السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

في الذكرى المئة لانتهاء الحرب العالميّة الأولى ... مقارنات ودروس

المصدر: "مجلس العلاقات الخارجيّة"
"النهار"
A+ A-

ولادة عقيدة

كانت الحرب العالميّة الأولى هي التي شهدت عقيدة حق تقرير المصير القومي وهي أنّ لكل شعب متمايز حقه بالحصول على دولته الخاصة. كان الرئيس الأميركي وودرو ويلسون هو المبشر الخاص بهذا الحق مقتنعاً بأنّ ذلك سيؤمّن الديموقراطيّة والسلام. سوّغت الحرب هذا المبدأ، أو هكذا بدا، عبر حل أربع إمبراطوريّات متعدّدة الإثنيات. لكن بحسب الكاتب، أثبت وزير خارجية ويلسون روبرت لانسينغ أنّه أكثر تبصراً من الرئيس حين أشار إلى أنّ العبارة "محمّلة بالديناميت" لأنّ الشعوب المختلفة غالباً ما طالبت بأراض متطابقة. إنّ مؤتمر باريس للسلام أنتج كارثة – "سلاماً لإنهاء جميع (أنواع) السلام"، بحسب كلمات المؤرخ دايفد فرومكين. من #البلقان إلى #كردستان ومن #أوكرانيا إلى #سوريا، يبقى مبدأ القومية عائقاً أمام التعدّديّة السياسيّة والاستقرار الإقليميّ.


"أوروبا الديكتاتوريّين"

يكتب باتريك أنّ سنوات ما بعد الحرب العالمية الأولى شهدت إيصال المشاعر الشعبوية للمتسلطين إلى السلطة، كما يحصل اليوم. يعلم الجميع قصة الفاشيّة في ألمانيا وإيطاليا، لكنّ ظاهرة الرجل القوي توسعت عبر أوروبا بما أنّ الناخبين المستقطبين رفضوا الأحزاب الليبيرالية والوسطية ومالت صوب اليسار الراديكالي أو اليمين التسلطي. كانت نتيجة ذلك "أوروبا الديكتاتوريين". اليوم هنالك ديناميّات مشابهة. وفقاً لأحدث تقرير سنوي صادر عن منظمة "فريدوم هاوس" غير الحكومية، هنالك 12 سنة متتالية من تراجع الديموقراطية. من #تركيا إلى #بولندا، من #المجر إلى #البرازيل، من #الفيليبين إلى #الولايات_المتحدة نفسها. انحسار الديموقراطية حقيقي.


بعيدون عن الثلاثينات ... ولكن

إنّ التشكيك الشعبي بالاقتصاد المعولم عزز جاذبية الاستبداد بين الحربين. استغل الشيوعيون والفاشيون غياب الثقة بالرأسمالية. لقد حصلوا على الدعم من الفئات المحرومة والتي كانت سائرة على طريق الحرمان وقد تنامت هاتان الفئتان فيما كان العالم متّجهاً نحو الكساد العظيم. فاقمت اقتصادات الدول الرئيسية ذلك الكساد من خلال تبنّي سياسات تجاريّة ونقديّة تمييزيّة وحمائيّة جزّأت الاقتصاد العالميّ إلى كتل قائمة بحدّ نفسها. بحسب باتريك، العالم بعيد اليوم عن ثلاثينات القرن الماضي. لكن مع ذلك، إنّ هجوم ترامب المباشر على منظمة التجارة العالمية، استناده إلى مقوّمات الأمن القومي لتبرير رسومه على الصلب والألومينيوم وحربه التجاريّة الشاملة مع الصين ترسل إشارات سلبيّة بحسب تعبير الكاتب.


إعادة إحياء شعار قديم

خلال الحرب العالميّة الأولى، اقترح ويلسون بنية جديدة للسلام وهي عصبة الأمم. هذا النظام من الأمن الجماعي سيتطلب من الولايات المتّحدة المشاركة في آلية تعدّديّة لمنع ومعاقبة الدول التي تشن الحروب العدوانيّة. لكنّ مجلس الشيوخ رفض ميثاق عصبة الأمم متبنّياً الانعزاليّة حتى مع اقتراب حرب عالميّة أخرى أكثر تدميراً. لقد أعاد #ترامب إحياء شعار "أميركا أوّلاً" وهو شعار الانعزاليّين في فترة ما بين الحربين. وقد زعم الرئيس الأميركيّ أنّ العولميّين يخضعون السيادة الأميركيّة للالتزامات الدوليّة.

يضيف باتريك أنّ الفراغ الحاصل يفاقم أزمة التعدّديّة المعاصرة. قبل فترة طويلة على بروز ترامب، كانت المؤسّسات العالميّة التي ورثها العالم من أربعينات القرن الماضي تكافح للتأقلم مع المعضلات الجديدة والقوى الصاعدة. لكنّ تنازل الولايات المتّحدة عن القيادة العالميّة تجعل المعضلة أكثر حدّة. يبقى السؤال حول ما إذا كانت هنالك دول أخرى قادرة على حلّها. يتابع الكاتب أنّ هذا هو طموح #ماكرون الذي يرعى منتدى باريس للسلام (باتريك عضو في لجنته التوجيهيّة) والذي يصفه الرئيس الفرنسيّ بأنّه "فرصة للتفكير بالحوكمة العالميّة ... والاعتراف بمسؤوليّتنا الجماعيّة".


مشاكل ماكرون

ستبقى إمكانيّة فرنسا في ضخّ حياة جديدة في التعدّديّة محطّ متابعة. لكنّ موقع ماكرون السياسيّ الداخليّ ضعيف إضافة إلى أنّ حلفاء فرنسا التقليديّين مترنّحون. غير أنّ أكبر مشكلة لماكرون تكمن في الولايات المتّحدة التي تبدو فجأة غائبة. إنّ فترة ما بين الحربين تعطي درساً واضحاً: حين تنسحب #واشنطن يتمدّد العدوانيّون حول العالم. لو انضمّت الولايات المتّحدة إلى العصبة، لكان بإمكانها أن توقف الاعتداءات النازيّة في بداياتها. ومن دونها، لم يكن لتلك الهيئة أي فرصة لذلك. ويختم باتريك مقاله بالتشديد على واقعيّة فكرته في وقت يفكّك ترامب العالم الذي صنعته الولايات المتّحدة نفسها.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم