الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

نيللي تتساءل "ماذا ينتظرني؟" وتواجه الحياة بالضحكة والأمل (فيديو)

المصدر: "النهار"
طرابلس -رولا حميد
نيللي تتساءل "ماذا ينتظرني؟" وتواجه الحياة بالضحكة والأمل (فيديو)
نيللي تتساءل "ماذا ينتظرني؟" وتواجه الحياة بالضحكة والأمل (فيديو)
A+ A-

لم يُثنِ نيللي الصانع شللها عن اجتياز صعوبات الحياة مرحلة تلو مرحلة، إلى أن استقرت في حضن الصحافة الورقية المناطقية، تعمل في إحدى دور النشر والصحافة الطرابلسية ثلاثة وعشرين عاما.

وتشتد الأزمة الصحافية، وتتفاقم، لتلقي بنيللي في بيتها، فاقدة عملها، وراتبها، والبيئة التي اعتادت عليها، فتنقلب حياتها رأسا على عقب، وتضعها الأزمة في تحدي الاستمرار، كيف، وبأي سلاح؟ تسأل نفسها.

اعتادت نيللي على المواجهة، والصمود. مرت بمراحل قاسية في حياتها، فمنذ أن أصبحت بعمر السنة والنصف من عمرها، اصابها الشلل، وكان ذلك مطلع سبعينات القرن الماضي، الذي توافرت فيه بعض علاجات، لكن ليس بالتطور الذي يشهده الطب اليوم.

تعاني نيللي اليوم صعوبة الحركة، بعد أن تغلبت على شللها بعلاجات وعمليات جراحة، كما تعاني جراء صعوبة حركتها من التواء بالعمود الفقري يضاعف صعوباتها، ورغم ذلك تعاند، وتقاوم، مرحة دائما، ولا تفارق البسمة وجهها.

تتحدث نيللي لـ"النهار" عن حالتها الراهنة، وتقول إنها "في وضع نفسي ضاغط، متسائلة: "ماذا ينتظرني؟ كيف أستطيع المكوث في المنزل، وانا اعتدت على الحياة العامة، بكل حيويتها، وفي دارٍ معروفة، قصدها كبار المثقفين، والسياسيين؟"، وتمضي في تساؤلها: “هل يمكن أن أجد عملا بعد اليوم، في زمن قلت فيه فرص العمل، كما بات وضعي الصحي ضاغطا عليّ، وأحتاج لعلاجات لا أستطيعها؟"

تتحدث أيضاً عن أزمتها، وخوفها من المجهول، وتقول: “أواجه مرحلة جديدة من مراحل حياتي الصعبة، وآمل أن أوفق بمن يساعد في إيجاد عمل لي، أو علاجات ليست سهلة في العيادات المتخصصة بذوي الحاجات الخاصة".

وتعود نيللي إلى طفولتها، حيث دخلت المدرسة متأخرة، وكانت في السابعة من عمرها لأنها خضعت لعمليات جراحية، وعلاجات متعددة حتى تمكنت من المشي، بمساعدة عصا، ولكن بصعوبة.

تقول إنها تلقت العلاجات، والجراحات في مركز "قرطباوي" لذوي الحاجات الخاصة، وذلك منذ طفولتها. وتفيد إن والدتها لم تشأ أن تتركها في المستشفى وحيدة، فكانت تبقى معها، أو تنقلها إلى المنزل رعاية لعواطفها، ومشاعرها، وتقول: “كانت أمي سندي الكبير، غمرتني بعاطفتها، وخففت الكثير من آلامي".

في السابعة، وقد استعادت نيللي القدرة على المشي، وإن بصعوبة، أدخلها شقيقها المدرسة، وهو معلم في المدارس الرسمية. “كانت المدرسة للصبيان، رغم وجود مدرسة أخرى للبنات في نطاقنا، وكنت البنت الوحيدة بين المئات، وفي البداية، أزعجني الأمر، لكن شقيقي، ببعد نظر تربوي، أصر على إبقائي بين الصبيان حيث يمكن أن أكون أكثر قوة، وخشونة، وبالفعل، كانت الفكرة صائبة، ونفعتني كثيرا"، تقول نيللي مبتسمة.

خلال دراستها الثانوية، توجهت نيللي نحو المطالعة الصحافية، تتحدث عن ذلك: “كان والدي يعطيني مصروفي اليومي، وكنت أنتظر وصول ملحق "النهار الدولي" إلى محل لبيع الجرائد على مسافة قريبة من منزلنا. اعتدت مطالعته، وكنت أقف من خلاله على ما يرد في جريدة "النهار" التي كانت بقيادتها مدرسة في الثقافة، والذوق، على يد الصحافي الكبير الاستاذ غسان تويني، وآخرين كالاستاذ ادمون صعب، وفي مرحلة متقدمة، على كتابات الصحافي الراحل الاستاذ جبران تويني الذي الهمني الكثير من العنفوان، وساعدتني مواقفه على القوة، والاستمرار، والتغلب على صعوباتي المختلفة، ومنها الجسدية".

استمرت نيللي في الدراسة، ونالت البكالوريا اللبنانية- القسم الثاني (فلسفة). ووضعت نفسها امام خيارين: الدراسة الجامعية، أوالمهنية، وقالت لنفسها: "هل أكمل دراستي في الجامعة، متحملة مشقات التنقل إلى منطقة القبة، بين التاكسيات، من ناحية، ولأحصل على شهادة نظرية قد لا تفيدني في العمل، من ناحية ثانية؟"، أم أختار المهني؟"

في هذا الوقت، أرشدها نسيب لها إلى "منتدى المعاقين"، وانتدبها رئيس المنتدى الدكتور نواف كبارة لتمثيل المنتدى في مخيمات "التربية على السلام" لليونيسيف، وذلك طوال صيف ١٩٩١، فكانت محطة انطلاق واسعة لها على الحياة.

كما ارشدها مسؤولو المنتدى إلى المعهد الفني في المدرسة الوطنية الأرثوذكسية في ميناء طرابلس (مار الياس) بعد أن عرفوا توجهها، وتتحدث عن دخولها المعهد، وتقول: “وفقني الله بمدير انساني، راقٍ، وهو الاسم المعروف شفيق حيدر، راعى حالتي، وأفسح لي المجال أن أتنقل بين الصفوف، وأطلع على الاختصاص الذي يروق لي، قبل تحديد خياري النهائي، وكانت تجربة مفيدة، واستقر رأيي على تعلم المعلوماتية، وكان ذلك أوائل التسعينات، فكنت من رواد الكومبيوتر، واختبرته، وأتقنته قبل الآخرين".

بعد نيل شهادتها الفنية في معهد مار الياس، التحقت بمركز طرابلسي للدعاية والإعلان، وعملت لديه فترة من الوقت، لتنتقل بعد ذلك للعمل مع الصحافي المعروف مايز الأدهمي في جريدته "الانشاء"، وهي الجريدة السياسية اليومية الوحيدة في لبنان خارج العاصمة بيروت.

تدربها في مخيم التربية على السلام، أهلها للاستقلالية، فاستأجرت بيتا مستقلا، و"دأبت على العمل في "الانشاء"، تعرفت على تقنيات الصحافة، والكتابة، والطباعة بمهارة، والتنضيد، وتعرفت أيضا على شخصيات محلية من مختلف المستويات العلمية، والثقافية، والاجتماعية، والفنية، ممن اعتادوا ارتياد مركز الجريدة في ساحة الكورة حيث كانت تجري الحوارات في مختلف المجالات، وأكسبني عملي في "الانشاء" الكثير من الثقافة، والمعارف، وخبرت في أجوائها تجربة واسعة، في مراحل مختلفة من المحطات السياسية والأمنية في المدينة”، بحسب نيللي.

وتتحدث نيللي من داخل الصحيفة عن معاناة صحافة الورق، وتعتبرها معاناة مزمنة، خصوصا الصحافة المناطقية، وتعرض الصعوبات التي واجهتها الجريدة لكي تستمر، لكنها، كبقية الجرائد، لم تتمكن من الصمود أكثر، ويمكن اعتبارها أنها تحملت أكثر من سواها، وصمدت أكثر من كبريات الجرائد المركزية التي لم تعد تتحمل البقاء.

مثل كثيرين من العاملين في الصحافة، تدخل نيللي أزمتها التي تهدد آمالها، وأحلامها في حياة لا تريدها إلا بسيطة، ومقنعة، بالحد الأدنى من المدخول، وبالحد الأدنى من الرعاية الصحية، متمنية تطبيق القانون ٢٠٠٠\\٢٢٠ الخاص بذوي الحاجات الخاصة، لأن المستشفيات الكبيرة لا تقبل بطاقة الاعاقة، في الوقت الذي يحتاج ذوو #الحاجات_الخاصة في كثير من المرات للاستشفاء.

وتعاهد: "أقف اليوم أمام تحدٍ حياتي كبير. رغم صعوباتي الصحية، سأظل أسعى للعثور على عمل مهما كان صغيرا من خلال خبرتي في الصحافة. لن أترك الأزمة تغتالني، ولا تغتال أملي كحق بالحياة الكريمة". 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم