الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

أعيدوا لبنان لؤلؤة

أعيدوا لبنان لؤلؤة
أعيدوا لبنان لؤلؤة
A+ A-



عندما نعدّ ثرواتنا، نعدّها مرتين: الأولى الشاطئ اللبناني، والثانية رماله المشعّة كأنّ الشّمس راحت تحوك من خصلها خيوطًا ذهبيّة وترميها فوقها. فقشُ الأمواجِ يعلو البحر فيجرف معه أصدافاً متنوّعة. إنّه ثروة حقيقيّة. يا له من مشهد مذهل.

لكنّ وحشاً ألحق الخراب بشاطئنا وبحرنا. مَن يكون سوى ابن آدم المجرم؟ تغطرس وتملّكته أنانيّته فحوّلته وحشًا مخيفًا، يبتغي الانقضاض على فريسته وابتلاعها مهما كلّف الأمر. غصّت الشواطئ بأطنانٍ من النفايات البلاستيكيّة الّتي بدّلت معالمها، أكياس هنا، أطباق هناك، بلاستيك هنالك. أطعمة فاسدة وتسرّب وقود من البواخر واليخوت، ومياه الصرف الصحيّ تصبّ في البحر، حذاء قديم يشارك الأولاد السباحة، صيد عشوائيّ... وعلى صفحة الماء ترى أسماكاً تطفو وفُرض عليها الموت وسط هذا التلوّث الخطير.

لو استطاع البحر الكلام لصرخ "كفى! كفى إجراماً بحقّي وبحقّ أنفسكم!". نعم، الشواطئ تستصرخ الضّمائر، وتستغيث: "أعيدوا إليّ أسباب الحياة، فلعنتي ستلاحقكم. اكتفيت من أعمالكم وأفعالكم التي أهلكت حياة الكائنات في أحشائي. عودوا إلى رشدكم، فأنا أنازع في سبيل البقاء والانتصار على التلوّث وأنتم تقتلونني غير آبهين بالقوانين والمحاسبة".

فلنتحرك. حان الوقت لنسترجع ثروتنا وحقّنا المسلوب. عودوا الى رشدكم. فلنتّخذ الإجراءات المناسبة، عبر نشر التوعية حول أهميّة ثروتنا المائيّة وكائناتها الحيّة، من خلال مشاركتنا في الجمعيّات البيئيّة التي تؤدّي دورًا مهمًّا في الحفاظ عليها. على الدولة أن تستيقظ على صوت الديك الذي كان يحاول جاهدًا إيقاظها، ولكن يا للأسف، كانت تصمّ آذانها. علينا أن نبدأ من المدارس بتوعية التلميذ على مستقبل بلده وبيئته وحياته.

وهبك الله عقلاً يا ابن آدم، فلماذا لا تفكّر قبل تصرّفاتك الوحشيّة؟ لماذا تركض خلف الجشع المدمّر، فيعمي بصرك؟ حان الوقت لنتصرّف. هيّا، شاطئكم بانتظاركم، بحركم يناديكم، ثروة الله تنتظر منقذها.

أين أنتم؟ انهضوا وأعيدوا جمال طبيعتكم، أعيدوا لبنان لؤلؤة الشّرق.

ريتا مخّول

المدرسة الوطنيّة التّابعة للرهبانيّة اللبنانيّة المارونيّة - شكّا

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم