الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

جوزفين بيكر وموريس بيجار يلتقيان في "مهرجان بيروت للأفلام الفنية"

المصدر: "النهار"
جوزفين بيكر وموريس بيجار يلتقيان في "مهرجان بيروت للأفلام الفنية"
جوزفين بيكر وموريس بيجار يلتقيان في "مهرجان بيروت للأفلام الفنية"
A+ A-

يواصل "مهرجان بيروت للأفلام الفنية" (باف) اعماله التي تمتد من اول تشرين الثاني حتى نهايته وقد توزعت افلامه العالمية والعربية واللبنانية التي تناهز الستين ضمن تظاهرتين، الاولى "خارج الاسوار" والثانية "داخل الاسوار". وليلة الثلثاء 20 من الشهر الجاري تنطلق عروض جديدة في صالة "متروبوليس – أمبير" يفتتحها فيلمان هما "موريس بيجار: روح الرقص" و"جوزفين بيكر: قصة يقظة" ويسبقهما فيلم قصير (خمس دقائق) هو "آما... فنانة الاعماق".

نجحت مؤسسة المهرجان ومديرته أليس مغبغب مع مجموعة من الفنانين والجامعيين في رهانها، وها هو المهرجان في دورته الثالثة يستقطب جمهورا كبيرا ويجذب اهتمام المراكز الثقافية العالمية ويدخل المدارس والجامعات والنوادي والمؤسسات الاهلية في المناطق اللبنانية كافة، وأبدت هذه السنة مؤسسات جديدة أهلية وتربوية رغبتها في استقبال الافلام وعرضها على جمهورها الخاص.

المهرجان الذي يلقى دعماً من مؤسسات خاصة يغطي تكاليفه، لم يثر حماسة وزارة الثقافة اللبنانية التي لم تكلف نفسها عناء تقديم العون له مع انه مهرجان يتوجه الى جمهور اهلي كبير واجنبي طبعا، على خلاف وزارة السياحة التي شاركت في اطلاقه.

وقد اثار المهرجان قضية ما يسمّى "معرض طرابلس" الذي يوصف بالتحفة المعمارية البديعة بعد تقديمها فيلماً عنه بعنوان "نيماير فور ايفير"، والعنوان مأخوذ من اسم المهندس البرازيلي العالمي أوسكار نيماير الذي صمم هندسته وأشرف عليه.

اما الفيلمان اللذان يفتتتحان ليلة الثلثاء 20 من الشهر الجاري في صالتين متجاورتين في "متروبوليس – امبير" فهما حدثان فنيان كبيران. الاول "جوزفين بيكر: قصة يقظة"، يعرض عالميا للمرة الاولى في حضور المخرجة ايلانا نافارو وبالشراكة مع السفارة الاميركية. يجمع الفيلم بين التوثيق والابداع الفني ليكتب سيرة هذه الفنانة الاميركية السوداء الكبيرة التي ما برح العالم يذكرها كفنانة ومناضلة ضد التمييز العنصري.

جوزفين بيكر، التي تشكل سيرة حياتها موضوع هذا الكتاب، هي من مواليد 1906 في مدينة سان لويس بولاية ميسوري الأميركية. عرفت الفقر الشديد في سنوات طفولتها، وبدأت حياتها الفنية في الثالثة عشرة مع فرقة من الراقصين "المغمورين"، في مجتمع كانت العنصرية في أوجها مستهدفة آنذاك "السود" ذوي الأصول الإفريقية.


لكن جوزفين بيكر أثبتت نفسها كفنانة كبيرة، ليس في الولايات المتحدة فقط، ولكن أيضا، وربما خصوصا، في فرنسا التي جاءت إليها وعملت فيها لفترة طويلة في صالة "الفوليه بيرجير" الشهيرة وفي "مسرح الشانزيليزيه". وعندما نشبت الحرب العالمية الثانية لم تتردد جوزفين في العام 1944 أن تتطوع في سلاح الطيران بعدما كانت قد حصلت على شهادة التأهيل لقيادة الطائرات، وتبوأت رتبة نقيب في الجيش. وهكذا انخرطت بشكل جدي وفعال في صفوف مقاومة الاحتلال النازي لفرنسا.

وتحية الى الدور الذي ادته وجّه إليها الجنرال شارل ديغول رسالة مفعمة بالمشاعر الطيّبة. وفي 18 آب 1961 منحتها رئاسة الجمهورية الفرنسية "وسام الشرف" الأكبر في فرنسا بالإضافة إلى "صليب الحرب ذي السعفة".

وبعد رحلة قصيرة إلى الولايات المتحدة عام 1948 واجهت جوزفين مصاعب بسبب لون بشرتها "الغامق"، قررت العودة إليها من جديد من خلال توقيعها عقداً لإحياء احتفال كبير في ميامي. وقد طلبت أثناء المفاوضات ان يتضمن ذلك العقد بندا يؤكد "عدم التمييز العنصري" معلنةً أنها لن تظهر على المسرح إذا لم يتم قبول السود بين الحضور. وفي شهر اذار انتقلت بـالشروط نفسها إلى نيويورك ثم بالتتالي إلى شيكاغو وبوسطن وهوليوود. وكال النقّاد المديح لجوزفين بيكر، التي أصبحت يُنظر إليها كـ"فنانة كاملة الحقوق" في أميركا، حيث خاضت جوزفين معركة أخرى كان هدفها هو حصول السود على "حقوقهم المدنية" واندماجهم التام والشامل في النسيج الاجتماعي الأميركي.

اما الفيلم الثاني "موريس بيجار: روح الرقص" الذي يقدم بالاشتراك مع السفارة السويسرية فهو من اخراج السينمائيي هنري دو جيرلاشن وكان انجز العام 2017 في الذكرى العاشرة لرحيل رائد الرقص العالمي الحديث الذي حملت مرحلة السبعينات اسمه. وكان شارك في مهرجانات بعلبك في الستينات.

ولد بيجار واسمه الحقيقي موريس - جان بيرجي في مرسيليا - فرنسا في العام 1927 وكانت بدايته كراقص في العام 1945 مع أوبرا مرسيليا. وأسس أول فرقة باليه باسم "الغريب" في العام 1951 في استوكهولم. وفي العام 1959 قدم رؤيته الخاصة لباليه "طقوس الربيع" الذي ألّفه الموسيقي الروسي الشهير إيغور سترافينسكي ليلقي ترحيبا شديدا في مسارح بروكسيل. ودفعه ذلك إلى تأسيس فرقة باليه القرن العشرين التي قدمت اعماله في أنحاء العالم للمرة الأولى.

وكان بيجار اعتنق في العام 1973 الاسلام على المذهب الشيعي على يد متصوف ايراني لكنه كان يؤكد ان تحوله الى الاسلام كان في إطار "مسيرة روحانية" بالمعنى الأوسع طبعت مسيرته الفنية الى حد كبير. وفي العام 1990، اسس في القاهرة فرقة باليه "هرم النور" كانت تقدم رقصات مستوحاة من "الموسيقى الكلاسيكية الاسلامية"، في حين ان عمله "عن شهرزاد" لعام 1995 كان مزيجا بين مقطوعات من رافيل وريمسكي كورساكوف ومقطوعات فارسية كلاسيكية. وتأثر بيجار كثيرا في كتابه "للرقص اغنية اخرى" الصادر العام 1974، بأعمال الفيلسوف والمستشرق الفرنسي هنري كوربان (1903 - 1978) الذي تخصص في دراسة الاسلام في ايران. وقد حملت اثنتان من مدارس الرقص التي اسسها، "مودرا" و"رودرا" اسماء آلهة هندية. وقال بيجار في احدى مقابلاته "كنت دائما اعتقد بأن الرقص مرتبط بالالوهية، حيث تمتزج القداسة بالحركة الراقصة". واضاف انه يعتبر ان الرقص "عالم من التسامي الذي ينهل من اللاوعي، لا بل حتى من قوى خفية". وكان بيجار يعارض الفكر الطائفي، ولذلك أدان الاصولية الاسلامية وتطرفها وقارنها بالحركات الاصولية في الديانات الاخرى، كما جاء في قوله "محاكم التفتيش الاسبانية في الماضي، والاصولية الاسلامية اليوم، غالبا ما يعيد التاريخ تصوير الاحداث نفسها".

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم