الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

معارك الحديدة تتراجع تحت ضغط الديبلوماسية

معارك الحديدة تتراجع تحت ضغط الديبلوماسية
معارك الحديدة تتراجع تحت ضغط الديبلوماسية
A+ A-


أثمرت الجهود الديبلوماسية لوقف الحرب في اليمن على ما يبدو تراجع حدة المعارك في الحديدة بغرب البلاد أمس، غداة تعرض مينائها الاستراتيجي الذي يشكل شريان حياة لملايين السكان للقصف للمرة الاولى منذ اشتداد المواجهات في المدينة قبل اسبوعين.

بعد أيام من الاشتباكات العنيفة في شرق المدينة المطلّة على البحر الاحمر وجنوبها، قتل فيها نحو 600 شخص غالبيتهم من المتمردين الحوثيين، بدت أحياء المدينة، في شطرها الجنوبي خصوصاً، هادئة، استناداً الى إفادة إحدى المقيمات في الحديدة.

وقالت سيدة مقيمة في جنوب المدينة في اتصال هاتفي مفضّلة عدم ذكر اسمها: "توقفت الاشتباكات العنيفة في بداية مساء أمس. وخلال الليل، سمعنا أصوات إطلاق نار محدودة، لكن الأوضاع تبدو مستقرّة اليوم... لا أصوات انفجارات كما كنا نسمع يوميا منذ اسبوعين".

وفي مؤشر إضافي لتراجع حدة المعارك بين الحوثيين والقوات الموالية للحكومة، لم يعلن المتمردون الثلثاء عن أية أعمال عسكرية في مدينة الحديدة عبر وسائل الاعلام الناطقة باسمهم.

والاثنين، قصف مبنى صغير عند أحد مداخل الميناء في شمال المدينة، في هجوم قال الحوثيون عبر قناة "المسيرة" الناطقة باسمهم إنّه ناجم عن غارتين للتحالف العسكري الذي تقوده السعودية.

وقال الناطق باسم التحالف العقيد الركن تركي المالكي ان التحالف سيدقّق في الحادثة. وتمر عبر ميناء الحديدة غالبية المساعدات والمواد الغذائية التي يعتمد عليها ملايين السكان في بلد ترى الأمم المتحدة أن نحو نصف سكانه (27 مليون نسمة) يواجه خطر المجاعة. وأكّد نائب مدير الميناء يحيى شرف الدين في اتصال هاتفي ان بوابة الميناء الرئيسية "تعرضّت لغارات جوية ... لكن الامور تسير بشكل طبيعي في الميناء".

وتحدّث شرف الدين عن إصابة ثلاثة من حراس الميناء الخاضع لسيطرة الحوثيين، في الهجوم. لكن أربعة موظفين آخرين اتصلت بهم "وكالة الصحافة الفرنسية" واشترطوا عدم كشف هوياتهم خوفا من الملاحقة، قالوا إن قيادياً في صفوف المتمردين وثلاثة من حراسه قتلوا في القصف الذي أصاب المبنى المؤلف من غرفة واحدة. كما أفادوا أن قيادياً آخر في صفوف الحوثيين وثلاثة من حراسه أصيبوا في الهجوم.

وتخضع مدينة الحديدة لسيطرة المتمرّدين منذ 2014، وتحاول القوات الحكومية بدعم من التحالف العسكري استعادتها منذ 13 حزيران الماضي، قبل خمسة أشهر. واشتدّت المواجهات في الأول من تشرين الثاني وباتت إمدادات الغذاء مهدّدة. وقُتل 594 شخصاً (461 من الحوثيين، 125 من القوات الموالية للحكومة وثمانية مدنيين) منذ اشتداد المواجهات قبل اسبوعين. والقصف الذي تعرّض له المبنى هو أول عمل عسكري يستهدف الميناء منذ اشتداد المعارك.

وكان الأمين العام للامم المتّحدة أنطونيو غوتيريس حّذر في مقابلة مع إذاعة "فرانس انتر" الاثنين من أنه "إذا حصل تدمير للميناء في الحديدة، فقد يؤدي ذلك إلى وضع كارثي بالتأكيد".

وبدأت حرب اليمن عام 2014 بين المتمرّدين الحوثيين والقوات الموالية للحكومة، ثم تصاعدت مع تدخّل السعودية على رأس التحالف العسكري في آذار 2015 دعماً للحكومة المعترف بها دولياً بعد سيطرة المتمردين على مناطق واسعة بينها صنعاء.

وعلى وقع اشتداد المعارك في الأيام الاخيرة، وتحوّلها إلى حرب شوارع في حي سكني بشرق المدينة، تكثفت الجهود الديبلوماسية الغربية في أبوظبي والرياض، وكذلك الدعوات لوقف النار في أفقر دول شبه الجزيرة العربية.

ودولة الامارات العربية المتحدة شريكة في قيادة التحالف العسكري في اليمن، وتشرف قواتها مباشرة على معارك الحديدة وتتولى تدريب القوات الموالية للحكومة التي جمعتها في بداية السنة لمهاجمة الحديدة. وأجرى وزير الخارجية البريطاني جيريمي هانت محادثات مع العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز في الرياض الاثنين، ثم اجتمع بولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد في العاصمة الاماراتية، قبل أن يعود إلى المملكة للقاء ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان الذي يتولى أيضا منصب وزير الدفاع. والتقى هانت في الرياض كذلك نائب الرئيس اليمني علي محسن صالح.

وزار مستشار الأمن القومي الاميركي جون بولتون أبوظبي والتقى ولي عهدها الشيخ محمد بن زايد وبحث معه في ملفات المنطقة، غداة دعوة وزير الخارجية الاميركي مارك بومبيو إلى إعلان وقف النار في اتصال هاتفي مع ولي العهد السعودي.

وتدفع الولايات المتحدة إلى إجراء محادثات جديدة بين أطراف النزاع في رعاية الامم المتحدة قبل نهاية السنة. وأشارت تقارير غير مؤكدة إلى ان هذه المحادثات قد تجري في أسوج. وكان وزير الخارجية اليمني خالد اليماني بحث في لقاء مع المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة الى اليمن مارتن غريفيث في الرياض في "السبل الكفيلة بدفع عملية السلام ... وإجراءات بناء الثقة". وتأتي الدعوات لوقف الحرب وقت تتعرض السعودية لضغوط دولية على خلفية قضية مقتل الصحافي جمال خاشقجي في قنصليتها باسطنبول.

وسئل المالكي عن احتمال التوصل إلى إتفاق هدنة في الحديدة، فأجاب بان العملية في المدينة "مستمرة"، وأن أحد اهدافها "ممارسة الضغوط" للتوصل إلى إجراء مفاوضات لاحقاً.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم