطرّفة، كما قال نيورت؟




قد يكون هنالك جاذب مشترك بين جميع المنتسبين لهذه التيّارات وهو شعورها بالحاجة للانتماء إلى هويّة أو إلى مجموعة ذات قضيّة واحدة. لكن بالمقابل، تعمل المجموعات اليمينيّة على مواكبة التطوّر في ما يتعلّق ببعض الشعارات، كما يحصل مثلاً مع "الحركة الوطنيّة الاشتراكيّة"، ذات التوجّهات النازيّة. بحسب "مركز النزاهة العامّة"، يقول جيف شوب قائد المجموعة إنّه يكره عبارة "النازيين الجدد" لوصف معتقدات حركته التي تقلّص اعتمادها على الرموز النازيّة. وفي تشرين الثاني 2016، قال شوب إنّ المجموعة تجري "إصلاحاً تجميلياً" من دون يؤثّر ذلك على أسسها الفكريّة مشيراً إلى أنّ ما كان يلاقي صدى لدى مجموعة معيّنة في السبعينات تغيّر اليوم.


ما أبرز النتائج؟

يمكن أن يكون السعي إلى التكيّف مع عالم اليوم أحد دوافع اليمين المتطرّف للقبول برجال من غير البيض طالما أنّهم من جهة ثانية، يتحدّث البروفسور المشارك في جامعة يال دانيال ماتينيز هوسانغ عن أنّ التعدّديّة الثقافيّة أصبحت القاعدة اليوم وهي انتشرت بدءاً من الشركات ووصلت حتى اليمين المتطرّف. ونقل عنه موقع "ذا دايلي بيست" قوله إنّ اليمينيين المتطرّفين من غير البيض انجذبوا إلى شعارات تعلي من شأن الجيش والقومية والوطنيّة والأفكار المحافظة.




بما أنّ هذه الظاهرة حديثة، ستبقى أسباب انضمام اللاتين والآسيويّين والأفارقة إلى المجموعات اليمينيّة المتطرّفة قيد الدرس حتى يتمّ الخروج باستنتاجات أوّليّة عنها. لكن بعكس الأسباب التي قد تبقى غامضة، ستكون إحدى نتائج هذا الانضمام واضحة المعالم على مصير مجموعات اليمين المتطرّف. بحسب هوسانغ، سيجع هذا الإقبال "التسيّدَ الأبيض قوّة أكثر استدامة".

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم