الثلاثاء - 16 نيسان 2024

إعلان

دور أساسي لمجلس النواب في معركة الاستقلال الأوّل

المصدر: "النهار"
Bookmark
دور أساسي لمجلس النواب في معركة الاستقلال الأوّل
دور أساسي لمجلس النواب في معركة الاستقلال الأوّل
A+ A-
كان الاستقلال اللبناني الذي تحقق في الثاني والعشرين من تشرين الثاني عام 1943، ثمرة جهود ونضالات مشتركة خاضها المجتمع اللبناني بفئاته وطوائفه واحزابه كلها، بالتعاون مع مجلس النواب الذي خاض "أم المعارك" في جلستي 8 و 11 تشرين الثاني من العام 1943. وكان لمجلس النواب اللبناني دوره الرائد في معركة الاستقلال، ولم يتوان عن المواجهة حيث كان لابد منها، وكان يمثّل الشرعية اللبنانية التي حاولت فرنسا تقليص وهجها، وصولاً الى محاولات الغائها.يبقى الرهان هذه الايام على دور مجلس النواب، في الحفاظ على استقلال هذا الوطن، وعلى إنجازات "ثورة الأرز" التي استطاعت تحقيق "استقلال 2005" الذي حرّر لبنان من الوصاية السورية، بعدما تحرر من الاحتلال الاسرائيلي عام 2000. والكل اليوم يراهن على دور انقاذي لمجلس النواب الحالي – كما في العام 1943 – ولعل دوره الانقاذي يتجلى في تأمين انتخاب رئيس جديد للبلاد، وفي وضع قانون انتخابات حضاري يحقق للبنانيين صحة التمثيل، وصحة الحياة الديموقراطية البرلمانية.جلسة التحديمعركة مجلس النواب الاستقلالية بدأت في جلسة التحدي الشهيرة في 8 تشرين الثاني 1943، التي اقرت مشروع تعديل الدستور اللبناني في بعض مواده، التي لاتتعارض مع استقلال لبنان التام المعترف به. وكان الفرنسيون ينصحون الحكومة اللبنانية بالتريث وعدم التفرد بالتعديل واعتبار "ان هذا القرار ليس الا لتطبيق قاعدة حقوقية عامة، وان احترام العقود هو اساس استقلال الدول واساس حريتها، وان فرنسا لا تشك مطلقاً في ان الامة اللبنانية تعترف بصواب هذا التصريح، وتفقه انه في الواقع لايتنافى في شيء مع عزم فرنسا على منح لبنان استقلاله التام من طريق مفاوضات تجري بين الفريقين بروح تعاون مخلص وودي يجب ان يسود كما في الماضي العلاقات الخاصة التي تجمع بين لبنان وفرنسا..." (بشارة الخوري، "حقائق لبنانية"، ج2، ص25 ).وحاولت فرنسا من خلال المندوب السامي هلّلو ارجاء جلسة التعديل، الذي تعهّد بتقديم عروض مقبولة من الجنرال شارل ديغول، لكن الحكم اللبناني رفض أي تأجيل.ودعا مدير الامن العام غوتييه الى اجتماع في مكتب اميل اده في اليوم السابق لجلسة التعديل حضره النواب جورج زوين، جورج عقل، اسعد البستاني، كمال جنبلاط، جميل تلحوق، امين السعد، احمد الحسيني، عبد الغني الخطيب، جبرائيل المر، وديع الاشقر، اضافة الى اميل ادة، وطلب غوتييه من المجتمعين التغيب عن جلسة الغد، مؤكداً انه يسعى لاقناع ستة نواب ليحول دون اجتماع الاكثرية القانونية المطلوبة لتعديل الدستور، معتبراً ان صداقة فرنسا، وكرامتها وكيانها معلّقة على حضورهم او عدمه. الا ان اكثرية هؤلاء النواب رفضوا طلبه بعد مناقشة حادة وابلغوه تصميمهم على الحضور.وفي الساعة الثالثة من بعد ظهر يوم الاثنين في الثامن من تشرين الثاني 1943، افتتح رئيس مجلس النواب صبري حمادة الجلسة بحضور النواب الذين اتوا ملبين النداء الوطني، وبحضور رئيس الحكومة رياض الصلح، واعضاء الحكومة حبيب ابو شهلا، الامير مجيد ارسلان، كميل شمعون، سليم تقلا، عادل عسيران، فيما تغيب ثلاثة نواب وهم: ايوب ثابت، احمد الحسيني، وموسيس دركالوسيان، ملبين الرغبة الفرنسية في عدم الحضور، في الوقت الذي احتشد فيه المواطنون اللبنانيون في ساحة البرلمان وعلى السطوح والشرفات للمشاركة في هذا الحدث التاريخي. وأُقر التعديل الدستوري في هذه الجلسة بالاجماع باصوات بلغ عددها 48 صوتاً من اصل مجموع اعضاء مجلس النواب البالغ 55 نائباً، بعد انسحاب النائبين اميل ادة وامين السعد من الجلسة مطالبين بتأجيل جلسة التعديل.ولجأت المفوضية الفرنسية الى محاولة اخيرة لتأخير التعديل الدستوري من خلال سعي المندوب الفرنسي لإقناع رئيس الجمهورية بتأخير نشر التعديل في الجريدة الرسمية، ريثما يصل المفوض السامي هللو من الجزائر. لكن الرئيس بشارة الخوري رفض التريث، ووقّع على قانون التعديل فوراً، وتم نشره في عدد خاص للجريدة الرسمية في يوم الثلاثاء 9 تشرين الثاني 1943. اما الرئيس صبري حمادة فقد خشي من محاولة الفرنسيين مصادرة محاضر هذه الجلسة التاريخية، فحملها الى مكان لا يشك فيه الفرنسيون. ويقول في مقابلة مع "الاسبوع العربي" في 6/11/1967: "اخفيت المحاضر في مكان ما من كنيسة الاباء الكبوشيين في محلة باب ادريس ..." .وفي كتابيهما " مجلس النواب في ذاكرة الاستقلال اللبناني"، اعتبر امين عام مجلس النواب عدنان ضاهر، ومدير عام شؤون الجلسات واللجان رياض غنام، ان اجراءات مجلس النواب اللبناني بتعديل الدستور اثارت حفيظة الفرنسيين وسخطهم "وشعروا ان العلاقات التاريخية التي تربط فرنسا باللبنانيين منذ مئات السنين، قد سقطت على مذبح سبيرز، وان الابن المدلل الذي ولدته امه الحنون ورعته وقدمت اليه كل عون وقد اشتد ساعده الان تخلى عنها، وانطلق بعيداً رغم اوضاعها السياسية والعسكرية الصعبة، ورغم حاجتها الماسة اليه، معتبرة ان ما يربط بين الشعبين اعمق من ان يقدم احدهما على التخلي عن الآخر، حتى لو كانت الامور تتعلق بالاستقلال والتحرر والسيادة".وصل هلّلو الى لبنان، وهو يحمل معه تحفظات فرنسا عن التعديل الدستوري، واعتبار ما اقدم عليه مجلس النواب اللبناني، في مثابة عمل من طرف واحد من الطرفين اللذين هما لبنان والدولة المنتدبة.الإجراءات القمعية الاولى لهلّلو كانت في قيام قوات الامن العام الفرنسي بغزو مكاتب الصحف البيروتية يوم الاربعاء في 10 تشرين الثاني 1943 ومصادرتها قبل ان تنشر قانون التعديل الدستوري بعدما نشر في الجريدة الرسمية. ثم قامت بسحب الدعوة التي كانت وجهت الى الحكومة للاحتفال بذكرى الهدنة في 11 تشرين الثاني، فردّ رئيس الجمهورية على ذلك بعدم حضوره تلك المناسبة وعدم مشاركة الفرق...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم