الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

هل يجرؤ المثقّفون المصريون على إعادة قراءة التراث الإسلامي؟

المصدر: "النهار"
القاهرة-ياسر خليل
هل يجرؤ المثقّفون المصريون على إعادة قراءة التراث الإسلامي؟
هل يجرؤ المثقّفون المصريون على إعادة قراءة التراث الإسلامي؟
A+ A-

وشهدت السنوات الأخيرة مواجهات قضائية وإعلامية ضارية بين متشددين دينيين وعدد من المثقفين الذين تحمسوا للفكرة، وساهموا بجهدهم واجتهاداتهم لدعمها، وهو ما قاد بعضهم إلى ساحات المحاكم والسجون والمنع من الظهور الإعلامي، وهو أيضاً ما يثير تساؤلات حول مدى تجروء المثقفين على المساهمة في تجديد الخطاب الديني، بعد كل ما تعرضوا له في الفترة الماضية.

وكان الرئيس المصري قال في كلمته التي ألقها في الاحتفال بذكرى المولد النبوي الاثنين: "أدعو علماءنا وأئمتنا ومثقفينا إلى بذل المزيد من الجهد في دورهم التنويري. دعونا نستدعي القيم الفاضلة التي حض عليها الإسلام ورسولنا الكريم (ص) والتي تنادي بالعمل والبناء والإتقان، لنواجه بها أولئك الذين يدعون إلى التطرف والإرهاب".

ويبدو أن الرئيس المصري أراد في خطابه هذه المرة أن يوجه الدعوة بصورة مباشرة للمثقفين الذين تعرضوا للعديد من ألوان الترهيب والتشويه خلال السنوات الماضية، وهو ما قد يدفع البعض منهم إلى العزوف عن المساهمة.

حماسة للمشاركة

ويرى الأديب والنائب البرلماني المصري يوسف القعيد أن المثقفين سوف يتحمسون للمشاركة، ويقول لـ"النهار": "أعتقد أنه سوف تكون هناك حماسة لدى المثقفين للمشاركة في هذا الجهد. هذه هي المرة الأولى التي يضع فيها الرئيس السيسي المثقفين جنباً إلى جنب مع علماء الدين والأئمة في حديثه عن تطوير الخطاب الديني".

ويضيف: "هذا يعطينا دفعة للمشاركة في تطوير فهمنا ورؤيتنا للدين وليس تطوير الدين نفسه، لأن الدين من الثوابت، وتعرضنا له محفوف بالمخاطر"، ولم يستبعد أن "تحدث عمليات إرهاب أو تخويف للمثقفين خلال الفترة المقبلة، ولكن أنا ضد التوسع في هذا الأمر حتى لا يحجم المثقفون عن المساهمة في الإصلاح الديني".

وأبرز الحاجة إلى خطاب ديني جديد، وليس تطوير الموجود أو ترميمه أو ترقيعه، معتبراً أن "هذا لا يجب أن تتوقف صياغته على الأزهر أو وزارة الأوقاف فحسب، ولكن يجب أن تشارك مؤسسات حكومية أخرى مثل وزارات التربية والتعليم، والشباب والرياضة، والتضامن الاجتماعي، وغيرها، حتى يكون هناك منظومة للعقل الرسمي، تقابل منظومة العقل الثقافي المصري، فتخرج عملية التطوير أكثر شمولاً وتكاملاً".

"تراثات إسلامية"

ويقول الكاتب والمترجم شوقي جلال لـ"النهار" إن "الحديث عن تجديد الخطاب الديني رؤية غير صائبة، ليس لدينا في ثقافتنا ما يستحق البقاء حتى يعاد تجديده أو ترميمه، لا يوجد ما يمكننا استخدامه في حل مشاكلنا الراهنة، وإنما كل شيء لدينا في حاجة إلى تغيير حضاري، نحن بحاجة إلى خطاب جديد تماماً، يلائم حاجاتنا العصرية".

ويرى الكاتب الذي ألف وترجم العديد من الكتب المتعلقة بالتراث والفكر والحضارة "أننا نخطئ حين نطالب المسؤولين عن التقاليد القديمة أن يضعوا لنا الجديد، وحين نتحدث عن قراءة جديدة للتراث القديم، نجد أنفسنا أمام حيرة، فنحن لا نعرف ما هو هذا التراث بالضبط، لا توجد دراسة نقدية عقلانية حقيقية يمكن أن نعرف من خلالها كيف نشأ هذا التراث وتعددت موارده وإصداراته، وبالتالي لا يوجد اتفاق على ماهية التراث الإسلامي، ولكن هناك تراثات إسلامية، فأيهم نختاره؟".

ويجيب جلال: "نختار على أساس حركتنا الحضارية، ما نحتاج إليه هو ما يمثل قوة دفع لنا نحو مستقبل أفضل، وكل تراث ديني أو ثقافي سوف تجد فيه مناطق مفصلية تستطيع أن تستخدمها في التأويل والتفسير لتخرج من خلالها بخطاب حضاري يناسب العصر. ونفس المفسرين ورجال الدين القدامى الذين يعتمد عليهم التقليديون، قالوا إن النص متناه والحياة غير متناهية، ومن ثم يجب أن نفسر النص بما يتفق مع الحياة".

سدنة التراث

ويرى العديد من الكتاب والباحثين أن الأزهر خصوصاً، وأغلب رجال الدين عموماً يمثلون حجر عثرة في التطور الحضاري الذي ينشده المصريون، وعلى مر السنوات الثلاث الماضية هاجم الأزهر وعدد من المتشددين كل من حاول تقديم رؤية جديدة، بمن في ذلك بعض الأزاهرة، وبينهم الدكتور سعد الدين الهلالي، وسعوا إلى إسكاته من خلال مقاضاته وشن حملات إعلامية لتشويهه واتهامه بأنه يريد هدم الدين الإسلامي.

وكشف المثقفون خلال الفترة الاخيرة العديد من المشاكل في كتب التراث، لم تكن معلومة لعامة المسلمين، وشهدت بعض وسائل الإعلام فتاوى أثارت ضجة كبيرة في مصر بعدما اضطر بعض رجال الدين لتبرير فتاواهم بأنها ليست من عندهم ولكن مصدرها هو التراث.

ومن بين أشهر ما تداوله الإعلام خلال السنوات الثلاث المأخيرة، فتاوى تجيز نكاح الزوجة الميتة، وشرب بول البعير للتداوي، والزواج بالفتاة ولو كانت في بطن أمها، ورضاعة الكبير، وغير ذلك.

وبدلاً من أن يعيد الأزهر قراءة هذا التراث ويقدم نقداً للأفكار التي وردت فيه، بدأ بعض رجاله في البرلمان المصري العمل على طرح مشاريع تقيد الفتوى والحديث في أمور الدين إلا لمن يحصل على ترخيص من المؤسسات الدينية المعنية وعلى رأسها الأزهر، وهو ما يعني أن الحديث سيكون بصوت واحد يرتضيه قيادات هذه المؤسسة الدينية العتيقة.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم