الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

جبران تويني: حتى لا تتحكّم أقلية بالأكثرية... #الحقيقة_لا_تموت

المصدر: "النهار"
جبران تويني
جبران تويني: حتى لا تتحكّم أقلية بالأكثرية... #الحقيقة_لا_تموت
جبران تويني: حتى لا تتحكّم أقلية بالأكثرية... #الحقيقة_لا_تموت
A+ A-

لمناسبة اليوم الدولي لإنهاء الإفلات من العقاب، نستعيد المقال التالي للشهيد جبران تويني الذي نُشر في 25 آب 2005:

لم يعد مقبولاً ان تبقى الحكومة مكتوفة، مشلولة القرار والتحرك، خاضعة "لأقلية" سياسية تتصرف ببساطة وكأنها هي الاكثرية الحاكمة!

فاما ان تسير الحكومة اليوم في التعيينات ممارسةً حقها الطبيعي كحكومة تمثل الاكثرية النيابية، او ان تستقيل وترحل فوراً لتسلم الحكم الى "الأقلية" الحاكمة فعلاً. وليؤلف عندئذ الرئيس اميل لحود وحلفاؤه في الحكم، "حزب الله" وحركة "أمل" وبقية القوى الداعمة لسياسة الوصاية السورية في لبنان، حكومة ولتنتقل الاكثرية النيابية الى موقع المعارضة!

فلا يجوز أبداً ان تبقى هذه الحكومة في سدة المسؤولية لحظة اضافية ما دامت عاجزة عن الحكم. فهي تتحمل كل السلبيات والاعباء التي تتحملها عادة اكثرية حاكمة دون ان تستفيد من الايجابيات التي تستفيد منها عادة أكثرية تحكم فعلاً وقولاً!

ذلك أن استمرار الحكومة في تلك السياسة سيؤدي الى خسارة الاكثرية النيابية كل الانجازات التي حققتها ابتداء من 14 آذار.

نقول هذا الكلام بعدما تبيّن لنا ان الرئيس اميل لحود انتقل من موقع الحَكَم الذي ينص عليه الدستور ويفرضه على رئيس الجمهورية، الى موقع الفريق في الحكومة ممثلاً - يا للمهزلة – بحصّة ومحاولاً فرض "وجهة نظره"، مستقوياً بحليفه الأساسي في الحكم أي "حزب الله".

وما لا يجوز الاستمرار فيه هو الابهام في تفسير اتفاق الطائف، المرة بعد المرة، سواء في الشأن الأمني أو العسكري، أو في شأن التوازنات الطائفية، اذ لا ينص الطائف على "حصص" لأحزاب في تعيينات الفئة الأولى، بل على حصص لطوائف دون ان يعطي الحق لاحتكار أي طائفة لأي حزب أياًِ يكن هذا الحزب.

ومحاولة الاحتكار الحزبية للطائفة الشيعية في شأن التعيينات وغيرها يخدم بصراحة مبدأ "فيديرالية الطوائف" الذي يخدم بدوره مخطط تفتيت المنطقة !

واستسلام الحكومة لهذا الامر الواقع يعني انها تساهم هي أيضاً في تطبيق مبدأ التقاسم، كي لا نقول التقسيم !

فـ"حزب الله"، ويا للأسف، اصبح اليوم يتعاطى وحليفه على رأس الحكم وعمقه السياسي والعسكري الاقليمي، كأنه يمثل الاكثرية الحاكمة محاولاً فرض سياسته وسياسة حلفائه الامنية والعسكرية والاقتصادية والخارجية، وحتى التربوية، وهذا ما تبيّن من خلال الهجمة غير المبررة، كي لا نقول المفترية، على نقيب المعلمين لأنه سافر الى الولايات المتحدة ضمن برنامج تبادل تربوي يخدم مصلحة التربية في لبنان !

وكأني بـ"حزب الله" قد تحول من مقاومة الاحتلال الاسرائيلي الى مقاومة حكم الاكثرية وفرض معادلة داخلية باسم اقلية مستندة الى السلاح.

فهل هذا هو هدف سلاح "حزب الله"؟ وهل يجوز ان يتمسك الحزب وحلفاؤه بالسلاح على حساب السيادة الامنية والعسكرية للدولة المركزية؟

بمعنى آخر، هل يجوز في نظام ديموقراطي يقوم على التوافق والحوار، ان تكون الاكثرية النيابية رهينة الاقلية لمجرد انها تمثل فريقا مسلحاً؟

ان مصارحة اللبنانيين بعضهم البعض ضرورية في هذا الظرف الدقيق عشية تسليم رئيس لجنة التحقيق الدولية تقريره، حول اغتيال الرئيس رفيق الحريري الى الامين العام للامم المتحدة كوفي انان.

كذلك لا يجوز ان نبقى غارقين في ضبابية يحاول اعداء لبنان من خلالها نسف عمل اللجنة والقاء ظلال على صدقية رئيس لجنة التحقيق ديتليف ميليس وتقليل اهمية عمل اللجنة، وتصويرها كأنها تعمل لاعلان الحقيقة من اجل عائلة الشهيد رفيق الحريري وليس من اجل لبنان الذي تلقى الضربة الكبرى في 14 شباط.

ولا بد من التذكير هنا بأن هذه اللجنة عيّنها مجلس الامن الدولي وليس آل الحريري، بقرار واضح اعتبر فيه ان اغتيال الرئيس رفيق الحريري عمل اجرامي ارهابي لا يستهدف الحريري ولبنان فحسب، بل العالم العربي ومنطقة الشرق الاوسط بكاملها ومعها الاستقرار الدولي. ولهذا السبب صنّفت الجريمة عملا ارهابيا دوليا.

وهذا يفرض على اللبنانيين التيقظ والتنبه الى حملات التضليل التي يقوم بها، كل من لا يريد كشف الحقيقة حول اغتيال الرئيس رفيق الحريري. وهي الحقيقة التي قد تفضح ليس فقط مشروع المؤامرة التي استهدفت لبنان، بل ربما مشروع المؤامرة الهادفة، الى زعزعة الاستقرار السياسي والجيوسياسي من المحيط – الى الخليج!

واننا نشدد على ان معرفة الحقيقة وكشف المتآمرين امران اساسيان وبغاية الاهمية اذا كنا نريد حقاً الانتقال من الوصاية الى تكريس مفاعيل انتفاضة الاستقلال، انتفاضة 14 آذار، وتحصينها. وهذا لا يمكن ان يحصل الا اذا بادرت حكومة الاكثرية النيابية الى "منح" نفسها الثقة لأن هدفها ان تحكم لا ان تشل الحكم في انتظار تقرير ميليس، مما يخدم مصالح الذين راهنوا، وما زالوا، على عامل الوقت للانقضاض على لبنانّ!

وعلى الحكومة ان تواجه هذا التحدي، فاما ان "تمنح" الثقة لنفسها بنفسها وتقدم على القرارات الصعبة، أو تحجب عنها ونحن اول الحاجبين.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم