الكونغرس يتشدد مع الصين وبوش يرسل اليها مبعوثين سرا

ادى الضغط الشديد الذي مارسه الكونغرس الى ارباك محاولاتنا الرامية الى انقاذ العلاقة الاستراتيجية مع الصين بانتهاج الحل الوسط. وكان تحالف غير منتظر نشأ بين اعضاء الكونغرس الليبراليين الذين خيب امالهم استهتار الصين بحقوق الانسان، والمحافظين المتشددين في مناهضة الشيوعية، بغية اتخاذ موقف اشد حزما حيال بيجينغ. وتمثل قطبا التحالف في كل من السناتور جيسي هيلمز (ساوث كارولينا) وعضو الكونغرس ستيفن سولارز (نيويورك) ونانسي بيلوسي (كاليفورنيا) التي كانت منطقتها الانتخابية تضم تشايناتاون (الحي الصيني في سان فرنسيسكو). وخلال الازمة انهالت على الرئيس طلبات الكونغرس الداعية الى اتخاذ المزيد من الاجراءات، اعقبتها تهديدات بالتشريع لجملة عقوبات اكثر تشددا من تلك التي فرضها، وكان رأيي ان هذا النهج يؤدي الى اثارة غضب الصينيين والقضاء على الاصلاح وخلق رد فعل معاكس قد يهدد العلاقة من اساسها، وفي شهادة ادليت بها امام لجنة الشؤون الخارجية في 22 حزيران اوضحت بجلاء ان استياء الرئيس من اصدقائه القدامى في بيجينغ كان حقيقيا. قلت: "يمكنهم تنظيف الساحة ولكن لا يمكنهم نظيف ضمائرهم" وحضضت الكونغرس ايضا على ان ينضم الى الرئيس في انتهاج سياسة موحدة بدلا من الاصرار على نهجه الخاص القصير النظر. وفي خطاب القيته بعد اربعة ايام امام جمعية آسيا في نيويورك حاولت تعزيز هذا الطرح. قلت: "ان استعجال القضاء على العلاقات الاميركية - الصينية البناءة، التي شكلت بعناية خلال ما يزيد عن عقدين من الزمن، لن يخدم مصالحنا ولا مصالح الشعب الصيني، بل لعله لن يعزز تلك الطموحات نحو تحقيق الديموقراطية التي كانت علاماتها ظاهرة على وجوه الملايين الذين زحفوا تأييدا منهم للطلاب في ميدان تيان ان مين". ورغم استطلاعات الرأي العام التي كانت تدعم اتجاه الرئيس الوسط بمعدلات كبيرة، اصر الكونغرس على المطالبة بفرض اجراءات اكثر تشددا. وفي الثلاثين من حزيران وافق المجلس على اجراء تعديل على لائحة خاصة بالمساعدات الخارجية، اذ اعلن فرض عقوبات اقتصادية اضافية على الصين وذلك بغالبية 418 صوتا مقابل لا شيء. وفي تموز تبعه مجلس الشيوخ ففرض العقوبات نفسها بنسبة 81 صوتا مقابل عشرة اصوات، وكانت النسب كاسحة الى حد انه كان من المتعذر التمسك بفيتو، فوقع الرئيس على اللائحة بتردد. اقتراح سري حتى في الوقت الذي انهمكنا فيه في توسيع دائرة العقوبات المفروضة على الصينيين، كنا نفكر ايضا في اساليب خلاقة تساعد في حفظ العلاقة، معترفين بأن ليس لدينا ما نفعله على صعيد ثنائي في المستقبل المنظور. وكانت فكرتنا تنطلق من ضرورة ابلاغ الصينيين سرا اننا في الوقت الذي نرى فيه ان سلوكهم غير مقبول ولا يمكن تجاهله، فان الرئيس لم يكن مسرورا عندما فرض العقوبات وانه يبحث عن طرق تساعد على انهاء حال التباعد ومع ذلك كان من الضروري ان نجعل الصينيين يدركون ان التقدم مستحيل ما لم يتخلوا عن القمع. ولكي نؤكد هذه الحقيقة بشروط لا يمكن ان يساء فهمها، اقترح الرئيس ارسال برنت سكوكروفت في رحلة سرية الى الصين. ووافقت على المبدأ ولكني اعترضت على فكرة ارسال برنت من دون وجود ممثل لوزارة الخارجية. فلم اكن استسيغ هذه المهمات السرية التي يقوم بها مسؤولون في مجلس الامن القومي. وكنت قد رأيت من كثب، خلال ولاية ريغان، ما كان يحصل للسياسة الخارجية عندما يسمح لمجلس الامن القومي بأن "يصبح فعالا"، ان النظام ببساطة يكون عاجزا عن ان يكون فعالا اذا استبعدت وزارة الخارجية عن مثل هذه النشاطات. والحق انني كنت افضل الذهاب بنفسي، ولكن مهمة من هذا النوع كان يجب القيام بها في جو من السرية المطلقة، وفي هذه الايام لا يمكن ببساطة ان يقوم وزير الخارجية برحلة من دون ان يكشف امره وهكذا اقترحت على الرئيس ان يرافق نائبي لاري ايغلبرغر برنت الى بكين فوافق على الفور. فهما صديقان وزميلان قديمان يكمل احدهما الآخر، وزودهما الرئيس رسالة شخصية الى دينغ كسياو بينغ يطلب فيها استقبالهما مبعوثين شخصيين. في 25 حزيران وبعد مباراة في الغولف في قاعدة اندروز الجوية شارك فيها كل من الرئيس ورئيس الوزراء الاوسترالي بوب هوك، عدت مع الرئيس بوش الى البيت الابيض حيث انضم الينا لاري وبرنت. واوضح الرئيس في اللقاء انه تسلم من دينغ ردا على رسالته، يعلمه فيه بموافقته على استقبالهما، وتعهد ان يحافظ على اقصى درجات السرية في ما يتعلق بالاجتماع. كان التوجيه الذي امر به الرئيس واضحا لا لبس فيه. على الصينيين ان يصبحوا...