الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

والدة رلى يعقوب تسأل: "أين العدالة والضمير"؟...

المصدر: "النهار"
أسرار شبارو
أسرار شبارو
A+ A-

خمس سنوات مرّت على لفظ رلى يعقوب آخر أنفاسها، خمس سنوات على حرمانها من الحياة وحرمان بناتها الخمس من حنانها، ليُكتب عليها الرحيل الأبدي في حادثة هزّت الرأي العام بعدما اتهمت عائلتها زوجها بضربها حتى الموت، لتعود قضيتها إلى الواجهة بعد صدور حكم محكمة الجنايات في الشمال "ببراءة" زوجها كرم البازي، وذلك بأكثرية مستشارين هما القاضيان خالد عكاري وزياد الدواليبي، ومخالفة رئيس المحكمة القاضي داني شبلي.

صدمة "البراءة"

والدة رلى التي كانت تنتظر على أحرّ من الجمر، كما قالت، أن ينال" قاتل ابنتها عقابه"، صُدمت في الأمس بتبرئته، وعلّقت في اتصال مع "النهار" على ذلك" شو بدي قول، اذا القضاة باعوا ضميرهم على دم بنتي، وين العدالة والحق والضمير"؟ وأضافت: "هل يقبل القضاة هكذا حكم لو ان ابنتهم كانت الضحية، بعد خمس سنوات ونصف السنة من الانتظار أُصعق بهكذا حكم"؟! في حين تساءلت ابنة خالة رلى: "على أي أساس استندوا لتبرئته؟ هذا ما يقهرنا"، مشيرة إلى أن "في قرارهم فتحوا المجال لجميع الرجال كي يقتلوا زوجاتهم. فقد تم توقيف البازي ستة أشهر فقط، وهو الحق العام قبل أن يطلق سراحه، ليعاد توقيفه في التاسع من الشهر الماضي بسبب إصدار الحكم ليعاود خروجه من السجن بريئاً، نحن نعلم ان عدالة السماء أهم من عدالة الارض، لكن لن نسكت عن حق رلى، سنميز الحكم ونتابع القضية حتى النهاية"، لافتة ألى أن "والدة رلى حُرمت من ابنتها وأولادها، فكرم يمنع بنات المرحومة الخمس من زيارة جدتهن".


حكم مجحف

وكيل رلى المحامي مصطفى العكاري، قال لـ "النهار" أن "الحكم مجحف، ارتكز على نقاط مشوّهة، منها وقائع لم تحصل، كالقول إنه تم تصوير رقبة الضحية بعد اخراج الجثة من القبر، عدا عن مناقضة بنات رلى لإفاداتهن، وعدم الأخذ بإفادة الجار الذي سمع صوت الصراخ، حيث اعتبر القضاة أنه لم يرَ إن حصل تعنيف للضحية". وأضاف: "في ما يتعلق بالتقارير الطبية، كُلّف بداية طبيبان شرعيان، ومن ثم طبيبان آخران للكشف على الجثة لحظة الوفاة، ووضعوا تقاريرهم مشيرين إلى أن الوفاة طبيعية، طعنوا أثناء التحقيقات بهذه التقارير مشددين على وجود عنف أدى الى الوفاة، عندها كلف قاضي التحقيق لجنتي اطباء تضم أطباء متخصصين وفنيين من طرابلس وبيروت، أجمعتا في تقاريرهما على امكانية أن يكون النزيف حصل نتيجة تعرض سابق للعنف، إلا أن الحكم لم يأخذ بهذه التقارير، حيث فسر القاضي نظرية الإمكان لمصلحة المتهم، مع العلم أن الحكم بني على اساس تقرير لجنة الأطباء الشرعيين التي كشفت على الجثة لحظة الوفاة، على الرغم من أن تقرير لجنة الخبراء أشار إلى أن تقرير لجنة الأطباء الشرعيين لا يرتقي إلى المستوى العلمي المطلوب، وهذا ما دفع رئيس المحكمة الى مخالفة القرار، إذ كان لديه اتجاه لإدانة المتهم".

وأكد العكاري: "سنميّز الحكم كما ميّزته النيابة العامة، وسيقبل شكلاً وسنستند إلى اسباب تمييزية معينة ضمن نطاق الحكم إن كان هناك تشويه الوقائع والبت بطلبات تقدمنا بها،  وسنحاول الوصول الى أطباء خبراء كي يضعوا تقريرا بعد الاطلاع على التقارير الطبية التي ارتكز عليها القضاة".

"أيقونة الضحايا"

نص الحكم وتفاصيله نشرته جمعية "كفى عنف واستغلال" على صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي "فايسبوك". وفي اتصال مع "النهار" عبّرت مديرة الجمعية زويا روحانا عن صدمتها بتبرئة البازي فقالت: "بعد انتظار خمس سنوات لقرار المحكمة في قضية رلى يعقوب التي اصبحت أيقونة ضحايا العنف الأسري صدمنا بتبرئة القاتل لعدم كفاية الدليل، على الرغم من وجود العديد من الادلة في الملف، والتي كان بالإمكان الأخذ بها، خاصة أن رئيس المحكمة اعتبر أن كل الادلة تشير إلى أن القضية تدخل في إطار الجنايات". واضافت: "ما أثلج صدورنا بعد هذه الصدمة طلب مدعي عام التمييز القاضي سمير حمود تمييز الحكم، ونحن كجمعية سنتابع القضية إلى نهايتها، من خلال محامي "كفى" مصطفى العكاري أحد وكلاء الضحية".

حكم "موضوعي وقانوني"

من جانبه، اعتبر وكيل كرم البازي المحامي جورج ديب ان حكم المحكمة موضوعي وقانوني، وقال: "القضاة حكموا وفق معطيات الملف، فلا أحد يمكنه ان يحكم وفق رغباته، كما ان الثابت حتى في المخالفة التي ذكرها الرئيس داني شبلي عدم وجود عنف يوم الوفاة.  ثانياً المحكمة معروفة من قبل جميع أبناء الشمال بنزاهتها، نعم اختلف القضاة بقناعاتهم القضائية وهذا امر طبيعي يحصل في الكثير من الاحيان، اضافة الى ذلك تم تشكيل 3 لجان خبراء، وباقي اللجان هي لجان استشارية تقاريرها لا تلزم القاضي، وقد ناقش الحكم كل الاحتمالات ووضعت 3 آراء طبية في الملف، الرأي الاول اعتبر ان سبب الوفاة انفجار شريان الدم، الرأي الثاني اعتبر انه من غير الممكن ان يكون هذا الشريان هو المسبب بالوفاة على الرغم من انه لم يعاين الجثة، الرأي الثالث تحدث عن انفجار في الدماغ من دون تحديد سببه، تمت مناقشة الاحتمالات الثلاثة  والخلاصة كانت قانونية".

"كفى ضغوطات"

وذكّر ديب بقرار قاضي التحقيق الذي منع المحاكمة عن البازي "حيث توصل الى ذات النتيجة التي وصلت إليها المحكمة". وقال: "لدينا 3 قرارات لمنع المحاكمة عن موكلي، أولاً  مطالعة النيابة العامة في الأساس، بعدها القرار الظني، وأخيرا حكم محكمة الجنايات". وعن طلب المدعي العام تمييز الحكم اجاب: "له  الحق بطلب ذلك، ومحمكة التمييز لا يمكنها وضع يدها على الملف الا اذا كانت الشروط المنصوص عليها متوفرة، كما يجب ابلاغنا بالتمييز كي نقدم جوابا عنه، بعدها تقرر المحكمة قبوله من عدمه، واذا قبلت المحكمة تمييز الحكم عندها سيقدم كل منا دفوعاته التي تخدم قضيته، ويبقى على المحكمة ان تقرر إما تصديق الحكم او فسخه". وعما إن كان يخشى من ثغرة في الملف أجاب: "أستبعد ذلك". وعن تأثير الراي العام على القضية علّق: "لا أعلم لماذا كل هذا التحريض الإعلامي، وكأن الإعلام اصبح المحكمة يتهم ويصدر الحكم ولم يبق عليه إلا تنفيذه، وصل الضغط المعنوي الى حد الارهاب على القضاة والناس وسير العمل، فلنترك المحاكم تقوم بمهامها من دون اي ضغوطات خارجية".

استغراب وامل

وكانت "كفى" قد استغربت في منشورها على "فايسبوك" كيف أن "شهادة السيّدة التي حضرت إلى منزل الضحية مساء وقوع الجريمة واختلت بإبنة رلى يعقوب التي أخبرتها أن والدها كان قد ضربها وضرب أمّها وهدّدها بالقتل إذا أخبرت ما جرى، لم ترتقِ، بالنسبة للقاضيين، "الى مستوى الدليل" الذي يكوّن قناعة بتسبّب المتّهم بقتل زوجته". كذلك الأمر بالنسبة لـ"شهادة الجار الذي سمع صراخاً خارجاً من منزل الضحية قبل وقوع حادثة الوفاة بحوالي نصف ساعة وشبّه ما سمعه "بالتحقيق"، إذ كان هناك شخص يسأل ثم يتبع سؤاله بالضرب. هذه الشهادة أيضاً "لا ترتقي الى مستوى الدليل" الذي يكوّن قناعة لدى القاضيين بمسؤولية الزوج".

واضافت "كفى": "العنف المتكرّر والثابت بملفّ القضية الذي كانت تتلقّاه رلى يعقوب من زوجها والذي كانت معالمه لا تزال واضحة على جثّة الضحية، استهجنه القاضيان في الحكم، لكنه "لم يرتقِ إلى مستوى الدليل" على إدانه المتّهم"، لافتة إلى أن "ما ارتكز عليه حكم الأكثرية هو أقوال ابنتيّ رولا يعقوب الصغيرتين، الخاضعتين لوصاية الأب والتي كانت ترافقهما الى التحقيق عمّتهما، ما جعل البنت التي كانت أخبرت الشاهدة الأولى عن ضرب والدها لها ولأمها ليلة الوفاة، غيّرت أقوالها فيما بعد".

وأوضحت أن "القاضي داني شبلي، رئيس المحكمة، خالف قرار الأكثرية، واعتبر أن ما كل ورد أعلاه يرتقي إلى مستوى الدليل، وأن كرم البازي أقدم على التسبب بوفاة زوجته، وفعله هذا يعتبر من نوع الجناية"، مؤكدة أن "قضية رلى يعقوب لم تنتهِ بصدور هذا الحكم، سنذهب الى التمييز، آملين أن يكون حكم التمييز منصفاً وعادلاً".

موجة استنكار  

كما عبّر رواد مواقع التواصل الاجتماعي عن استنكارهم  لقرار المحكمة بتبرئة البازي، منهم الفنانة اليسا التي غرّدت" "رلى يعقوب عفوا رلى... فدولتنا لا يهمها ارواحنا ... عذرا رلى ... عذرا بدموع أمك التي بكتكِ ٥ سنوات وما زالت تبكي وستبكي بعد إصدار إخلاء السبيل أكثر ... عذرا لروحك لوجعك ولجسدك الذي لم يكن كفيلا بأن يكون دليلاً"، اما الناشطة عليا عواضه فكتبت" زوج رلى يعقوب ضربها لحد الموت بكل برودة أعصاب واستشراس، وبعد مرور خمس سنوات على مقتلها قررت محكمة الجنايات في لبنان الشمالي أن كل التعنيف الذي تعرضت له رلى وكان ظاهرا على كافة أنحاء جسمها ورأسها لم  يرتقِ الى مستوى الدليل... يا خجلنا من والدتك".

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم