الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

الموت المزروع بين اللبنانيين يخطف حياة ابن الثلاثين... محمد ارتقى "شهيد لقمة عيشه"

المصدر: "النهار"
أسرار شبارو
أسرار شبارو
A+ A-

حمل عدّة العمل وانطلق ليشيّد لزبون سقفاً من "الاترنيك"، ما إن بدأ بمهمته حتى غدره كابل كهربائي، صعقه في يده قبل ان تخرج الكهرباء من رأسه، سقط غائبا عن وعيه لينقل الى المستشفى ويمكث اياما في العناية الفائقة، إلى أن سلّم الروح صباح اليوم، معلناً نهاية شاب كافح من اجل لقمة العيش لكنه سقط في الميدان... هو محمد العناني ابن #طرابلس الذي أطبق عينيه الى الابد، وهو في الثلاثين من العمر.

مهمة قاتلة

منذ يوم الجمعة الماضي، تعيش عائلة العناني كابوساً، فمن ودّعها صباحا وانطلق الى عمله لم يعد الى منزله، بل كان المستشفى وجهته. ووفق ما شرحه ابن عمته عمر هوشر لـ"النهار"، فإنّ محمد "يعمل على حسابه الخاص حداداً عربياً وافرنجياً، وعند وقوع الحادث معه، كان في مهمة ثقب الحائط لتجهيزه وتركيب السقف، لكن فجأة صُعق بكابل كهربائي ممدود في المكان عائد الى احدى مولدات الميناء. لا نعلم كيف لامسته يده أثناء عمله، تم نقله بسرعة الى مستشفى المنلا في حال موت دماغي"، واضاف: "كان أملنا أن يستعيد وعيه وعافيته، لكن عند الخامسة والنصف من صباح اليوم انتهى كل شيء بعدما لفظ انفاسه الأخيرة".

حلم لن يتحقق

ابن الميناء رحل تاركاً والديه وشقيقيه وشقيقاته الثلاث في حال يرثى لها، لا بل كما قال هوشر: "كل من عرف محمد هو في حال حزن على فراقه. لن أتحدّث عن صفاته الحميدة لأنّ كل الكلمات لا تفيه حقه". واضاف: "كل ما تمناه محمد من هذه الحياة وعمل لأجله كان تأسيس عائلة، اجتهد من اجل تحقيق هذا الهدف، لكن يا للاسف، لم يمنحه الزمن عمراً كي يحقق حلمه، خطفه الموت في غفلة وهو منهمك في عمله"، واشار هوشر إلى أنّ والد محمد "كان في الامارات حيث يعمل عندما وصله الخبر المفجع، ليصعق بفلذة كبده يصارع الموت قبل ان يستسلم له".

من المسؤول؟

فتح مخفر الميناء تحقيقاً بالقضية، "رفعت عائلة العناني دعوى لحفظ حق ابنها، مع العلم أنّ مالك المولد متجاوب معنا"، قال هوشر، لكن حادثة وفاة محمد تذكّر بحادثة موت المياوم في شركة الكهرباء (KVA) دائرة جب جنِّين ربيع مريش الذي لفظ أنفاسه قبل نحو اسبوعين اثناء اصلاح عطل في بلدة عيتا الفخار، بعدما فاجأته الكهرباء من شريط عائد لمولد بصعقة قاتلة، ما يطرح السؤال: مَن المسؤول عن تنظيم مدّ الاشرطة الكهربائية للمولدات ومراقبة صيانتها؟ عن ذلك، اجاب محافظ الشمال القاضي رمزي نهرا في اتصال مع "النهار"، بالقول: "مَن يريد مدّ شريط كهربائي جديد يحتاج الى إذن، كما اننا نمنعه من التعدي على الاملاك العامة والخاصة، ونطلب من القوى الامنية مراقبة ذلك، لكن الاشرطة الكهربائية الممدودة قديماً لا سيما داخل الاحياء السكنية يصعب تنظيمها وضبطها".

دفع محمد كما ربيع وغيرهما، العُمر ثمن فوضى المولدات والاشرطة الكهربائية الممدة بطريقة عشوائية في مناطق لبنانية عدّة، فمتى ستتحرك الدولة وتضع حدّاً للموت "المزروع" بين المواطنين؟

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم